الدراما الخليجية تشهد صعود "النجم الأوحد"

الدراما الخليجية تشهد صعود "النجم الأوحد"

22 ديسمبر 2014
هدى حسن في بسمة منال (العربي الجديد)
+ الخط -
صعود النجم الأوحد هو أمر طارئ على الدراما الخليجية، وهي دراما نهضت بالقوة البشرية الطموحة ممثلة بنجوم الفن الخليجيين، وفق قناعتي، لا بعدد الفضائيات العربية الخليجية التي تقف خلفها. هذه القوة البشريّة ما كانت لتثبت نفسها لولا الجهد الجماعي في التنفيذ والبطولات الجماعية في التمثيل التي ميّزت مرحلة الدراما الخليجية في انطلاقتها، ولا سيما في ثمانينيات القرن الفائت.

في ذلك الوقت شكّل المسلسل الكويتي "خالتي قماشة" وقت عرضه اختراقاً حقيقياً للوجوه والأسماء الخليجية لمساحة البث الدرامي العربي، وقد كرّس العمل عربياً أسماء تمثيلية عديدة، من بينها الفنانون حياة الفهد (قماشة)، وسعاد العبد الله (محبوبة)، وغانم الصالح (سلطان)، وعلي المفيدي (حنظل) وآخرون. أحببناهم من خلال حكاية الأم "قماشة" التي تسعى إلى الحفاظ على سلوك أبنائها، من خلال مراقبتهم بكاميرات تجسس إلى أن تأتي "محبوبة " زوجة ابنها الأصغر المدلل سلطان لتكتشف سر هذه الكاميرات، وتنشب الخلافات والمشاكل بين "محبوبة" الكنّة و"قماشة" الحماة.

استحقاق العمل الجماهيري كان في بطولته الجماعية. فوسط صراع الكنّة والحماة، لم تشكّل الفنانتان الفهد (الحماة) والعبد الله(الكنة) والفنان غانم الصالح (الابن والزوج) وحدهم حوامل الحكاية الطريفة. إذ سيتفرد علي المفيدي (حنظل) بدور البخيل وسيشكل ثنائياً طريفاً مع مريم الغضبان (نسمة) التي لا تكف عن الأكل. ولعلنا لا نبالغ بالقول أنّ "خالتي قماشة" الذي عرض عام 1983 ومعه مسرحية "باي باي لندن" شكّلا المعادل الفني لمسرحية "مدرسة المشاغبين" المصرية، التي خرّجت جيلاً من كبار نجوم الدراما المصرية، أو مسلسل "هجرة القلوب إلى القلوب" السوري الذي احتشد فيه كل نجوم الدراما السورية انطلاقتها الجديدة في تسعينيات القرن الفائت. وكذلك كرّس مسلسل "خالتي قماشة" جيلاً من نجوم الصف الأوّل اليوم في الدراما الخليجية.

لعلّنا لا نبالغ بالقول إنّ كثيراً من الأعمال الخليجية التي غدت الأشهر عربياً قامت على بطولات جماعية، وحتى حين تغيب البطولة الجماعية، كانت الثنائيات الفنية تبرز في بطولات الأعمال الخليجية. قدّمت هذه الثنائيات تجارب لافتة برز منها في ثمانينيات القرن الفائت ثنائية (سعاد عبد الله - حياة الفهد)، و(سعاد عبد الله - عبد الحسين عبد الرضا). وكان آخر هذه الثنائيات ثنائية (ناصر القصبي - عبد الله السدحان) في سلسلتهم الشهيرة (طاش ما طاش).

نجاح الأعمال الدرامية التي تصدّت لبطولتها تلك الثنائيات، كان من شأنه تكرار التجربة الفنية عبر مسلسلات الأجزاء، أو استثمار نجاحها في كتابة نصوص جديدة لتلك الثنائيات، كما كان الحال، على سبيل المثال مع الفنانتين حياة الفهد وسعاد عبد الله، اللتين قدّمتا معاً كثنائي مجموعة من أهم الأعمال في الدراما الخليجية أشهرها: رقية وسبيكة، على الدنيا السلام، خالتي قماشة، سليمان الطيب، خرج ولم يعد، ودرس خصوصي. وعادتا بعد عشرين عام من الافتراق لتقدما في الموسم الرمضاني الدرامي 2013 مسلسل "البيت بيت أبونا".

تلك التجارب بدت بمجملها عصراً ذهبياً للدراما الخليجية على الصعيد العربي. بعدها، شهدنا مرحلة تخاصم هذا العصر مع صعود النجم الأوحد في هذه الدراما، وتزامن ذلك مع قيام عدد من نجوم الخليج، ولا سيما النساء منهم، بإنشاء شركات إنتاج فنية والقيام بالإنتاج لأنفسهم، كما فعلت الفنانة حياة الفهد التي تقوم بكتابة عدد من أعمالها أيضاً، والفنانة سعاد العبد الله، والفنانة هدى حسين، والفنانان سعد الفرج وطارق العلي في الكويت، والأخوات سبت في الدراما البحرينية، والفنانون أحمد الجسمي، بدرية أحمد، هدى الخطيب في الإمارات، والفنان عبد العزيز جاسم في قطر، والفنانون عبد الله السدحان، فايز المالكي، حسن عسيري، فهد الحيان، مشعل المطيري في السعودية.

وكلما ذكرنا اسم فنان تحوّل إلى منتج، ارتبط ذلك بالحديث لاحقاً عن ظهوره كنجم أوحد في عمل تلفزيوني، باستثناء الفنان أحمد الجسمي الذي لم يستثمر صفته منتجاً، في بطولة مطلقة لأعماله.

بالتأكيد لا نقلل من أهمية تجارب عديدة قامت على نجم واحد هو المنتج، إلّا أنّ تلك الحالات بقيت في خانة الاستثناء. فالقاعدة كانت في إنتاج أعمال أقل ممّا بشّرت به المرحلة الذهبية للدراما الخليجية أو حتى الإنتاجات الأولى لهؤلاء بصفتهم منتجين، والتي بدأت كمشاريع فنية شخصية، وانتهت إلى مشاريع شخصية فنية. وللترتيب ما بين الفني والشخصي هنا أهمية لابد من الانتباه إليها.. الأمر الذي تفسّره، على سبيل المثال، أعمال قام التلفزيون السعودي بتعميدها لصالح فنانين سعوديين (أي إسناد مهمة منتج منفذ لأعمالهم)، وهذه المهمة الأخيرة أغرت عدداً من نجوم الدراما الخليجية، لتنفيذ مشاريعهم الفنية الخاصة.

فبعدما كنا نرى نجوماً مثل عبد الله السدحان، فايز المالكي، حسن عسيري، فهد الحيان، مشعل المطيري يجتمعون في عمل أو أكثر، بتنا اليوم نراهم كلاً في عمل مستقل، وكل واحد منهم ينهض بمهمة المنتج، والنتيجة وإن بدأت مبشّرة بوصفها كانت بداية مشروع فني شخصي، سرعان ما انتهت على نحو مخيب مع تحولها إلى مشروع شخصي وحسب، كما حدث في رمضان 2013، إذ أنتج حسن عسيري الجزء الثاني من عمله "كلام الناس"، وأنتج عبد الله السدحان "هذا حنا" وأنتج فهد الحيان "هشتقة 2 " بعد أن تم تعميدهم من قبل هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية، ولم تكن النتيجة مرضية قياساً بالشكل والنجاح الذي حققته الأجزاء الأولى من هذه الأعمال.

من دون شك، صعود النجم الأوحد ليس مشكلة الدراما الخليجية الوحيدة، وهو ليس مشكلة دائماً، لكنّها من دون شك بدت ملحّة تستدعي تجاوزها، مع أسماء بعينها قياساً بحضورهم الفاعل ضمن البطولات الجماعية والثنائيات الفنية. ولننظر على سبيل المثال إلى بطليْ "طاش ما طاش" ناصر القصبي وعبد الله السدحان، ولنتساءل ما الذي أنجزاه وحيدين، قياساً بما أنجزاه عندما كانا ناصر وعبد الله.

دلالات

المساهمون