"قصة حب"... شوهد من قبل

"قصة حب"... شوهد من قبل

19 مارس 2019
هنا الزاهد وأحمد حاتم بدور البطولة (يوتيوب)
+ الخط -
قبل وقت قريب، عُرض الفيلم المصري "قصة حب" في دور السينما. لم يتوقع أحد له النجاح بسبب خلوه من الأسماء الجاذبة جماهيرياً، ولأنه يعرض في موسم سينمائي "ميّت" بمفاهيم السوق المصري؛ إذ تطلق الأفلام الكبرى في الأعياد أو الصيف أو إجازة الطلبة في يناير/كانون الثاني. ولكن، بشكل مفاجئ، حقق "قصة حب" أكثر من خمسة ملايين جنية مصري في ثلاثة أسابيع، وهو خمسة أضعاف ما حققه فيلم مثل "ليل خارجي" المستقل للمخرج أحمد عبد الله الذي امتلك نفس المعطيات: بطل عرفه الجمهور منذ زمن في فيلم "أوقات فراغ" الذي أنجز عام 2007 (أحمد حاتم في مقابل كريم قاسم) وبطلة جميلة نصف مشهورة (هنا الزاهد في مقابل منى هلا) مع عدد كبير من الممثلين في الأدوار الأصغر. لماذا إذن نجح فيلم تجاري يبدو مستهلكاً في شكل الرومانسية التي يقدمها مثل "قصة حب" في حين أن "ليل خارجي"، ذا الطموح الفني والتجاري، لم يكمل مليون جنيه إيرادات؟ 

مع مشاهدة "قصة حب"، تبدو النقطة الأبرز في أسباب نجاحه هو ميل (أو اشتياق) الجمهور لأفلام الـ "Genre" الخالصة، بمعنى أن يكون الفيلم "رومانسياً" بشكل واضح، وهو "نوع" يبتعد عنه منذ سنوات نجوم السينما والأفلام الكبيرة، مع غلبة أفلام الألغاز والجريمة والحركة بالطبع. وآخر فيلم أخلص في فكرة للنوع "الرومانسي" هو "هيبتا: المحاضرة الأخيرة" لهادي الباجوري عام 2016، وحقق حينها نجاحاً ضخماً رغم عدم وجود "نجم صف أول" بين أبطاله العديدين. "قصة حب" يراهن على الشيء نفسه في كل تفاصيله؛ بداية من اسمه الصريح، وشكل أبطاله والدعاية المصدرة له، حتى موعد عرضه في عيد الحب. كل شيء يحاول اجتذاب جمهور يريد فيلماً رومانسياً، وهو ما ينجح فيه تماماً وبشكل يستحق التأمل ربما.

خلاف ذلك، وبعيداً عن تفسير سبب النجاح والدعاية، فالفيلم نفسه ضعيف للغاية، يتحرك بمعطيات "ميلودرامية" إلى أبعد حد، ويأخذ أكثر التفاصيل المتطرفة في عدد من الأفلام الأجنبية الشهيرة، على رأسها Love Story (1970 وA Walk to Remember (2002، لينسج قصته التي تدور عن علاقة حب بين شاب وسيم كفيف بسبب حادثة، وفتاة جميلة تغير حياته حين تدخلها. إلى هنا، الأمر مقبول رغم كونه مكرّراً. ولكن مع تطور الأحداث وبعد عودة النظر إلى "يوسف" إثر عملية ناجحة، يكتشف أن سبب اختفاء "جميلة" مؤخراً من حياته هو اكتشافها أنها مصابة بمرضٍ خطير وقريبة من الموت! ومن المدهش فعلاً كيف أن كاتب سيناريو في عام 2019 استطاع أن يحشد هذا القدر من الأفكار والالتواءات المأساوية القديمة في فيلمه.

ضاعف من انحدار مستوى الفيلم إصرار صناعه، على الرغم من كل المصادفات الميلودرامية التي تحدث، على أن يكون "كوميدياً"، بمواقف ومفارقات لا هدف منها سوى إضحاك لا يحدث، تحديداً خلال النصف الأول الذي يستخدم فيه بطله أحمد حاتم خليطاً من نكات تامر حسني أو أحمد عز في أفلامهما الشبيهة قبل سنوات، مع ضعف الأداء التمثيلي منه، ومن شريكته في البطولة هنا الزاهد، وافتقادهما لأي كيمياء أو مصداقية مطلوبة دوماً في أفلام هذا النوع، وكذلك عدم ابتكار الفيلم في أي من مشاهده، واعتماده على إرث محفوظ من مظاهر رومانسية ظهرت في السينما مراراً؛ في نفس أماكن التصوير التي تشعر أنك شاهدتها عشرات المرات من قبل. لذلك، فهذا الفيلم لا يملك أياً من مقومات النجاح الفني أو التجاري، وملايينه الخمسة رقم ضخم فعلاً قياساً على مستواه أو ما كان منتظراً منه، ولا يفسر ذلك أبداً إلا رغبة الجمهور في مشاهد أي "قصة حب".

دلالات

المساهمون