غزة بلا معارض كتب

غزة بلا معارض كتب

01 ديسمبر 2015
عقبات أمام تنظيم المعارض بسبب الحصار (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
قبل عدة سنوات، كان الشاب، عبد الله الزقزوق، يضيف إلى مكتبته الصغيرة الموجودة في منزله، كتباً جديدة يشتريها من معارض الكتب التي كانت تنظمها وزارة الثقافة في قطاع غزة بشكل سنوي، ولكن منذ الإغلاق المشدد على القطاع، لم تعد الوزارة تنظم تلك المعارض، وكذلك بقيت مكتبة الزقزوق على حالها.
ونظم في غزة منذ فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاره على القطاع، قبل قرابة تسع سنوات، معرضان دوليان للكتاب، وذلك خلال عامي 2011 و2012، حظيا بمشاركة عربية واسعة من قبل دور النشر العربية، وصلت في مجملها إلى نحو 100 دار نشر من مصر ولبنان والأردن والكويت والسعودية، بالإضافة إلى حضور بعض المثقفين والمفكرين العرب.
وذكر الزقزوق، لـ "العربي الجديد"، أنّ معارض الكتاب كانت توفر إصدارات ثقافية جديدة في مختلف المجالات الحياتية والعلمية، والتي حال الحصار دون توفرها في المكتبات المحلية، لافتا إلى أنّ المعارض الداخلية، التي تنظمها بعض المراكز الثقافية والأهلية تعتمد في غالبيتها على الأعمال التي تطبع داخل غزة فقط.
وشكلت القيود المشددة، التي يفرضها الاحتلال على المعابر الحدودية، عقبة أخرى أمام الحل الثانوي الذي أوجده الشاب الفلسطيني الزقزوق لإدخال الكتب، التي تتناسب مع اهتماماته خاصة المتعلقة بهندسة البرمجيات إلى غزة، بعد شرائها من منصات البيع الموجودة على الإنترنت.
مها حسين، وهي شابة فلسطينية تهتم بالكتابات الأدبية، تشعر بالقهر والأسى، بسبب وصول تداعيات الحصار إلى حد تضييق الخناق على إدخال الإصدارات المعرفية إلى القطاع، في الوقت التي نصت فيه مختلف الأعراف الدولية على حرية العلم والتعلم، وتحديداً القوانين الصادرة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وتقول حسين (25 عاما) لـ "العربي الجديد": "الكتاب العرب والعالميون يطرحون أعمالهم المتنوعة على شبكة الإنترنت لبيعها كنسخ إلكترونية، بعد بضعة شهور من إنتاج أعمالهم، الأمر الذي يخلق فجوة كبيرة بين آخر الإصدارات وبين قراء غزة".
مدير عام المعارض والمكتبات بوزارة الثقافة في غزة، محمد الشريف، أرجع سبب عدم تنظيم معارض دولية للكتاب إلى إغلاق معبر رفح، الذي يعد المنفذ البري الوحيد لغزة مع العالم الخارجي، في ظل رفض دور النشر العربية والكتاب الوصول إلى القطاع من خلال معبر بيت حانون/إيرز الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقال الشريف، في حديثه مع "العربي الجديد": إن حكومة التوافق الوطني لم تتعاون مع وزارة الثقافة في غزة منذ تسلمها الحكم في مطلع شهر يونيو/حزيران من العام المنصرم 2014، الأمر الذي أثر بالسلب على قدرات الوزارة في تنظيم معارض الكتب والفعاليات الثقافية بشكل عام".
وأضاف المسؤول في وزارة الثقافة أن تكلفة تجهيز معرض دولي للكتب تتجاوز 100 ألف دولار، بينما تصل تكلفة تجهيز معرض محلي نحو 20 ألف دولار، مشيرا إلى أن الاستعدادات تجري لتنظيم معرض دولي خلال شهر مارس/آذار من العام القادم 2016 ، حال توفر الإمكانيات اللازمة.
من جهته، أوضح مدير مكتبة "آفاق" في غزة، فكري عبد اللطيف، لـ "العربي الجديد"، أن المعارض الدولية تعد فرصة مميزة للتبادل الثقافي بين دور النشر الخارجية والكتاب العرب وبين مثقفي غزة ومحبي القراءة، وكذلك تساعد على إدخال كتب ومطبوعات علمية وأدبية تتناول مواضيع عصرية.
وبيّن عبد اللطيف أن مكتبات غزة توفر عادة الإصدارات، التي تتحدث عن القضية الفلسطينية، ولكن دور النشر العربية توفر أثناء المعارض الدولية كتباً تتحدث عن شعوب وقضايا جديدة، الأمر الذي يساهم في رفع مستوى المعرفة لدى المتخصصين والقارئين بشكل عام.
ولفت إلى أن المكتبات المحلية تواجه عدة تحديات في أثناء إدخال الكتب، بسبب الإجراءات التي يفرضها الاحتلال على معبر كرم أبو سالم الحدودي، الذي تدخل من خلاله كامل احتياجات سكان القطاع، وكذلك بسبب تحديد الاحتلال الدول التي يسمح باستيراد الكتب منها، وكل تلك الإجراءات تزيد من تكاليف عملية إدخال الكتب.
ويرتبط حجم الإقبال على شراء الكتب من مكتبات غزة بمستوى الأوضاع المعيشية السائدة، ونتيجة لتردي الظروف الاقتصادية داخل القطاع المحاصر إسرائيليا، يتذبذب مستوى الإقبال بين الحين والآخر، وفي إثر ذلك تضطر المكتبات إلى تنظيم حملات وعروض سعرية بهدف التشجيع على شراء الكتب والإصدارات المتوفرة لديها.

المساهمون