شتاء المغرب.. مخاوف من تكرار سيناريو الفيضانات القاتلة

شتاء المغرب.. مخاوف من تكرار سيناريو الفيضانات القاتلة

27 نوفمبر 2015
مخاوف من تكرار كارثة الفيضانات بالمغرب(أرشيفية - فرانس برس)
+ الخط -

ضمن توقعاته، يحذر موقع هيئة الأرصاد الجوية المغربية، من خطر الأمطار في 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو اليوم الذي تخشاه المغربية عائشة غانمي، بنت منطقة تنغير جنوبي المملكة، بعد أن فقدت ابن عمها، في كارثة الفيضانات التي ضربت مدينتها العام الماضي، تقول عائشة "إلى أين سنذهب، أدعو الله ألا تتكرر الكارثة".

في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني، من العام الماضي، وقعت كارثة الفيضانات في المغرب، التي أتت على الأخضر واليابس، وحصدت أرواح العشرات في جنوبي المملكة. بعد عام من كارثة العام الماضي، وفي مستهل فصل الشتاء، عاد "العربي الجديد" إلى المناطق التي صنفت مناطق منكوبة العام الماضي، لتوثيق جدية استعدادات السلطات المغربية، لمواجهة الفيضانات والتعرف على التدابير الاحترازية، منعا لتكرار كارثة الفيضانات التي عرفتها هذه المناطق في الشتاء الفائت بعد سقوط كميات مهولة من الأمطار بلغت أكثر من 250 ملم في اليوم الواحد، جنوبي المملكة.

اقرأ أيضا: بالفيديو.. شهادات صادمة لضحايا فيضانات المغرب

ناقوس الخطر

للإجابة على سؤال ما هي تدابير الحكومة المغربية لمواجهة خطر الفيضانات؟ حصل "العربي الجديد" على تقرير رسمي أنجز من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (هيئة مغربية رسمية)، بعنوان "شروط نجاح إدماج إجراءات التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية في السياسات العمومية والفرص التي تتيحها". حوى التقرير مفاجأة، إذ انتقد التدابير التي تتخذها الحكومة المغربية، لتجنب مخاطر التغيرات المناخية.

ويقول التقرير الذي يُنتظر صدوره، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه أن "بعض تدابير محاربة الفيضانات والجفاف عبارة عن ردود أفعال تصحيحية معزولة ولا تندرج ضمن منظومة وخطط للتدبير ولاستشراف المخاطر والإنذار المسبق"، وأوصى التقرير ذاته بضرورة "مأسسة العمل لفائدة المناخ" من خلال "إصدار مرسوم تُحدث بموجبه لجنة للتنسيق الوزاري من أجل السهر على تنفيذ سياسة محاربة التغير المناخي، مع تسريع وتيرة مسلسل مصادقة المجلس الحكومي على مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، علاوة على تنظيم تكوين لفائدة صناع القرار حول الرهانات وأوجه الهشاشة الخاصة بالمغرب وبمجالاته الترابية".

اقرأ أيضا: صناعة النخب في المغرب: 6 طرق لدخول "المخزن"

ترقيعات الطرق

تعد مدينة تنغير جنوب شرقي المغرب، إحدى المناطق التي تحولت إلى بركة مياه أدت إلى سقوط عدد من أبنائها قتلى، فيما شهدت أضرارا مادية، وكان "العربي الجديد" قد نقل شهادة عدد من أبناء المدينة، ممن سقط لهم قتلى، ضمن تحقيقه الميداني العام الماضي حول كارثة الفيضانات، ويكشف لحسن بلعيد، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمدينة، أن حالة البنى التحتية للمدينة على حالها، قائلا في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد":"لا قدر الله لو جاءت تساقطات مطرية بكثافة السنة الماضية ستتكرر الكارثة".

يتابع بلعيد قائلا "إن مشاريع القناطر التي أعلن عنها قبل عام، لمواجهة الكارثة، لم تنجز إلى اليوم، واكتفت السلطات المحلية بالترميم بحيث إن الطرق مهددة بالانقطاع مرة أخرى"، ويضيف "أن ما قامت به السلطات المحلية هو توسيع بعض المنعرجات الضيقة التي تقع على مستوى واد دادس، وهو الشيء الذي يعد غير كاف، لتجنب فيضان الوادي الذي تسبب في كارثة العام الماضي".

اقرأ أيضا: المغرب.. 6 رجال يصنعون صورة "محمد السادس"

قنطرة الموت

هل يمكن تجاوز كارثة الفيضانات بعلامات الطريق؟ بهذا السؤال الساخر أجاب عزيز المدور، فاعل مدني (ناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)، بمدينة كلميم، جنوبي المغرب، على سؤال "العربي الجديد"، حول الاستعدادات التي قامت بها سلطات المدينة للحيلولة دون تكرار كارثة الفيضانات التي حصدت العام الماضي أكثر من 18 قتيلا بمدينة كلميم، ويتابع قائلا "كل ما قامت به السلطات هو إعادة ترميم جنبات قنطرة واد تالمعدرت وإحداث علامات على الطريق تنبه بعدم تجاوز سرعة 60 كلم".

الحال كذلك على مستوى واد أم لعشار، يبعد قرابة 15 كلم عن مركز مدينة كلميم، والذي غرقت أغلب القرى المحيطة به، العام الماضي، وتم إعلانها من قبل الحكومة منطقة منكوبة، ويوضح الناشط الحقوي بكلميم عزيز المدور، أن أغلب المشاريع المعلنة وقتها لم يتم تنفيذها إلى اللحظة، واكتفت وكالة الحوض المائي (هيئة حكومية تنظم شؤون المياه)، بإنشاء سور عازل، وهو ما لا يستطيع منع فيضانات الوادي، الذي بإمكانه اختراق السور، أو تجارزه كما وقع العام الماضي، ما أدى إلى غرق أغلب المنازل الواقعة في القرى الصغيرة الموجودة بالمكان والتي يطلق عليها الدواوير.

اقرأ أيضا: الدروس الحسنية المغربية..تصالح السلفية والصوفية في كنف إمارة المؤمنين

وزير النقل والتجهيز: استراتيجية خاصة لمواجهة الشتاء

لمعرفة الإجراءات والاستعدادت الحكومية لمواجهة موسم الأمطار، وتجنب الفيضانات، تواصل "العربي الجديد" مع عبد العزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز المغربي، وحصل "العربي الجديد"، على استراتيجية الوزارة الإجرائية لمواكبة فصل الشتاء، والتي تعمل على عنصرين أساسيين على المستوى الوطني، وهما الحفاظ على سلامة مستخدمي الطرق في جميع الأوقات، وثانيا التدخل لإصلاح الطرقات المقطوعة وإعادة فتحها أمام المستخدمين في أقرب وقت خلال الأزمات.

وبحسب استراتيجية الوزارة، فإنها قامت بتدابير عملية بدأت منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، عبر صيانة وشراء معدات جديدة لتعزيز أسطول التدخل، تنظيم فرق للتدخل وتحديد جدول للانتظار في النقط السوداء في شبكة الطرق، التنسيق مع المصالح الخارجية لوزارة التجهيز من أجل تحديد احتياجات مختلف المناطق.

كما قامت الوزارة، بحسب الاستراتيجية التي حصلت عليها "العربي الجديد"، بإحداث وتقوية 54 نقطة تدخل سريع، على المستوى المركزي والجهوي، فضلا عن مجموعة من الإجراءات الأخرى، كنشر مجموعة من البيانات والنشرات الخاصة بالطرق التي يحتمل أن تتعرض لخطر الفيضانات.

أما الإجراءات التي ستتخذها الوزارة في مرحلة ما بعد التدخل، فهي إحصاء الخسائر الناتجة عن التساقطات المطرية، وكذلك إنشاء مخطط يحدد أولويات التدخلات وفقا لحجم الأضرار الناتجة عن هذه التساقطات، وكذلك التنسيق مع مجموعة من المصالح الترابية غير التابعة للوزارة من أجل جمع المعلومات عن حالة الطرقات وتحديد حاجيات التدخل. وهي الإجراءات التي يتمنى الحسن بلعيد، أن تمنع تكرار كارثة العام الماضي، وتحفظ أرواح أهالي الجنوب المغربي.