صعدة - السعودية: هل يغيّر الجيش اليمني مسار المعارك؟

صعدة - السعودية: هل يغيّر الجيش اليمني مسار المعارك؟

02 ابريل 2018
جنود سعوديون على الحدود مع اليمن (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -


بإمكان منصة إطلاق صواريخ تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في زاوية ما من محافظة صعدة، أقصى شمال اليمن، قصف ثلاثة تقسيمات إدارية سعودية من الدرجة الأولى، وهي نجران وعسير وجازان. فبعد ثلاث سنوات من الحرب، تعود أحداث مواجهات الحدود إلى الصدارة، وبوجود الصواريخ البالستية، فإنه ليس بوسع فكرة "السياج الحدودي" لعشرات الكيلومترات أن تجعل الجانب السعودي آمناً من قذائف الجماعة التي تتخذ من صعدة معقلاً حصيناً، على الرغم من إلحاق الحرب فيها دماراً وخراباً ومخلّفة أعداداً كبيرة من الضحايا والمشردين.

وخلال اليومين الماضيين، وعقب التصعيد الحوثي الأخير باتجاه الجانب السعودي، أعلنت قوات الشرعية اليمنية أنها تقدمت من محورين، أحدهما وفقاً لمصادر ميدانية تحدثت لـ"العربي الجديد"، "فُتح كجبهة مواجهات بين قوات يمنية تقدمت من الجانب السعودي وبين الحوثيين، للمرة الأولى، وذلك في مديرية الظاهر، الواقعة إلى الشمال الغربي من صعدة، ومرتبطة بحدود مع جازان السعودية".

وبالتزامن صعّدت قوات الشرعية عملياتها في الجزء الشمالي من محافظة صعدة في محور علب، الواقع إلى الشمال من محافظة صعدة على الشريط الحدودي مع منطقة عسير، الذي تحوّل إلى ساحة مواجهات متقطعة منذ أكثر من عام منذ أشهر طويلة، فيما تحدث الحوثيون عن زحف حدودي ثالث، ولكن من جانب محافظة حجة، غربي صعدة، وتحديداً في منطقة حرض المحاذية لميدي.

وجاء التصعيد العسكري على الشريط الحدودي بين صعدة والسعودية، إثر تصعيد الحوثيين من هجماتهم الجديدة والقصف الصاروخي الذي طاول مواقع قريبة من الحدود بصواريخ بالستية قصيرة المدى "بدر 1"، فضلاً عن القذائف المدفعية والصاروخية. وأعلن الحوثيون في السياق، يوم السبت الماضي، قنص سبعة من الجنود السعوديين في أحد المواقع الحدودية بجازان.

ومنذ تصاعد الحرب في اليمن، قبل ثلاث سنوات، تحولت صعدة إلى أحد أهم الأهداف المتكررة للغارات الجوية للتحالف، بوتيرة شبه يومية، فضلاً عن القصف الصاروخي والمدفعي الذي طاول أهدافاً في المناطق اليمنية الحدودية من قبل القوات السعودية، في مقابل استماتة وتحدٍ لافتين من قبل الجماعة، التي تمكنت من تحويل الحدود إلى نار مشتعلة، وصولاً إلى الاقتحامات التي نفذها مسلحوها لمواقع حدودية تابعة للجيش السعودي. وكثيراً ما تكرر في وسائل الإعلام السعودية الحديث عن التصدي لمحاولات تسلل من الحوثيين، فيما حرصت الجماعة على توثيق مشاهد الاقتحام للمواقع السعودية، وبثها في وسائل الإعلام، لإيصال رسائل سياسية وكجزء من خطتها التعبوية التي شحذت بها أتباعها ومدتهم بجرعات معنوية في مناطق القتال المختلفة، بالإضافة إلى توجيه رسائل سياسية ذات بعدٍ محلي وإقليمي ودولي.



وفي مواجهة جبهة الحدود، وتخفيف الانطباع السائد في بعض المواقع عن عجز الرياض عن إنهاء الخطر الحوثي على حدودها، بدأت منذ العام الماضي، تصعيداً في المقابل، بدعم قوات يمنية موالية للشرعية، تقدمت من جهة السعودية باتجاه محوري علب والبقع، إلا أن المنطقتين، كغيرهما من مناطق المواجهات في اليمن، تحوّلتا للاستنزاف دون تحقيق تقدم محوري حاسمٍ في أي من الجبهات.

ومع ظهور جيل جديد من الصواريخ البالستية التي أطلقها الحوثيون من نوع "بدر 1"، قالوا إنها صناعة محلية، عادت صعدة مجدداً إلى محور تركيز العمليات السعودية الجوية وحتى التصعيد العسكري، كما حصل في اليومين الماضيين، إذ إن الصواريخ القصيرة المدى منها، على الأقل، انطلقت من المناطق الحدودية لصعدة باتجاه الجانب السعودي.

وفيما كان بعض المحللين السعوديين يطرحون في وقتٍ سابق أهمية إيجاد منطقة أقرب إلى سياج حدودي بحدود 30 كيلومتراً من شأنها أن تكون عازلاً بين الجانب السعودي وخطر الحوثيين، إلا أن الفكرة ذاتها تفقد الأهمية بوجود الصواريخ البالستية، فضلاً عن التضاريس الجبلية الصعبة التي لا تجعل من السهل أن يمر مثل هذا المشروع.

الجدير بالذكر أن صعدة هي المعقل والمركز القيادي العسكري والتنظيمي للحوثيين، وسيطرت عليها الجماعة بشكل شبه كامل منذ عام 2011، وحولتها إلى منطقة مغلقة لصالحها أمنياً وعسكرياً بعد سنوات من الحرب مع الحكومة بين 2004 وحتى 2009. وتمثل المحافظة التحدي الحدودي الأبرز للرياض، بوصفها معقل الجماعة المتهمة بتلقي الدعم من الرياض، فضلاً عن موقعها الجغرافي الذي يجعلها ترتبط بحدود مع ثلاث مناطق سعودية بالإضافة إلى التضاريس، التي تقلل من فاعلية الضربات الجوية وتمكّن الحوثيين من بناء التحصينات في الجبال الشاهقة القريبة من المناطق الحدودية.

وفي ظل التطورات الأخيرة، برز السؤال مجدداً عما إذا كان بإمكان الرياض الدفع بالجيش اليمني الموالي للشرعية نحو مناطق صعدة بالفعل، لتحقيق فارق في سير المعارك الحدودية، على الأقل منذ نحو ثلاث سنوات، أم أنها كغيرها من الخطط والعمليات المعلنة التي سبق أن تم التحضير والترويج لها ثم انتهت بمواجهات محدودة في الغالب. على أن صعدة وبسبب الحروب والمواجهات الحدودية والضربات الجوية، تعد من بين المناطق اليمنية الأكثر تأثراً في الجانب الإنساني، والتي خلّفت الحروب فيها ضحايا بأعداد كبيرة فضلاً عن الآثار النفسية لسكانها نتيجة الحروب.


المساهمون