الدراما السورية: وراء كل مصيبة امرأة

الدراما السورية: وراء كل مصيبة امرأة

27 مايو 2020
لقطة من "يوماً ما" (من المسلسل)
+ الخط -
"وراء كل مصيبة امرأة". هذه الجملة هي ما يمكن أن نستلخصه من المسلسلات السورية التي تم عرضها في رمضان 2020؛ حيث إن العامل الوحيد الذي يجمع المسلسلات السورية هذه السنة هو النزعة الذكورية، فينتهي الحال بالتقليل من قيمة المرأة أو شيطنتها. ومن الممكن أن نتلمس ذلك في جميع المسلسلات السورية التي عُرضت في رمضان.

الجوكر
يتمحور المسلسل حول حكاية "الدكتور طلال"، الذي يعمل مدرساً في إحدى الجامعات الخاصة، وهو أيضاً قاتل متسلسل يستهدف طلابه. هذه الحكاية بدت بغاية السذاجة وبنيتها غير متماسكة، لتنحصر مشاهد المسلسل بمشاهد القتل وثرثرة مجانية عن علاقات الحب بين المراهقين لإضاعة الوقت.
الأسوأ من ذلك، أن صنّاع المسلسل لم ينهوا المسلسل بطريقة تقليدية، ينتصر فيها رجال الأمن على الشر المطلق المتمثل في القاتل المتسلسل؛ بل أنهوا المسلسل بمشهد غريب، يتفوق على المسلسل برداءته ومعجوناً بالنزعة الذكورية؛ وهو مشهد المواجهة بين المجرم وقوى الأمن بعد أن تتجلى الحقائق، حيث تقوم قوى الأمن باستدعاء والدة "الدكتور طلال" لتسلمها ابنها الذي يحتجز رهينة، فتقوم الأم بمحاورة ابنها الذي تحول فجأة لطفل صغير وأفلت الرهينة! وينتهي المشهد بصرخات الأم التي تعترف بأنها السبب وراء كل مصيبة، وأنها الوحيدة الملامة، فهي من أهملت تربية ابنها. ليعلن المسلسل، بمنتهى السذاجة والسطحية، أن السبب وراء وجود القتلة المتسلسلين هو سوء التربية، وأن الشخص الذي يلام بالنهاية هو امرأة!

سوق الحرير
هذه السنة حاولت دراما البيئة الشامية أن تنتفض على نفسها من خلال تلافي الانتقادات التي وجهت لها في السنوات الماضية، وعلى رأسها الانتقادات المتعلقة بانتقاصها من مكانة المرأة في المجتمع الدمشقي. لذا فإن مسلسلي "سوق الحرير" و"بروكار" ارتديا عباءة النسوية؛ ولكنها بدت فضفاضة عليهما، وحطّا من مكانة المرأة بدلاً من أن يعليا من شأنها. ففي مسلسل "سوق الحرير"، تتمحور حكاية المسلسل حول "عمران"، التاجر المشهود له بسمعته الطيبة ومروءته وشهامته، وهو متزوج من أربع نساء، ماتت إحداهن، ويقع في غرام امرأة خامسة ويسعى للزواج منها.
الحقيقة أن المشكلة في المسلسل لا تتعلق بتصوير تعدد الزوجات، الذي لا يعتبر أمراً غريباً عن المجتمع السوري في تلك الحقبة، بل إن المشكلة تكمن في تبرئة الرجل المتزوج بأربع نساء وتقليده وسام البطولة؛ فيلقي المسلسل اللوم بهذه المهزلة الاجتماعية على المرأة، وبالتحديد على "أم عبد الله"، التي أجبرت ابنها "عمران" على الزواج من أربع نساء لا يحبهن.

يوماً ما
المسلسل السوري الوحيد الذي كان دور البطولة المطلقة فيه لامرأة هذه السنة، هو مسلسل "يوماً ما"، الذي لعبت دور البطولة فيه جيني إسبر؛ وهو المسلسل الأكثر ذكورية. يتمحور المسلسل حول حكاية "ماريا"، التي هربت من بيتها وهي طفلة، عندما اقتحمت عصابة منزلها وقتلت أباها أمام عينيها. الأب ينجو من الموت، وسيتضح من خلال السياق تورط الأم الخائنة في الجريمة؛ وعندما تعود "ماريا" بعد أعوام طويلة، ستواجه عائلتها المكونة من أب مثالي وأم ساقطة مسؤولة عن كل مصيبة في العائلة.

بروكار
لا تبدو الأمور أفضل بكثير في "بروكار"، الذي يهمش النساء تماماً في الصراع الرئيسي في المسلسل حول الزعامة، ويعرض بطولات النساء وإنجازاتهن من خلال شخصية "بثينة" التي تجمعها علاقة حب مثالية بالدكتور "عصمت".
فعلى الرغم من أن الكتلة الكبرى من الشر في المسلسل يجسدها رجال لا تتحكم بهم امرأة؛ إلا أن الطريقة التي يشيطن فيها المسلسل شخصية "افتكار" التي تقف عائقاً في درب علاقة "بثينة" و"عصمت"، يبدو أنها مبالغ فيها ولا تحكمها مبررات أو مسوغات مقنعة.


مقابلة مع السيد آدم
يحاول مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" أن يجعلك تتعاطف مع رجال الأمن وتقدرهم، وذلك من خلال تصوير معاناة "المقدم ورد" داخل بيته مع زوجته السطحية التي لا تتفهم ظروف عمله. وبالإضافة لذلك، فإن الجريمة الرئيسية التي يتمحور حولها المسلسل، والتي يتورط بها "يوسف" ابن الدكتور "آدم"، لا تخرج من مضمار شيطنة المرأة؛ فالسبب وراء اتجاه العائلة نحو ارتكاب جرائم قتل واختطاف هو الزوجة السيئة "المحامية ديالا".

دلالات

المساهمون