شم النسيم..ملامح منذ آلاف السنين

شم النسيم..ملامح منذ آلاف السنين

02 مايو 2016
اللون البني للسمكة دلالة على أن الفسيخ مهترئ (Getty)
+ الخط -
منذ ما يقارب خمسة آلاف عام، احتفل المصريون بعيد "شم النسيم" لكن باسم عيد "شمو"، أي بعث الحياة باللغة الفرعونية. فكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أوّل أيام البشرية وبدء خلق العالم. وبمرور الزمن ارتبط "شم النسيم" ببداية الربيع، والاحتفال في الهواء الطلق والخلاء. "شم النسيم" عيد فرعوني أصيل توارثه المصريون على مختلف دياناتهم وعقائدهم، يحتفلون به كل عام بالطقوس نفسها، التي بدأت منذ آلاف السنين. ومن أهم ملامح عيد "شم النسيم" كل عام:

الحدائق والمتنزهات
هي أحد الأركان الرئيسية في ذلك اليوم، ومشتق من اسم "شم النسيم"، إذْ يذهب المصريون في التنزه في ذلك اليوم في الحدائق بين الخضرة، ومنهم من يسافر إلى الريف المصري، للاحتفال في الهواء الطلق وشم النسيم. ويغتنم المصريون تلك الفرصة منذ الصباح الباكر، مُحمَّلين بأطعمة العيد الخاصة للأكل في الهواء الطلق.




أفلام وأغان
هناك عدد كبير من الأغاني التي ارتبطت بشم النسيم، وهي تذاع سنويا في الرايو والتلفزيون طوال اليوم، ومنها، أغنية "الدنيا ربيع"، من غناء سعاد حسني، وكلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل. وأغنية "الربيع" من غناء وألحان فريد الأطرش، كلمات مأمون الشناوي. وأغنية "حلاوة شمسنا" غناء فرقة "الثلاثي المرح"، من كلمات مأمون الشناوي، وألحان علي إسماعيل. وأغنية "الورد جميل"، من غناء أم كلثوم، وكلمات بيرم التونسي، وألحان زكريا أحمد. وهناك فيلمان رئيسيان يتم عرضهما في كل عيد، هما، فيلم "أميرة حبي أنا" بطولة سعاد حسني، وحسين فهمي وعماد حمدي، وتأليف صلاح جاهين، وإخراج حسن الإمام. وفيلم "عسل أسود"، الذي أضيف مؤخراً إلى فيلم "أميرة حبي أنا"، ليصبح له عرض أساسي يوم الاحتفال بشم النسيم.

الفسيخ
توارث المصريون، منذ عهد الفراعنة، تحضير وجبة "الفسيخ"، وذلك عبر تجفيف أسماك البوري وتمليحها في ظروف خاصة. وكان المؤرخ الإغريقي "هيروديت" يقول: "إن المصريين كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور)". ويقال إن مدينة "إسنا"، الواقعة في جنوب الأقصر، كانت أول مدينة تصنع الفسيخ فى التاريخ، حتى أصبح السمك المجفف رمزاً لها فى العصر البطلمي. وفي العادة يأكل المصريون الفسيخ في يوم شم النسيم، حيث يخرجون إلى الريف والمتنزهات، ويفترشون الحدائق، ويتناولون الفسيخ مع البصل الأخضر. وتشتهر مجموعة من المدن المصرية بهذه الصناعة، حيث تتوارثها عائلات بعينها، مثل مدينة "نبروه" بمحافظة الدقهلية، و"أبو حماد" بمحافظة الشرقية، و"دسوق" محافظة كفر الشيخ.



ولا يلتفت المصريون إلى خبراء التغذية والصحة، الذين يحذرون من تناول الفسيخ عموماً، وخاصة في هذا اليوم. فالفسيخ إذا حسنت صنعته فقد كثيراً من قيمته الغذائية؛ وإذا فسدت صنعته أصابته العفونة وأصبح ساماً. وتشهد مصر سنوياً هجمات شرسة على مصانع الفسيخ، قبيل أعياد الربيع ويتم ضبط كميات ضخمة ملوثة غير صالحة للاستهلاك الآدمي. إضافة إلى حالات تسمم تضيق بها المستشفيات أحياناً.


والملوحة الكثيرة للفسيخ تشكل خطورة على الأطفال والحوامل والمرضعات، ومرضى القلب وارتفاع الضغط والكبد والكلى وقرحة المعدة. وثمة بكتيريا ضارة تنشط في حالة تعرضه للتلوث، وكثيراً ما يحدث ذلك. ومن أخطر أنواع التسمم الذي قد يحدث التسمم بـ "الكوليستريديم بوتيولين"، وهو ما يسبب فشلاً في عضلات التنفس وإصابة الجهاز العصبي المركزي. ومن أعراضه: زغللة في العين، وجفــاف الحلق، وصعوبة في الكلام والبلع، وضعف بكافة عضلات الجسم تبدأ بالأكتاف والأطراف العليا بالإضافة إلى ضيق في التنفس، وربما يحدث للمريض قيء وإسهال وغثيان، ومغص حاد، وارتفاع في درجة الحرارة. ويتاح مصل مضاد لهذا النوع من التسمم في المستشفيات، يجب أخذه فوراً إذا ظهرت تلك الأعراض، حتى لا تتعرض حياة المريض للخطر.


ونظراً لضعف الثقافة الغذائية الرشيدة وسطوة التقاليد؛ فإن الأطباء يلتقون في مرحلة وسطى مع الجماهير للتخفيف من الآثار السلبية لتناول الفسيخ، عبر بعض الإرشادات والاشتراطات، التي يجب توافرها في تلك الأسماك التي تعرضت لأنواع متعددة من البكتريا، نظراً لأنها تُتْرَك لفترات طويلة خارج الأجواء الصحية المناسبة. أولها استبدال الفسيخ بالرنجة المغلفة أو بعض الأسماك المدخنة المحفوظة، والتي ليست في خطورة الفسيخ، الذي يصنع بطرق يدوية وفي مصانع مجهولة، لا تتوافر فيها الشروط الصحية اللازمة.


أما إذا اضطررنا إلى الفسيخ؛ فمن بين تلك الإرشادات التنبه إلى أن تكون أنسجة الفسيخ قوية ومتماسكة، وليست صلبة ولا مهترئة. وأن يتم التأكد من أن تمليحها استغرق وقتاً لا يقل عن ثلاثة أسابيع، حتى يخلو من كثير من الطفيليات الضارة. والتأكد من أن رائحته غير نفاذة أو كريهة، فيما ينبغي أن يكون لون السمكة الخارجي أبيض، ولون لحمه الداخلي وردياً، أما إذا كان لحمه بني اللون فهو إشارة إلى فساده. وعند تناوله يجب إزالة الرأس والأحشاء، وإضافة الخل والليمون لقتل البكتيريا، ومن أجل صناعة وسط حامضي مضاد للبكتريا. كما أن استخدام الخل يساعد على تجنب الإصابة بالدودة الكبدية.

وتسهم الخضروات، كالبصل الأخضر والخس والجرجير، في التخلص من نسبة كبيرة من الأملاح، ويحبذ تناول كميات كبيرة من الفواكه، كالتفاح والموز، التي تحتوي على فيتامين C ومضادات الأكسدة. كما أن البرتقال والكنتالوب يسهمان في معادلة كميات الصوديوم العالية في الفسيخ.



المساهمون