طوني خليفة وملف العنف الأسري: الخِفة التي لا تُحتمل

طوني خليفة وملف العنف الأسري: الخِفة التي لا تُحتمل

26 مايو 2015
+ الخط -
كان يمكن لطوني خليفة أن يختار الزاوية التي يريدها لمناقشة ملف العنف ضد المرأة، وموت سارة الأمين على يد زوجها. كان يمكن له أن يستقبل أهل القاتل ليدافعوا عنه، كان يمكن أن يستخدم أسلوب الوعظ الغاضب، كما فعلت زميلته ريما كركي في برنامجها "للنشر" على قناة "الجديد". لكن طوني خليفة لم يفعل.

أراد خلال برنامج 1544 أمس على شاشة mtv الذهاب أبعد من ذلك، فقرّر تخصيص فقرته عن العنف ضد المرأة لـ... يلوم الجمعيات المدنية ويحمّلها مسؤولية موت بعض النساء نتيجة العنف الأسري. ليس بهذه الفجاجة قالها طوني، لكنّ النقاش كله دار حول هذه النقطة. 

"إذا الواحد قال لمرته حطّيلي صحن غدا، بتروح عند الجمعيات تطالب بحقها"، بهذه الطريقة سخّف خليفة الموضوع. ليتكرر المثل بعدها على لسان ضيفه الشيخ محمد علي الحاج "إذا الواحد طلب كباية ميّه من زوجته بتتشكي عليه".

انطلقت القضية مما انتشر عن أن زوج سارة الأمين قتلها أمام أولادها لأنها بعد 20 عاماً من الضرب والتعنيف والسادية، قرّرت أن ترفع دعوى ضدّه، لتحصل على تعهّد منه بعدم ضربها مجدداً. جنّ جنون الزوج، فأفرغ 17 رصاصة في جسدها ورأسها.

انطلاقا من هذا الواقع طرح الموضوع: طلب سارة لحمايتها من زوجها السادي أدى إلى وفاتها. واسترسل بالشرح ليصل إلى أن "التحريض الذي تقوم به بعض الجمعيات، للنساء ضد أزواجهن يؤدي إلى القتل، ويحوّل الزوج المعنِّف إلى قاتل".

لم يوضح طوني ما هو الهدف من هذه الفقرة: هل هو تشجيع النساء على السكوت ضد تعنيفهنّ، لأن التعنيف أفضل من الموت؟ هل هو تحميل الجمعيات المدنية مسؤولية عدم تأمين ملاجئ آمنة للنساء المعنفات عند خروجهن من بيوتهن، وهو طبعا ما يفترض على الدولة اللبنانية ــ الغائبة تماما ــ القيام به؟ ولمزيد من الدفع استقبل خليفة رجل دين. علماً أن العرقلة الأولى أمام إقرار قانون خاص بالعنف ضد المرأة في لبنان كان رجال الدين، الذين رفضوا ذلك، واعتبروه انتقاصاً من سلطات الرجل في البيت.

بدا طوني خليفة في الحلقة غاضباً من المنظمات المدنية، تحديداً من جمعية "كفى" من دون أن يسميها. وهي الجمعية الأكثر نشاطاً في مجال حقوق المرأة وحمايتها من العنف الأسري. لم يتكلّم عن القاتل، اكتفى بالقول: "كل من يعنّف زوجته هو رجل مريض ويجب مداراته". مداراته نعم، لكن كيف؟ برأي الإعلامي اللبناني، بسكوت المراة عن حقها بالحماية من العنف، طالما ألا مكان يأويها. بهذه الخفة، عولج الموضوع، وبهذا الوضوح والمباشرة وضع خليفة الخيارات أمام النساء المعنفات.

وحده والد سارة الأمين المفجوع بقتل وحيدته عرف كيف يتكلم. الرجل الذي ودّع ابنته قبل أيام قالها بوضوح: "بغياب قانون مدني لا حماية للنساء". لم يعلّق أحد. ختم طوني الفقرة، ودخلنا في فاصل إعلاني.