الحاج أحمد في عامه الـ105: رأيت كلّ شيء

الحاج أحمد في عامه الـ105: رأيت كلّ شيء

01 أكتوبر 2014
+ الخط -
رغم أنّ بطاقته الشخصية تشير إلى أنّه من مواليد عام 1912، إلا أنّ الحاج أحمد سعيد الطحش يصرّ على أنّ عمره 105 أعوام.
يصادق أولاده على كلامه مؤكّدين أنّ الأجداد كانوا يتأخرون بدايات القرن الماضي في تسجيل أبنائهم في سجلات المناطق الريفية.
عن أسرار عمره المديد وصحّته الخالية من أيّ مرض مزمن يقول: "عشتُ باعتدال، أكلتُ بتقشّف، سافرت على قدمّي كثيراً".
وعن الأكل يقول ابن الريف اللبناني المولود قبل قرن ونيّف في برجا، إحدى بلدات اقليم الخروب في محافظة جبل لبنان، إنّ أفضل غذاء هو التين، الطازج صيفاً والمجفّف شتاءً، يليه البرغل.

لا يشكو الحاج أحمد من أمراض الضغط أو القلب أوالسكّري.. لكنّه خضع لجراحة المياه الزرقاء، وفقد بصره منذ عشر سنوات، عدا ذلك يقول الأطباء عن صحّته أنّها "حديد". وعن تأثير فقدان البصر يقول برضا وقناعة: "لست بحاجة إلى البصر الآن.. فقد رأيت كثيراً خلال عمري، رأيت كلّ شيء وتعلّمت الكثير وعاصرت أنظمة أتت ورحلت ولم يبق منها شيء".

قبل أن نطلب منه، يشرع في غناء أناشيد يحفظها منذ الطفولة. نشيداً بعد آخر، يتبيّن أنّ هذه الذاكرة التي تبلغ 100 عام هي بحقّ شيء نادر. تعلّق ابنته: "لو كنّا سجّلنا هذه الأناشيد والذكريات على شريط كاسيت منذ 100 عام لتلف الكاسيت"!

- ماذا عن الأحاجي؟ أخبرنا واحدة..
اسمعي، كان هناك شاعر يريد كتابة قصيدة تعبّر عن مشكلته العاطفية، إذ كان يهوى فتاة لم تبادله الحبّ. كتب أوّل شطر من بيت الشعر: "محبوبتي في السما ما لي وصل ليها"، ولم يتمكّن من إكماله. راح يقصد الشعراء ليكملوا له البيت، لكنّهم عجزوا، إلى أن سمع بحكيم عجوز بدوي يعيش في الصحراء، فقصده، علّه ينطق له بالحكمة، فأخبره بالشطر الأوّل. حينها ضحك الشيخ وقال ببداهة: "خشخش لها بالذهب بتنزل ع إجريها!" وهكذا حُلّت الأحجية، فالنساء يعشقن الذهب ويضعفن أمامه.

- هذا رأيك في النساء يا حاج؟ (أعاتبه)
آه من حوّاء! الحقّ كلّه على حواء، ألا تعرفين حكاية التفاحة؟

- ماذا عن زوجتك رحمها الله؟
- (ينقلب موقفه فجأة) تلك كانت "ستّ الستات" شريكتي وأصل حياتي.. (يتنهّد طويلاً).
إن كان جسده ينوء بثقل العمر، إلا أنّ ذاكرته خفيفة كفراشة رشيقة، تحتفظ بتفاصيل دقيقة عن رحلاته إلى الأردن وفلسطين وسورية، حيث اشتغل عامل بناء في ثلاثينيّات وأربعينيّات القرن الماضي: "أعرف حيّ الزيتون بيتاً بيتاً... بنيت بعض الساحات في فلسطين والأردن وسورية، لكنّني قبل هذا بدأت طفلاً أعمل في المقالع اللبنانية، كنا نقتطع الحجارة ونسوّيها بأحجام معيّنة ثم نبني بها".

- ما أبرز ما بنيته؟
ترميم جسر الدامور، وبناء ساحة في الأردن، بنيتها حجراً حجراً حتّى بدت كالمرآة، يمكنك رؤية نفسك فيها، مرّ بها الملك عبد الله الأوّل وأرسل في طلبي.

- قابلت الملك عبد الله الأوّل بن حسين؟
نعم قابلته، وشكرني على حسن صنيعي.

- ماذا طلبت منه؟
لا شيء! مطلقاً. كنت قد تقاضيت أجري من المتعهّد. كذلك حين وسّعت أحد شوارع الشام المؤدّية إلى مقام السيدة زينب، استدعوني لمكافأتي فرفضت، لأنّني كنت في زيارة وتطوّعت لهذا العمل، خدمة لزوّار السيّدة ومقامها الجليل.

- ماذا عن حكايتك مع "جسر الدامور"، تكاد تكون الأشهر عن عملك.
في إحدى عمليات ترميم الجسر، زمن الانتداب الفرنسي، فشل عمّال كثيرون في ترميم الجسر، ثم أتى رجل إلى المهندس الفرنسي وقال له إنّه يوجد "معلّم" عمار في إقليم الخروب لا مثيل له اسمه أحمد الطحش، لكنّ المهندس لم يأخذ أمري بجدّية بداية، ثم استدعاني ونفّذت تصميمه بأحجار من مقلعي الخاصّ، وكانت النتيجة ما ترونه اليوم: جسراً صامداً حتّى الساعة.

- بدأت العمل وأنت صغير، ألم تقصد الكتّاب؟
كيف لا؟ بالطبع، تعلمّت عند الشيخ، العلم على شمالي والحصيدة على يميني. هذه هي القاعدة.

- هل تسمع باليوم العالمي للمسنّين؟
- هاه؟ لا... لم أسمع به... لكن زيارتكم هي يوم عالمي.

دلالات

ذات صلة

الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.
الصورة
اغتيال صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية

سياسة

وقع، اليوم الثلاثاء، انفجار في ضاحية بيروت الجنوبية، ليُعلن لاحقًا اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري واثنين من قادة كتائب عز الدين القسّام.

المساهمون