المكتبة الوقفية في حلب.. مخطوطات نادرة في مرمى الحرب

المكتبة الوقفية في حلب.. مخطوطات نادرة في مرمى الحرب

15 يوليو 2015
التدمير طاول المسجد الأموي في حلب (Getty)
+ الخط -
سيذكر التاريخ يوم 2 مايو/أيار 2013، وإن تناساه بعض السوريين، وقت انهالت قذائف جيش بشار الأسد على الجامع الأموي الكبير بمدينة حلب شمالي غرب سورية، ونالت حمم النيران من المعرفة في المكتبة الوقفية، فتدمرت أقسام المكتبة والتهمت ما جمعته عبر قرن من الزمن، من كتب ولوحات ومخطوطات، ربما هي الأكثر ندرة في سورية.
عام 1928 ومما تفرق من بقايا المخطوطات والكتب النادرة في مدارس حلب وزواياها وتكاياها ومساجدها، اختيرت "المدرسة الشرفية الشافعية" التي أسسها "شرف الدين عبد الرحمن بن العجمي"، وهي تتوسط المدينة وتجاور جامعها الأموي الكبير، لتكون مقراً للمكتبة الوقفية .
مرّ تأسيس المكتبة بمرحلتين، الأولى عام 1928، حين جمعت إلى المكتبة "الشرفية الشافعية" مكتبات "الخسروية، التكية المولوية، الجامع الكبير، آل الجزار، المدرسة الكواكبية، والزاوية الوفائية ومكتبة الجابري" كاملة، وأجزاء من كتب "المدرسة المنصورية" وما تبقى من كتب "المدرسة الإسماعيلية" وكتب "جامع السكاكيني"، فضلاً عما تبرع به وجهاء حلب وقتذاك، من كتب ومخطوطات ولوحات، من أمثال محمد مرعي باشا الملاح حاكم حلب ومحمد رضا معين الذي يذكر التاريخ ما قدمه للمكتبة من لوحات وخرائط نادرة، وعبد القادر الجابري مفتي حلب.

اقرأ أيضاً: الأغنية السورية: فاصل قصير بين شوطين


الانطلاقة استكملت بمرحلة التأسيس الثانية عام 1953 بعد أخذ مخطوطات من مكتبات "المدرسة الأحمدية، المدرسة العثمانية الرضائية، المدرسة الصديقية، الزاوية الرفاعية الإخلاصية، إضافة إلى مكتبة "دار الكتب الوطنية" لتزخر المكتبة الوقفية بحلب بأهم المراجع والمخطوطات القيّمة التي زادت عن عشرة آلاف مخطوط فضلاً عن ألفين وستمائة عنوان لكتب نادرة، قبل أن ينقل القسم الكبير من النسخ الأصلية والفريدة عام 1992 إلى "مكتبة الأسد" بدمشق.
وخبا وهج المدينة الوقفية بحلب، بعد أن نقلت أهم محتوياتها لدمشق، حتى عام 2006، وقت تم اختيار مدينة حلب عاصمة للثقافة الإسلامية، فأعيد العمل على إحياء المكتبة لتأخذ شكلها الآسر قبل أن تنال منه حرب الردة على الثقافة والحرية التي قام بها الأسد الوريث عام 2011.
تم، وتحضيراً لحلب عاصمة الثقافة الإسلامية، تأسيس مقر جديد للمكتبة "شمالي الجامع الأموي الكبير" لتكون من أكبر المراكز الثقافية في الشرق، حيث تم تخصيص المكان القديم "المدرسة الشرفية الشافعية" مركزاً للوثائق والمخطوطات، والتوسع الجديد متحفاً إسلامياً، وضم "المدرسة الأحمدية" لتكون متحفاً لمدينة حلب في العهد العثماني و"تكية أصلان دادا" لتكون متحفاً لسجاد الجامع الأموي الكبير.
واستمرت "المكتبة الوقفية" كمعلم ثقافي حتى نال الجامع الأموي و"المكتبة الوقفية" حصتهما من الحرب على سورية بما فيها من تراث وأوابد انتقاماً من شعبها الذي تمادى وطلب حريته، فسقطت القذائف على الجامع واحترقت المكتبة، عدا قاعة المحاضرات ومستودع المخطوطات والأدوات الفلكية وبعض الوثائق والسندات المكتوبة باللغة العثمانية وقليل من اللوحات القماشية الأثرية. وتأكل النيران أكثر من خمسين ألف مطبوعة، بما فيها المكتبات الخاصة للعلماء، إضافة لمخطوطات وألفين وستمائة كتاب نادر.
استشعرت "الجمعية السورية للحفاظ على الآثار والتراث" ومقرها في حلب، مخاطر أن تنال نيران الحرب ما سلم من القذائف وألسنة اللهب، فنقلت بتاريخ 5-5-2013 بالتعاون مع موظفي المكتبة ولواء التوحيد التابع للجيش الحر، المخطوطات والكتب والوثائق ومنبر الجامع الأموي وباب الوالي الأثري، إلى "قبو مصرف بيمو" في المنطقة الصناعية بالشيخ نجار، التي طالها القصف لاحقاً، ليتم نقل المخطوطات والكتب والمنبر بتاريخ 21-1-2014 إلى مكان وصفته "الجمعية السورية للحفاظ على التراث" بالآمن نسبياً.
ضربُ قوات النظام للمقتنيات الأثرية هو اعتداء متعمد لطمس الهوية واجتثاث بعدها الحضاري بدليل القصف الانتقامي عبر البراميل المتفجرة والصواريخ البالستية التي يصعب تحديد هدفها بدقة. وإضافة إلى الضرب، هناك السطو والسرقة بدليل اختفاء مقتنيات المتاحف والمكتبات، والتي "وقفية حلب" ربما أفجعها.

دلالات

المساهمون