القطة العاشقة

القطة العاشقة

19 ديسمبر 2015
(إنستغرام)
+ الخط -
خبر ليس بجديد أن يكون في بيتي قطة، فأنا أعشق القطط لعدة أسباب أهمها ولع ابني الصغير بها، فاضطررت أولا لقبولها كفرد خامس في عائلتي ثم اصبحت مولعة بتربية القطط والإحسان لها، وتبدل وتغير وجود القطط في بيتي بين سرقة إحداها واختفاء غامض لأخرى، ورحيل ثالثة بالموت قضاء وقدرا، وأخيرا استقرت قطة أنثى في بيتي لتتنقل بين أحضان أولادي ولتكون رعايتها مسؤوليتي الأولى .
نسينا في غمرة اهتمامنا بالقطة وتدليلها ورعايتها أنها بحاجة لزوج، وأقصد أن هناك غريزة تتحرك بداخلها ولم نلتفت لها في البداية، وحين كبرت قليلا بدأت تموء وتقف بجوار باب الخروج وتتمسح بي وتطلب مني أن أفتح لها الباب لتخرج، وقد فعلت ذلك ووجدت قطا من الشارع ملوث الشعر ويبدو عليه التشرد والشراسة يقف في انتظارها وقد كان يطلق أصواتا خافتة فهمتها هي بالتأكيد واستجابت لها، وهكذا فرت معه وغابت لمدة قصيرة ثم عادت وحين رآها ابني وأعلمته بما حدث هاج وماج واكتشفت أن ابني أكثر دراية مني فهو قد فهم أنها تمر بفترة التزاوج وبحاجة لقط ذكر وقرر حبسها وأعلن بصوت غاضب أنني سأكون مسؤولة عن خروجها في المرة الثانية.
وهكذا أصبحت حارسا لها لكي لا تخرج رغم موائها المتواصل الملح ووقوف القط المتشرد "ابن الشوارع" كما أطلقت عليه ابنتي أمام الباب وعدم زحزحته عنه، وعاد ابني ليخبرني أنه قد اتفق مع صديق له أن تتزوج قطتنا الشيرازية "بنت الناس" من قط شيرازي، وعلى ذلك فعلينا أن نحمل قطتنا لتمضي أياما في بيت الصديق الذي يبعد عن بيتنا مسافة طويلة، وتحملت تبعات ونفقات التنقل وأعددت العدة لكي يحملها ابني فوضعت بعض الطعام وفرشاة شعرها وعلبة شامبو صغيرة في كيس صغير لكي تكون أدواتها ولوازمها جاهزة.
أحضر ابني صندوقا خشبيا بغطاء محكم ليضع بداخله القطة استعدادا لنقلها وقال لي : احمدي ربنا أنك لم تدفعي أي مبلغ للقط العريس لأن صديقي اتفق معي أن يحصل على نصف الذرية الصالحة لأنها ستكون أصيلة وغير مهجنة.
وهكذا وقفت بجوار باب الشقة لوداع قطتي التي ستغيب عني، وفتح ابني الصندوق ليضعها بداخله فيما كانت تتقافز من مكان لآخر معلنة احتجاجها وغضبها وتخيلتها فعلا كفتاة تتعلق بحب ابن الجيران الفقير والذي يغني لها تحت الشباك "فأنا لا أملك في الدنيا إلا عينيك وأحزاني"، وحين فتح ابني باب الشقة ليكون مستعدا للخروج أخطأ ابني الخطأ الجسيم فقد نسي انه لم يضع القطة بداخل الصندوق بعد، وان ابن الجيران ما زال واقفا على أمل عند الباب وهنا فرت القطة الهاربة واختفت مع قطها عن أنظارنا.
ضحكت وقلت لابني: أحيانا ينتصر الحب في هذه الحياة رغم أنف الظروف القاسية.

اقرأ أيضاً: النرد الذي يرمينا

المساهمون