حقائق إسرائيلية بشأن فشل هزيمة المقاومة

حقائق إسرائيلية بشأن فشل هزيمة المقاومة

22 مايو 2024
+ الخط -

لعلّ الأمر الأهم الذي يرتسم أمامنا من تحوّل "كابينيت الحرب الإسرائيلي" في الفترة القليلة الماضية إلى مجلسٍ يمزّقه الشكّ والريبة ومنقسم ومتنازع فيما بينه، هو ظهور عجز إسرائيل عن تحقيق أهدافها من الحرب على قطاع غزّة. وثمّة محلّلون كثيرون في إسرائيل يعتقدون أن ما وصف بأنه تطاحن علني بين أعضاء هذا المجلس، والذي بدأ في مؤتمر صحافي عقده وزير الدفاع يوآف غالانت، واستمرّ عبر سيل من التعليقات والردود المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والمعارضة له، وانتهى حتى اللحظة في المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير بيني غانتس، يشكل خطراً على أمن إسرائيل.

صحيح أن الفئة التي تقرّ بأن إسرائيل هزمت في 7 أكتوبر (2023) ما زالت قليلة، إلا أن هناك شبه إجماع على أنها تلقّت ضربة قاسية، والملفت أكثر شبه الإجماع أيضاً على أنها منذ ذلك الوقت لم تنهض فعلاً، ولا تزال عالقة في ما بات يُصطلح على تسميتها مصيدة استراتيجية في عدة جبهات قتال.

وما يقف في صلب الأهداف التي عجزت الحرب عن تحقيقها بالأساس هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية، وبالذات على حركة حماس، بما يتيح المجال أمام إمكان إنشاء حكم بديل في قطاع غزّة في اليوم التالي للحرب. وفي هذا الصدد، من المهم أن يُشار، بالاستناد إلى ما يظهر في الإعلام الإسرائيلي، إلى أن الجديد المتعلق بهذا يكمن في الإقرار باستحالة الوصول إلى هذا الهدف، مثلما في وسع الوقائع التالية أن تثبت:

أولًا، ذكرت صحيفة معاريف أمس (21/5/2024) أن زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى إسرائيل، والتي عقد خلالها اجتماعات مع قيادتي المؤسّستين السياسية والأمنية، هدفت، من بين أمور أخرى، إلى نقل وجهة نظر راسخة لدى الإدارة الأميركية، أنه لا يمكن هزيمة "حماس" من ناحية عسكرية، بل فقط من خلال طرح بديل سلطوي لها، وأن مقاربة نتنياهو الذاهبة إلى أنه ينبغي أولًا القضاء على "حماس" ثم طرح البديل لـ"اليوم التالي"، لا تعدو كونها ضرباً من العلاقات العامة، ومحاولة جني فائدة سياسية من التظاهر بمغايرة الموقف الأميركي.

ثانيًا، قبل عدة أيام، قدّم نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يورام حيمو، استقالته من منصبه بشكل احتجاجي، ومما كتبه في رسالة استقالته: "تحقيق هدف إقصاء حماس من السلطة في قطاع غزة هدف استراتيجي مهم للغاية من أجل بلورة البيئة القريبة من إسرائيل، غير أن الطريق إلى بلوغه ما زالت طويلة جدّاً بالمقاربة الحالية، وثمّة شك فيما إذا كان يمكن بلوغه أصلًا. ومع أنني أعتبر أن هناك إنجازات في غزّة وهي مهمّة، إلا أنها استنفدت تأثيرها الإيجابي" على "اليوم التالي" للحرب.

ثالثًا، في الأسبوع الفائت، أصدر عضو الكنيست عميت هليفي من حزب الليكود، وهو عضو في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، بياناً عقّب فيه على تصريحات وزير الدفاع غالانت التي قال فيها إن "حماس" لم تعد تؤدي مهمّاتها كمنظمّة عسكرية، بعد أن جرى تدمير جميع كتائبها. وأكد هليفي أنه، بوصفه عضوًا في اللجنة البرلمانية المذكورة التي تستمع إلى تقارير أمنية من كبار المسؤولين العسكريين، يمكن أن يؤكد أن غالانت لا يقول الحقيقة. ومما كتبه حرفيًّا: "تؤكد الوقائع أن جميع كتائب حماس من دون استثناء وكذلك كتائب الجهاد الإسلامي ما زالت ناشطة. فلم تتوقف أي كتيبة عن نشاطها، ولا تفتقر أي كتيبة إلى قائدها أو إلى قادة فرقها. صحيحٌ أنه تم المساس بجزء منها، ولكن بشكل أقل بكثير مما يجري نشره على الملأ كذبًا. والأكيد أنه لم يتم تدمير أي كتيبة مطلقًا".

أخيرًا، لا بُدّ من الإشارة إلى أن ما تعرضه واشنطن لتجاوز فشل إسرائيل في هزيمة "حماس" تواطؤ دول عربية والسلطة الفلسطينية على طرح بديلٍ عن هذه الحركة.