طوني خليفة وريما كركي: برنامجان في استديو واحد

طوني خليفة وريما كركي: برنامجان في استديو واحد

01 أكتوبر 2014
انتقلت من "المستقبل" إلى "الجديد" (العربي الجديد)
+ الخط -
تتوه محطّات التلفزة اللبنانية في الأفكار التي تريدها قويّة وجذّابة لتنافس بعضها بعضا، وذلك من منظار ضيّق جدّاً. قد تأتي المنافسة بنتائج نسبياً ضعيفة لأسباب كثيرة منها أنّ لبنان بلد صغير إعلامياً، مكشوف للجميع ولا يتّسع فيه المجال لهذا الكمّ الهائل من التصوّرات التي تعتمد المنافسة شرعة، ليس إلاّ.
يفتقد رؤساء تحرير القنوات التلفزيونية في لبنان إلى الخبرة، وجلّهم من جيل الحرب اللبنانية التي أنتجت، إضافة إلى الأحزاب، محطّات لرفع صوت الحزب نفسه. لكنّ الأدوار انقلبت في مرحلة ما بعد الحرب، وبقيت الصبغة الطائفية، ولا تزال، كلّ وفق أهوائه ومصالحه.
هجر طوني خليفة محطة LBC التي بدأ فيها رحلته ورحل إلى قناة "الجديد". قصّة طوني خليفة كانت مثل "نجم" هجر قصره الكبير رغبة منه في الانخراظ بالبيئة الشعبية التي انطلق منها تلفزيون "الجديد". و"الجديد" غذّى المبادرة الفردية عند بعض الشبّان المتحمّسين لديه، بلغة كانت أقرب إلى الناس من LBC التي عاشت تقوقعاً طويلا، بفعل السياسة التي سيطرت عليها، أو بفعل نجومية كلّ من عمل فيها. حتّى وقعت قبل سنتين في فخّ تقليد شقيقاتها.
حمل خليفة أمتعته إلى "الجديد" ونجح نجاحاً كبيراً في برنامجه "للنشر". ما فتح أمامه باب الدخول إلى القاهرة والعمل مع قناة "القاهرة والناس" حيث كان ولا يزال يقدّم برامج موسمية. وأيضاً نجح طوني خليفة في القاهرة أكثر من بيروت، وذلك لاحتراف الإعداد وضخامة الإنتاج، مقابل انجرار الإعداد اللبناني وراء مصالح القنوات ومراميها السياسية.
طمع ميشال غابرييل المرّ في تلميع صورة محطته التي عانت هي أيضا من صبغة طائفية واضحة خلال السنوات الأخيرة. طمع أشبه بطمع التجّار دفعه إلى تقديم عرض ماديّ كبير لطوني خليفة، الذي استجاب للطلب بسرعة، في وقت لم تحرّك "الجديد" ساكنا وأعطت خليفة فرصة جديدة ليثبت أنّه قويّ أو على الأقلّ أنّها هي من صنع نجوميته. طوني الذي بدأ أمس على محطة mtv مشواراً جديداً لم يذكر محطة "الجديد" ولا برنامجه "للنشر" في مقدمته الأولى، بخلاف زميلته ريما كركي التي وجّهت التحيات يمنة ويسرة إلى طوني وتلفزيون "المستقبل" الذي أعطته حقّه في غزل مباشر داخل نشرة "الجديد" الإخبارية.
حلقتا برنامجي "للنشر"، بمقدّمته الجديدة ريما كركي، و"طوني خليفة"، تزامنا تقريبا، بفارق بسيط، لكنّهما اجتمعا في كميّة الإثارة نفسها الرائجة هذه الأيّام. فموضوع "داعش" سيطر على الحلقتين وشكّل هاجساً بالنسبة إليهما، في ما بدا سباقاً على دخول أراضي "داعش" بعنوان "سكوب"، غير آبهَين بالمخاطر على مراسليهم.
هكذا أوحت كركي عندما دعت الله أن يحمي زميلتها زهراء فردون التي تخطّت، بلبس النّقاب، حاجز "داعش" قرب مدينة الرقّة التي يسيطر عليها التنظيم، ولم تأتِ بجديد سوى مقابلة مع من قالت إنّه "داعشيّ سابق" لم نرَ لا وجهه ولا ما يثبت كلامه. فقط آثار تعذيب ولكنة عراقية أو خليجية توهمنا أنّه تعذّب. لكن لماذا لم يُقتَل كما هو حال كلّ معتقل عند "داعش"؟ ولم نفهم كيف هرب من أقوى التنظيمات الإرهابية التي تحيط بنا؟
أما طوني خليفة فاستضاف صحافياً أو ناشطاً لم نفهم منه إلا أنّه جلس في الاستديو مدافعاً عن "داعش" ومعدّدا قدرات التنظيم دون مراعاة مشاعرالجمهور.
نموذجان على محطتين لبنانيتين تختلفان سياسياً وتتسابقان على"سكوب" مهما بدا فاقداً لأدنى مقوّمات السبق والهدف منه. فتعامل البرنامجان، رغم أنّهما اجتماعيان، بخفّة مع "داعش" ولم نشهد "نقاشاً" في عمق الموضوع، في وقت نواجه جميعاً آلة القتل الداعشية، كما لو أنّهما برنامج واحد، ولمن لا يعرف يصوّران في مبنى واحد، "استديو فيزيون".

دلالات

المساهمون