بالفيديو: البيروقراطية تغرق جدة.. عروس البحر الأحمر تخشى الكارثة

بالفيديو: البيروقراطية تغرق جدة.. عروس البحر الأحمر تخشى الكارثة

الرياض

خالد الشايع

avata
خالد الشايع
الرياض

مريم الحبيل

avata
مريم الحبيل
17 نوفمبر 2015
+ الخط -

لم يستطع أحمد الزهراني، أحد سكان مدينة جدة (غربي السعودية) العودة إلى منزله، على الرغم من خروجه من عمله في الساعة الواحدة ظهراً، إذ ظل متوقفاً في الشارع لأكثر من ست ساعات في انتظار أن تتوقف أو تقل الأمطار التي أغرقت الشوارع. لم يتوقع الزهراني أن تتوقف الحركة تماماً في المدينة جراء الأمطار من جديد، يقول الزهراني لـ"العربي الجديد"، وهو في قمة غضبة: "قليل من المطر أغرقنا، إلى متى هذه الحالة، لم نعد نفرح بالمطر، بل صرنا نخافه".

كلمات الزهراني تجسد واقع سكان جدة، البالغ عددهم ثلاثة ملايين، فللمرة الخامسة خلال ستة أعوام، تغرق شوارع جدة التي يطلق عليها السعوديون عروس البحر الأحمر، جراء الأمطار التي نزلت بغزارة منذ الصباح، ومع أنها لم تكن بغزارة الأمطار التي هطلت في عامي 2009 و2011، ولم تقترب من ذلك حتى، إلا أنها كانت كافية لأن تتسبب في وفاة اثنين، وتهديد حياة العشرات منهم ثمانية تم إنقاذهم من قبل الطيران الأمني، بعد أن جرفتهم السيول في الأودية القريبة من المدينة.

وتسارعت التحذيرات منذ وقت مبكر، ولتجنب المزيد من الخسائر قررت إدارة التعليم تعليق الدارسة ثلاثة أيام، فيما أجّل مطار الملك عبدالعزيز بعض الرحلات الجوية، وأدت الأمطار التي وصلت نسبتها نحو 22 مل، إلى إغلاق الكثير من الطرق والأنفاق جراء ارتفاع منسوب المياه، بعد أن حذر الدفاع المدني من استخدام الكثير من الطرق الرئيسية بسبب ارتفاع منسوب المياه فيها، ونصح مركز الأزمات والكوارث بإمارة مكة المكرمة، السكان بالبقاء في المنازل وعدم المغادرة إلا للضرورة القصوى، كما نصح الدفاع المدني بالأمر ذاته.

ولا يبدو أن الوضع مؤقت، فمن المتوقع أن تشهد جدة المزيد من الأمطار هذا الشتاء، بعد أن توقع المشرف على معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء في جامعة الملك سعود الدكتور عبد الملك آل الشيخ أن يزيد معدل الأمطار السنوي هذا العام من 25 إلى 30% بسبب ما أحدثه الاحتباس الحراري من إيجاد جيوب من منخفضات في حزام الضغط الجوي العالي السائد بين خطي عرض 15 درجة و30 درجة شمال خط الاستواء، وهو ما يعني المزيد من المعاناة لأهالي جدة، والذين يستذكرون في كل مرة من هطول الأمطار ما حدث في أعوام 2009 و2011 و2013، والتي كانت كوارث حقيقة راحت ضحيتها المئات من الأرواح، وممتلكات بعشرات المليارات من الريالات.

تؤكد الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن الأمطار التي تعرضت لها جدة اليوم، لم تقترب من كمية الأمطار التي هطلت في عام 2009 ولا حتى في 2011 و2013، ولم يكن يفترض أن تشكل أي خطر على حياة أهل جدة، ويكشف المتحدث الرسمي للأرصاد حسين القحطاني أن الأمطار الحالية لم تصل لربع الأمطار التي سجلت قبل أربعة أعوام، ويقول لـ"العربي الجديد": "سجلنا أمطاراً ما بين 22 مل و24 مل فقط على جدة، وهي لا تصل لربع الكمية التي سجلت في عام 2009، والتي تجاوزت 100 مل"، ويؤكد القحطاني أن الموجه المطيرة التي تعرضت لها جدة انتهت، وتبقت بعض الأمطار الخفيفة، ويضيف: "تجاوزنا المنخفض الجوي الذي تسبب في الأمطار الغزيرة، ولكنه سيتكرر في الأسابيع المقبلة، فدائما ما يكون فصل الخريف فصلا ماطرا على جدة والمناطق الساحلية من السعودية".



اقرأ أيضاً: بالفيديو.. 8 أسباب لتكرار غرق جدة

فشل جديد للصرف

ما إن بدأت السماء تفرغ ما تحمله من أمطار، حتى غرقت الشوارع خلال دقائق، وأخفقت مشاريع الصرف الجديدة في استيعاب الأمطار التي أغلقت الشوارع الرئيسية وملأت الأنفاق بالمياه، لتبدأ معها موجة من رمي التهم بين البلديات والأمانة، وأرامكو، وهو جدل كان بدأ العام الماضي، عندما تبرأت أمانة جدة من مسؤوليتها عن شبكة الصرف مؤكدة أنها مسؤولية كاملة لأرامكو، وهو الخلاف الذي تم حسمه مؤخرا، بعد أن أقرت الجهات العليا مسؤولية الأمانة بتنفيذ هذه المشاريع، والتي ما زالت في طور الدراسة.

يؤكد المهندس عبدالعزيز الفنيطل أنه في كل مرة تبدأ الأمطار فيها بالنزول لا يستبشر بها أهالي جدة، بل يخافون أن تتكرر مأساتهم، وخاصة أن لا شيء يتغير، ويقول لـ"العربي الجديد": "تكشف الصور الحالة المزرية التي صرنا فيها، ما تزال 65% من المدينة بلا شبكات صرف صحي، وحتى الشبكات الموجودة في النسبة البقية لا تحتمل كل الأمطار، مع أن النسبة التي نزلت اليوم كانت بسيطة مقارنة بما حدث في عامي 2009 و2011، ولكن يبدو أنه لو أنسكب كأس ماء لأغرق الشوارع".

اقرأ أيضاً: السعودية.. 3 سيناريوهات لأسباب حادثة الحرم المكي

الاستعدادات تنقصها الفعالية

في كل عام، يعلن الدفاع المدني السعودي عن اكتمال استعدادته، لمواجهة السيول وتوقعاته للمناطق والمجاري والأودية الأكثر تعرضاً للخطر، ويتم وضع خطة مواجهة السيول، وفقاً لموقع وزارة الداخلية السعودية، قبل وقوع الأزمة، وتشمل الاستعدادت تهيئة وتشغيل 290 صفارة إنذار، وضعها الدفاع المدني حول أودية محافظة جدة، للتحذير من السيول قبل أن تصل مستوياتها إلى مرحلة الخطر، إضافة إلى 200 صفارة إنذار خاصة بجهات رسمية أخرى، كما توجد تسعة مراكز إسناد تتمركز فيها الجهات المعنية لتنفيذ خطط الدفاع المدني.

لكن مواطنين سعوديين انتقدوا على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) تباطؤ الدفاع المدني هذه المرة في مواجهة الكارثة، إذ لم يلاحظوا انتشاراً مبكرا للدفاع المدني قبل تدهور الأزمة، وتساءلوا عن سبب غياب سيارات الدفاع الأمني وسيارات الشفط، والتي تأخرت في الوصول إلى المناطق المنكوبة، ما أدى إلى أن علقت في السيل مع سيارات المواطنين، وقارن المغردون السعوديون حالة الدفاع المدني في جدة بانتشار الدفاع المدني في العاصمة الرياض، إذ رأى المواطنون أنه الأفضل وأن ذلك يشير إلى خلل إداري في الدفاع المدني في جدة.

وتناقل آخرون إعلانات لمتطوعين يملكون سيارات دفع رباعي، وزعوا إعلانات للاتصال بهم وطلب المساعدة.



اقرأ أيضاً: المناطق النائية بالسعودية.. بحث لا يتوقف عن الطبيب

البيروقراطية أغرقت جدة

ما إن تم استيعاب كارثة 2011، حتى صدرت الأوامر بتحديث شبكات الصرف في المدينة، وتم رصد نحو 21 مليار ريال لتنفيذها، ولكن بعد مرور خمسة أعوام لم يتم تحديث سوى جزء يسير من الشبكات القديمة. ويؤكد المهندس المختص في شبكات الصرف مجدي باعواد على أن سبب التأخير هو تضارب المسؤولية بين أمانه جدة وأرامكو، ويقول: "صدر أمر ملكي بأن تشرف أرامكو على مشاريع الصرف الجديدة، ولكن أمانة جدة اعتبرت أن الأمر يعني أن تقوم آرامكو بالعمل كل، وهو ما رفضته الشركة واعتبرت أن دورها إشرافي فقط، وأنه يجب أن يستمر دور الأمانة التنفيذي"، ويضيف: "تسبب الأمر في تعطيل المشاريع الجديدة، ولم يحسم هذا الخلاف إلا منذ أشهر قليلة، عندما تم تكليف الأمانة بدورها الفعلي في التنفيذ، ولكن النتيجة كانت أن تأخر تنفيذ المشاريع التي كان يفترض أن تنقذ جدة، وها هي تغرق مرة أخرى، وبأمطار تعتبر قليلة جداً مناخياً".

حاولت الأمانة تبرير غرق الأنفاق بأن التيار الكهربائي انقطع بسبب الأمطار فتسبب في تعطل سبع مضخات للشفط، وهو ما نتج عنه تجمع المياه في بعض المواقع، وقالت إنها بدأت في تنفيذ خطة جديدة لإزالة المياه، بيد أن هذا التبرير لم يكن مقنعاً لموسى الشمري الذي فقد سيارته في أحد الشوارع، ويقول الشمري لـ"العربي الجديد": "تدمرت سيارتي وغرقت في شارع وليس نفق، فهل كانت الشارع يحتوي على مضخات متعطلة، للأسف أمانة جدة تحاول تبرير تقصيرها، منذ سنوات ونحن ننتظر مشاريع الصرف الجديدة، ولكنها لم تبدأ حتى الآن، وفي مرة صارت حياتنا مهددة، أقل كمية أمطار تحدث كوارث في واحدة من أقدم المدن في السعودية، السبب الوحيد لكل ذلك هو الإهمال"، وعلى السياق ذاته يتساءل المهندس موسى الأحمري: "هل مشاريع البنية التحتية في جدة، مشاريع من ورق، لكي تنهار عند كل مطر ولو كان قليلاً، إلى متى سيستمر هذا الوضع الذي لا يطاق".

الأكيد أن الأزمة ستستمر لعدة سنوات، فحتى لو بدأت أمانة جدة غداً في مشاريع الصرف الجديدة، فستحتاج إلى خمس سنوات أخرى لكي تغطي 65% من مساحة المدينة التي تفتقد خدمات الصرف الصحي، وهو ما يعني المزيد من حوادث الغرق كما تؤكد مصادر "العربي الجديد".

ذات صلة

الصورة
ماكرون وفيروز /تويتر

منوعات

هل ستغني فيروز في السعودية؟ لن تغني فيروز في المملكة؟ أسئلة تطرح منذ أكثر من عامين من دون جواب شاف، قبل ايام استعاد البعض الأسطوانة نفسها عبر المواقع البديلة.
الصورة

مجتمع

بدأ الحجّاج بالصلاة والدعاء عند جبل عرفات قرب مكة المكرمة منذ فجر الثلاثاء، في ذروة مناسك الحجّ التي يتوقع أن تسجّل أعداداً قياسية هذا العام.
الصورة

مجتمع

على بُعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، غربي السعودية، يقع مشعر منى، ذلك الوادي الذي لا يُسكن إلا مدة الحج، مجمع أفئدة الحجاج التي أتت مرددةً "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك".
الصورة
حجاج سوريون من ذوي الاحتياجات الخاصة (عدنان الإمام)

مجتمع

يواصل الحجاج في الشمال السوري عبور معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا للتوجه إلى الأراضي المقدسة من المطارات التركية.