"التشدّد الديني" الألماني والموريتاني يتنافسان في أبوظبي

"التشدّد الديني" الألماني والموريتاني يتنافسان في أبوظبي

31 أكتوبر 2014
"التشدّد الديني" الألماني والموريتاني يتنافسان في أبوظبي/Getty
+ الخط -
تتّفق الرؤى الدينية المتشدّدة في فيلم المخرج الألماني ديتريتش بروجمان "دروب الصليب" وفيلم الموريتاني عبد الرحمن سيساكو "تمبكتو"، من حيث ضيق الأفق وتراجع مساحة التسامح الإنساني، فضلاً عن تحريم الموسيقى، وإن كانت في مدرسة لضبط إيقاع التمارين الرياضية، أو في بيت حيث يعزف أصدقاء ويغنّون.

ورغم تباعد الجغرافيا، التي تدور فيها أحداث الفيلمين، فإنّ للتشدّد أرضاً واحدة يقف عليها من يظنّ نفسه امتلك الحقيقة المطلقة، وينظر إلى الآخرين باستعلاء، على اعتبارهم غير مؤمنين تماماً بما يتصوّر أنّه الدين الصحيح: المسيحي في الفيلم الأوّل والإسلامي في الفيلم الثاني.

وينافس "تمبكتو" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان أبوظبي السينمائي، أما "دروب الصليب" فينافس على جوائز مسابقة "آفاق جديدة" المخصّصة للعمل الأوّل للمخرج.

ونال "دروب الصليب" جائزة أفضل سيناريو في مهرجان برلين 2014، أما "تمبكتو" فينافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، التي تمنحها أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية بالولايات المتحدة الأميركية في دورتها الآتية.

و"دروب الصليب" الذي كتبه بروجمان وشقيقته آنا بروجمان طوله 107 دقائق، ويضمّ 14 درباً أو محطة تمرّ بها بطلة الفيلم. وهي تلميذة صغيرة لا تدلّ ملامحها البريئة على أنها تحمل هذا القدر من التشدّد الذي يجعلها تعتزل زملاءها في المدرسة ولا تشارك في حصّة الرياضة البدنية، بحجّة وجود موسيقى "وهي من عمل الشيطان"، حتّى لو اقتصرت على ضبط إيقاع الحركة.

وباستثناء الموسيقى في مشاهد حصّة الرياضة البدنية، يخلو الفيلم من الموسيقى، ولا تتحرّك الكاميرا التي تثبت في المشاهد الـ14، ويتحاور أبطال الفيلم داخل الكادر الثابت.

لكنّ الحوار المكتوب بحرفية عالية يأسر المشاهد الذي يظلّ مشدوداً إلى الدراما منذ المشهد الأول، وطوله يزيد على 20 دقيقة. وخلاله يتولّى رجل دين تعليم الأطفال كيفية الاقتداء بما يرى أنّها تعاليم السيد المسيح عن الخلاص والفضيلة والمعصية.

ولم يكن رجل الدين تقليديا متجهّماً، بل كان شاباً وسيماً قويّ الحجّة قادراً على الإقناع. فلا تملك التلميذة إلا الاستجابة لتعاليمه. وفي المنزل كانت الأم أكثر تشدّداً؛ إذ تحيط ابنتها المراهقة بصرامة التزمّت، وتحذّرها من الوقوع في الضلالات، ومنها الموسيقى.

تعتبر بطلة الفيلم المراهقة نفسها في مهمة دينية لا تقلّ أهميّة عن مهمّة المسيح. فتعيش حياتها حَذِرَة من "الشهوات" التي لم تفكر فيها، لكنّها تواصل الاعتراف والقسوة على النفس وعلى الآخرين إلى أن تموت في نهاية الفيلم. 

المساهمون