موسم الطائرات الورقية في مصر

موسم الطائرات الورقية في مصر

29 مايو 2016
(Getty)
+ الخط -
ما إن تحلّ الإجازة الصيفية، حتى تتحول سماوات المساحات الزراعية الريفية في مصر، أو الشواطئ المفتوحة، إلى ساحة تتبارى فيها الطائرات الورقية التي يصنعها الأطفال وذووهم بأنفسهم. بعض محترفي صناعة الطائرات الورقية يبدأون نشاطهم هذه الأيام، حيث يعتمدون على أعواد الخوص لصناعة هيكل الطائرة، ثم يقومون بكسوتها بأوراق الصحف القديمة. ولا يزال الفتيان في بعض الأحياء الشعبية يتحلقون حول هؤلاء الصناع في انتظار دورهم، للحصول على طائرتهم الخاصة وفقاً للخصائص المطلوبة. حيث يفضلونها في مصر على الطائرات البلاستيكية الملونة الجاهزة التي بدأت تنتشر بأسعار زهيدة، ويجلبها التجار من الصين. وعلى نطاق أوسع؛ أصبحت المهرجانات الدولية المتعددة التي تستضيف هواة الطائرات الورقية، مناسبات للجذب السياحي في العديد من البلدان، وكان آخرها مهرجان دبي الدولي للطائرات الورقية، الذي أقيم على شاطئ جميرا. وشارك فيه أكثر من 80 لاعباً من 25 دولة، حيث أطلقوا أكثر من ألف طائرة ورقية بأحجام وأشكال مختلفة. والطائرة الورقية هي الأب الشرعي للطائرات الحديثة، وقد ظهرت لأول مرة في الصين، حيث توفرت لها كل المواد اللازمة من خشب البامبو الخفيف القوي، وخيوط الحرير والورق بأنواعه. ويعتقد أن الطائرة الورقية اخترعت في القرن الخامس قبل الميلاد على يد الصينيَيْن "مو داي" و "لو بان"، وتصف المصادر الصينية القديمة والوسطى تلك الطائرة بأنها استخدمت لتقدير المسافات واختبار سرعة الرياح واتجاهها. الطائرة الورقية استخدمت، مُبكّراً، لمهام عسكرية كالتواصل بين الجيوش وإرسال الإشارات، وتوجيه الذخائر وللمراقبة. وفي المهام العلمية أيضاً كما في تجربة، بنيامين فرانكلين، الشهيرة لإثبات أن البرق هو شحنة كهربائية. كما أن لها أيضاً دور تاريخي في رفع المعدات العلمية لحساب الظروف الجوية من أجل التنبؤ بالطقس. في العقدين الأخيرين، تنامى الاهتمام العالمي بهواية الطيران الورقي، فأصبحت ذات شعبية كبيرة، خاصة على الشواطئ، ووجدت نماذج قوية وكبيرة نسبياً من تلك الطائرات التي صارت تحلق على ارتفاعات بعيدة، مثل الطائرة الورقية الماليزية التي بلغ طولها 29 متراً، وتم تصميمها على شكل إخطبوط. ويمكن لتلك الطائرات القيام بمناورات كبيرة تزيد من قوة دفعها، ولا تحتاج لقوة ميكانيكيّة مُحرّكة ولا لهيكل معدني، فهي لا تحتاج أكثر من طاقة الرياح. وقد أضيفت تقنيات كبيرة لقيادة تلك الطائرات، فبعد عمر طويل من القيادة اليدوية عبر خيوط دقيقة يمسك بها القائد على الأرض؛ أصبحت القيادة الحديثة بواسطة الريموت كنترول. في عام 2014، سجلت الطائرة الورقية رقماً قياسياً في الارتفاع عن سطح الأرض، بعد أن قام فريق مكون من أربعة أشخاص بتطيير طائرة تبلغ مساحتها 11 متراً مربعاً إلى ارتفاع بلغ 4880 متراً.




لا تخلو عمليات الطيران الورقي من حوادث محتملة، لذا يفضل أن تكون عمليات الإقلاع في أجواء مفتوحة، حيث كثيراً ما تنقطع حبال الاتصال بين الطائرة وصاحبها بفعل تقلبات الجو، أو بسبب خلل في التصنيع، فتضيع الطائرة. وأحياناً، كانت تضرب أو تتشابك مع خطوط الكهرباء وشبكات الجهد الكهربائي المرتفع، وهو أمر في غاية الخطورة. أو تسقط على أسطح بعض المنازل في المناطق السكنية.
الطائرة الورقية التقليدية في مصر ذات هيكل سداسي متساوي الأضلاع، يتم صنعه من الخيزران (الخوص) الرفيع المستقيم، يتم ربطها فيما بينها بأسلاك رفيعة وقوية مع الغراء اللاصق، ثم يتم كسوة الهيكل بالورق، ربما يكون ورق جرائد أو مجلات ملونة، ويتمُّ تثبيتها بمعجون النشا. وتستخدم لتطييرها خيوط رفيعة من الكتان أو خيوط بلاستيكية من ذلك النوع المستخدم في صنع سنارة صيد الأسماك. ويتبارى الفتيان في حجم الطيارة وتطويل الخيوط للوصول بها إلى أعلى ارتفاع ممكن. عالمياً، بلغ التنوع في أشكال الطائرات الورقية مبلغاً كبيراً، وتصدر الصين ملايين الطائرات سنوياً إلى كافة أنحاء العالم.

المساهمون