القوانين الأوروبية تخيف شركات التكنولوجيا

القوانين الأوروبية تخيف شركات التكنولوجيا

30 مايو 2018
دخل "جي دي بي آر" حيز التنفيذ يوم الجمعة(Getty)
+ الخط -
قبل مرور أسبوع على بدء سريان قانون الخصوصية الجديد في أوروبا، والذي جاء بهدف حماية بيانات المستخدمين، بدأت التحذيرات من تأثير هذا القانون على شركات التكنولوجيا تعلو أصواتها، في ظلّ تحضيراتٍ لقانون جديد أكثر صرامة، وشكاوى بحقّ الشركات نفسها.

ويُمكن أن تقضي تشريعات خصوصيّة البيانات الأوروبيّة الجديدة الصارمة على خدمات الإنترنت المعتمدة على البيانات، والبعيدة عن الابتكارات كالسيارات ذاتية القيادة، بحسب ما حذّرت مجموعات في قطاع التكنولوجيا.

ووصفت غرفة التجارة الأميركية في الاتحاد الأوروبي، التشريع الجديد، بأنّه "صارمٌ للغاية". بينما قال تحالف المطوّرين، وهو مجموعة تجاريّة تمثل "فيسبوك" و"غوغل" و"إنتل" وعشرات صانعي التطبيقات، إنّ التشريع قد يكلّف الشركات في أوروبا أكثر من 550 مليار يورو (حوالى 640 مليار دولار) من خسارات في الإيرادات السنوية. وأكدت شركة "ديجيتال يوروب"، وهي مجموعة أخرى تضمّ شركات تكنولوجيّة، أنّ نهج الحظر الذي يتّبعه التشريع "يقوّض بشكلٍ خطير تطوّر الاقتصاد الرقمي في أوروبا"، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذه الإنذارات ليست بسبب قانون "حماية البيانات العامة"، إنّما بسبب قانونٍ جديد أكثر صرامة ينتظر المراجعة، وهو "المعركة المقبلة" لقطاع التكنولوجيا في أوروبا.


ويدعى القانون الجديد "إي برايفيسي" (ePrivacy Regulation) وهو متخصّص لحماية سريّة التواصل الإلكتروني. والقانون الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي الخريف الماضي وهو يخضع لمراجعة من قبل مجلس الاتحاد الأوروبي، وهو مجموعة تضمّ سياسيين حكوميين يمثّلون الدول الـ28 الأعضاء. وكان من المقرر أن يدخل هذا القانون حيّز التنفيذ هذا الشهر، لكنّ نقاشات المجلس تباطأت بسبب خلافات داخليّة.
وإن بقيت المسودّة الحاليّة للقانون هي نفسها ودخلت حيّز التنفيذ، سيطلب القانون من "سكايب" و"واتساب" و"آي مسيج" وأي لعبة فيديو يراسل فيها أي مستخدم آخر ينافسه بشكلٍ خاصّ، أن تحصل على إذن صريح من الأشخاص قبل وضع شيفرات تتبّع على أجهزة المستخدمين أو جمع البيانات حول اتّصالاتهم.
وتحاول الشركات والرابطات التجاريّة التي حاولت قبل سنوات زعزعة تشريع "جي دي بي آر"، أن تعرقل الآن تشريع ePrivacy.
وبصرف النظر عن الضغط الشديد على المسؤولين الحكوميين في أوروبا، تقوم المجموعات التجارية بتمويل التوقعات المالية وتصوّرات أسوأ السيناريوهات عبر فيديوهات تحذّر الناس من القانون الجديد.



ودخل قانون الخصوصية الأوروبي الجديد الذي يحمل اسم "تنظيم حماية البيانات العامة" أو "جي دي بي آر"، حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي. ويقيد القانون كيفية جمع البيانات الشخصية ومعالجتها من قبل شركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد فضائح عدة برزت أخيراً وطاولت خصوصية المستخدمين حول العالم، وبينها شركة الاستشارات السياسية "كامبريدج أناليتكا" التي استولت على بيانات ملايين مستخدمي "فيسبوك"، من دون موافقتهم، واستغلتها في أغراض سياسية حول العالم.


وتأثّر عدد من المواقع الإخبارية الأميركية البارزة بالقانون إثر بداية سريانه، وبينها "شيكاغو تايمز" و"لوس أنجليس تايمز"، إضافة إلى "نيويورك دايلي نيوز" وشيكاغو تريبيون" و"إل إيه تايمز" و"بالتيمور صن".
وبعد ساعات على سريانه، برزت اتهامات ضد الشركتين التكنولوجيتين، "غوغل" و"فيسبوك"، بانتهاكه، علماً أن المخالفين يواجهون غرامات تصل إلى 4 في المائة من إجمالي العائدات العالمية السنوية.
وقدمت المجموعة المتخصصة في حملات الخصوصية noyb.eu، بإدارة الناشط النمساوي ماكس شريمز، أمس الجمعة، شكاوى ضد "غوغل" و"فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام".
إذ وجدت المجموعة مشكلة في النوافذ المنبثقة والتهديدات التي ستؤدي إلى تعطيل حسابات المستخدمين، إذا لم يوافقوا على جمع معلوماتهم، وفقاً لسياسة كل شركة.
وفي حالة "غوغل"، فإن الشركة قدمت شكوى بشأن نظام التشغيل الخاص بها "أندرويد"، إذ يتوجب على مستخدم أي هاتف جديد تنشيطه كي يعمل. وضمن السياسة هذه، أشارت noyb.eu إلى أن نقل البيانات، وبينها المعتقدات السياسية والصحية والميول الجنسية، وغرضها ليس شفافاً.
والشكاوى الثلاث المتبقية بحق "فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام" وُجهت ضد مقر الشركة المالكة في إيرلندا.



تجدر الإشارة إلى أن قانون الخصوصية الجديد في أوروبا لا يمنع الشركات تماماً من جمع بيانات المستخدمين، إذ يسمح باستخدام المعلومات الضرورية للخدمة، لكنه يمنع استغلالها في الإعلانات أو بيعها، من دون موافقة المعنيين.
وتحت بنود القانون الجديد، على الشركات أن تكون واضحة ودقيقة حول جمعها واستخدامها للبيانات الشخصية، مثل الاسم الكامل أو عنوان المنزل أو بيانات الموقع أو عنوان "آي بي" الذي يتتبع استخدام الويب والتطبيقات على الهواتف الذكية.
ويتعين على الشركات توضيح سبب جمع البيانات وما إذا كان سيتم استخدامها لإنشاء ملفات عن إجراءات وعادات الأشخاص. علاوة على ذلك، سيحصل المستهلكون على حق الوصول إلى شركات البيانات التي تخزّنها، والحق في تصحيح المعلومات غير الدقيقة، والحق في الحد من استخدام القرارات التي تتخذها الخوارزميات وغيرها.
ويمنع القانون الجديد الشركات من معالجة المعلومات الشخصية للأطفال دون 16 سنة، ما لم يقدم الوالدان أو الأوصياء القانونيون موافقتهم. كما ستتمكن بلدان الاتحاد الأوروبي من تحديد السن الدنيا للموافقة على التعامل مع بيانات المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً.
ويحمي القانون الأفراد في الدول الأعضاء الـ 28 في الاتحاد الأوروبي، ولو حصلت معالجة البيانات في مكان آخر، ما يعني تطبيقه على الناشرين (مؤسسات إعلامية ومواقع إلكترونية إخبارية)، المصارف، الجامعات، أجهزة التعقب، التطبيقات الذكية، إضافة إلى عمالقة التكنولوجيا في "وادي السيليكون".

دلالات

المساهمون