"بينك فلويد": رحلة سمعية بصرية تلخص حياة الفرقة

"بينك فلويد":رحلة سمعية بصرية تلخص حياة الفرقة

13 أكتوبر 2017
بدأت الفرقة في جامعة كامبريدج عام 1965(فيسبوك)
+ الخط -
من يعشق الفن الثوري، لابد أن يكون قد عشق فن فرقة الروك الـ"بينك فلويد" البريطانية الشهيرة، وما قدمته لعالم متكامل من القيم السياسية والاجتماعية والثورية غيّرت وجه المجتمع البريطاني والعالم إبان تأسيسها في السبعينيات.

تحت عنوان "بينك فلويد، ما تبقى من بقاياها"، يعرض متحَف "فيكتوريا أند ألبيرت V & A" في العاصمة لندن، هذه الأيام، رحلةً سمعيّة بصريّة تلخّص 50 عاماً من حياة واحدة من أكثر مجموعات الروك أند روول شهرة في العالم، بنظرة نادرة وحصرية على عالمها، وعلى القطع الأثرية الفريدة التي رافقتها، لتحكي مراحل حياتهم المهنيّة والشخصيّة. واستقبل المتحف أعلى نسبة زوار في تاريخ المتحف، وفاقت نسبته زواره عرض الفنان البريطاني، ديفيد بووي، في عام 2013.

وقالت القائمة بأعمال" V & A"، والتي عملت أيضاً على معرض بووي، فيكتوريا برواكر، لـ "العربي الجديد": "إن هذا الإقبال الهائل ونجاح المعرض، كان نتاج التعاون الكبير بين المتحف وأعضاء الفرقة أنفسهم، ولا سيما نيك ماسون، وبشكل خاص المبدعين والمصممين والمهندسين المعماريين الذين عملوا مع الفرقة لسنوات عديدة، بالإضافة للمعجبين والزوار من مختلف الأعمار، ما جعل القائمين عليه يمددون فترة الزيارة لأسبوعين آخرين".

وتبدأ قراءة رحلتهم داخل المعرض، عبر بوابة المجسم الضخم لسيارتهم "بلاك بيدفورك" التي طافوا بها قارتي أوروبا وأميركا بداية السبعينيات، عبَرها الزوار ليستمعوا لتفاصيلها عبر سماعات فردية مبرمجة تروي لهم قصص نشأة أجمل ألحان عشقوها ولا يزالون. ومشاهدة لقطات سريعة تُعرَض على شاشات علقت فوق معدات للفرقة، تروي لمحة عن حفلة "روجر ووترز" في ولاية فيرجينيا الأميركية عام 2006، حيث غنى "الرحيل عن بيروت"، بيروت التي كانت تشنّ إسرائيل حرباً عنيفة عليها آنذاك، في مزيج من الروك والجاز، ضمن لقطات غير مبهمة عن سخريته من جورج بوش الابن والإرهاب و"القصة التي لا يعرف كيف ستنتهي" وعن القسوة والفظاظة في الحياة.

قال أحد زوار المعرض، الكتور رونالد بايز، ​لـ"العربي الجديد": "إن دمج الموسيقى والمسرح والتصميم والأداء الذي تميزت به الفرقة طوال حياتها المهنية كلها يجعلها مثالية، ومشاهدة وسماع لقطاتها وكأن الوقت يعود لزمن الروك أند روول الذهبي في هذه القاعة. ساهمت السماعات المبرمجة في جعل الجولة ممتعة أكثر، تتغير بحسب مكان تواجدنا لتشرح لنا ما نشاهده، لقد أحببت كل شبر في هذا الحدث، ولا أصدق أنّني مكثت هنا وقتاً أكثر مما قررت".
وتستمر الرحلة داخل المعرض وصولاً لأغانٍ ساهمت في تغيير النظام التعليمي البريطاني من خلال أغنية "أناذر بريك إن ذي وول" التي حازت شهرة واسعة جداً، وبقيت متصدّرة المراكز الأولى على الإذاعات فترة طويلة.

الفرقة التي بدأت كمجموعة أصدقاء في جامعة كامبريدج البريطانية عام 1965 هم: روجر ووترز، نك مايسن وريتشارد رايت، كانوا معاً في قسم الهندسة، وسيد باريت الذي كان صديقاً لووترز. وتميزت بصوت الغيتار الكهربائي وبمحتوى أغانيها، وأسلوب خاص للكتابة تألق به ووترز. لكنها لم تنتج أغنيتها الأولى إلا بداية 1967 باسم "آرنولد لين" وحازت على إعجاب كبير بين محبي هذا النوع الصاخب والمجنون من الموسيقى، ما ساهم في انتشار الفرقة خارج حدود بريطانيا. بعدها أنتجت أول ألبوم وهو " ذي بابر أت ذي غايتس" من نفس العام.

واحدٌ من هذا الجنون الإبداعي للفرقة، كان مُعلّقاً في ركن من قاعة المعرض، لرجلٍ في كامل أناقته يصافح آخر، بينما النار تلتهمه، والذي كان غلافاً لأغنية "أي ويش يوو وور هيير" التي قال عنها عضو الفرقة، غيلمور، في حديثٍ بُثَّ على شاشة داخل المعرض: "إن ريع هذه الأغنية كانت هدية لسيد باريت الذي تخلت عنه الفرقة بسبب مشاكل مع إدمانه على المخدرات"، مُضيفاً بأنَّه لا يزال يشعرُ بالذنب، لأنّه أخذ مكانه آنذاك، كما أنَّ الفرقة أهدت لسيد أيضاً "كريزي دايموند".
وما ميَّز المعرض، هو التركيز على التأثيرات البصرية والأضواء، إضافة إلى النوعية العالية جداً في الصوت التي كان أعضاء الفرقة يحرصون على أن تكون موجودة في كل حفلة مباشرة، وكل بلد كانوا يزورونه ويمتعون محبيهم صوتاً وأداءً. تجعل الزائر وكأنه وسط الحشود يهز برأسه، بل ذهب البعض إلى الرقص على أنغام ألبوم الفرقة الشهير "دارك سايد أووف ذي مون" الذي باعت الفرقة منه أكثر من 250 مليون نسخة.

قلة عبر تاريخ فرق الروك أند روول الذين قاموا بإبداعات "مختلفة" نوعاً ما لاستقطاب المعجبين لفنهم بعيداً عن حياتهم كما حال الـ"بينك فلويد". ومع الانتقال لركنٍ آخر، يجد الزائر كأن قصة ألبوم "ذا وول" الذي صدر عام 1979، حاضرة على شاشات عرض الأغنية، ولوحات أحداث مولدها. إذْ روى البعض بأنّها قصّة حياة، روجر ووترز، الذي فقد أباه في معركة "دنكرك" الشهيرة، إبان الحرب العالمية الثانية. فيما قال البعض إن روجر بصق على أحدهم من الجمهور إثر مشادات كلامية، تمنى بعدها لو يبني جداراً بينه وبين الناس. تحوّل الألبوم بعدها إلى فيلم سينمائي جمع المشاهد العادية والرسوم المتحركة، وأدى دور "ووترز" المغني الإيرلندي بوب غيلدوف. كما غنت الفرقة "ذا وول" على أنقاض جدار برلين، مع أن المتحف تحفَّظ على مسيرة "ووترز" بمعاداة جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، إلا أن القاعة عرضت لقطة للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، إلى جانب زعماء الثورات العالمية.
وفي ختام هذه الرحلة الرائعة والمثيرة، يجتمعُ الزوّار في حفلٍ موسيقي، يُعرَض عبر شاشات ضخمة تملأ جدران القاعة، للاستمتاع بالجلوس أرضاً لأغنية رائعة من ألبوم "ذي أنيميال".


المساهمون