التفاصيل الكاملة لجلسة اتهام عمر البشير رسمياً بالثراء الحرام

التفاصيل الكاملة لجلسة اتهام عمر البشير رسمياً بالثراء الحرام

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
31 اغسطس 2019
+ الخط -
شهدت جلسة محاكمة الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، اليوم السبت، توجيه الاتهام رسمياً له بالثراء الحرام والمشبوه، والتعامل بالنقد الأجنبي، بعد إقراره باستلام 25 مليون دولار من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ومثل البشير أمام المحكمة جالساً في قفص حديدي، بعد اتهامه من قبل النيابة العامة بالثراء الحرام بعد العثور في إبريل/ نيسان الماضي على نحو 7 ملايين يورو في مقر إقامته ببيت الضيافة في قيادة الجيش بالخرطوم.

ووصل البشير إلى مقر المحكمة الكائن بمعهد العلوم القضائية بضاحية أركويت، شرق الخرطوم، وسط حراسة أمنية مشددة، شارك فيها عشرات الجنود والسيارات العسكرية. وأغلقت كل الطرق المؤدية إلى المحكمة ولم يسمح بالدخول إلا لوسائل الإعلام وعدد من أفراد أسرة البشير.
وتنازلت هيئة الاتهام عن شهادة أحد ضباط الجيش واحتفظت بحق الاستماع لضابط آخر وقت عودته من دورة تدريبية في مصر.
وبعدها مباشرة، تلا قاضي المحكمة، الصادق عبد الرحمن الفكي، على البشير، اعترافاً قضائياً سبق أن أدلى به أمام القاضي محمد سرالختم عثمان، وجاء فيه أنه استلم 25 مليون دولار من ولي العهد السعودي، الذي أرسلها له بصفته الشخصية وليس كرئيس دولة. وبعد تلاوة الإقرار القضائي، سمح القاضي للرئيس المعزول بالإدلاء بأقواله في القضية.

قصة أموال بن سلمان

أوضح البشير في أقواله أن قصة الأموال بدأت باتصال هاتفي بين مدير مكتبه السابق، حاتم حسن بخيت (لاحقاً عين وزير دولة بمجلس الوزراء) ومدير مكتب بن سلمان الذي أخبر بخيت بوصول طائرة سعودية خاصة إلى مطار الخرطوم تحمل المبلغ. وبالفعل، وصلت الطائرة وأنزلت حقيبة فيها عملات مختلفة قيمتها الإجمالية 25 مليون دولار.

وأضاف البشير، أنه نزولاً عند طلب ولي العهد السعودي استخدم تلك الأموال في أغراض خاصة لن تستطيع الحكومة السودانية توفير مبالغها، قبل أن يشير إلى أنه ما كان أمامه خيار لرفض المبلغ لأنها ستكون رسالة سلبية للسعودية "التي كنا حريصين على العلاقة معها، خصوصاً أن تلك العلاقة تعرضت في بعض المرات لتوتر"، حسب قوله.
وأوضح البشير أنه ما كان له أيضاً اعتبار المبلغ مخصصاً له شخصياً والانتفاع به "لأن ذلك ليس من طبيعتنا، وأن الحل الوحيد هو وضع الاحتفاظ بالمبلغ خارج الأطر الرسمية وأن يتم التصرف فيه بناء على توجيه الأمير محمد بن سلمان، في عدد من الأغراض في مجملها تبرعات لجهات وبعض الأفراد".
وحول قراره بعدم إيداع المبلغ في خزانة بنك السودان المركزي، أوضح البشير في أقواله أمام المحكمة أن البنك كان سيسأل عن مصدر تلك الأموال، وأنه رغب في عدم ذكر اسم المصدر، بناء على رغبة بن سلمان.


فيمَ صرف المبلغ؟

حدّد البشير في أقواله عدداً من الجهات التي دفع لها من أموال بن سلمان ومنها 4 ملايين يورو لجامعة أفريقيا العالمية، وهي جامعة تقبل طلاباً من عدد من الدول الأفريقية، وقناة "طيبة" التلفزيونية، التي لم يحدد المبلغ الذي دفعه لها، لكنه ذكر أنها قناة دعوية وتخدم الإسلام، خاصة في أفريقيا، بالتالي تم دعمها.


كذلك ذكر أنه منح 5 ملايين يورو من أموال بن سلمان لـ"قوات الدعم السريع"، إضافة إلى 2.25 مليون يورو لـ"السلاح الطبي"، مؤكداً أنه لديه كل المستندات التي تؤكد ذلك الصرف، نافياً بشدة استخدام أي جزء من المبلغ لمصالحه الشخصية.
وأشار إلى أنه بعد أيام من إذاعة البيان الذي أزاحه عن السلطة، حضر إليه الفريق عبد الرحيم دقلو، قائد ثاني "قوات الدعم السريع" وأخبره بأوامر نقله من المنزل إلى سجن كوبر، مبيناً أنه أخبر مباشرة دقلو بما تبقى من المبلغ وأنه مودع في خزانة أحد المكاتب الملحقة بالمنزل وسلمه إليه.
وحول طريقه تحويله المبلغ من العملة الأجنبية إلى العملة المحلية، أوضح البشير أنه كان يسلم مبالغ منه إلى مدير شركة "سين للغلال"، طارق سر الختم، وهي حسب قوله، توفر 44 في المائة من احتياجات البلاد من الدقيق، إذ سلم مديرها مبالغ أجنبية على أن يستلم منه مبالغ بالعملة المحلية، نافياً عمله في بيع وشراء العملة الأجنبية.
وعرض القاضي حقيبة على البشير وسأله عما إذا كانت الحقيبة نفسها التي وجدت فيها الأموال موضوع الدعوى الجنائية، فأجاب البشير: "لست متأكداً".

استجواب القاضي

سأل القاضي البشير عن طبيعية شركة "سين للغلال" وما إذا كانت خاصة أم حكومية؟ فأجاب بأنها خاصة، فأردف القاضي بسؤال آخر عن المساهمين فيها، فرد أنه يعرف فقط مديرها سر الختم ومعه شركاء آخرون لا يعرفهم، فعاجله القاضي بسؤال عن علاقته بسر الختم فكان رده أنه متزوج من إحدى قريباته. وبعد سؤال آخر من القاضي عن التبرعات التي يقوم بها وهل هي بالعملة المحلية أم الأجنبية، أكد أنها بالعملة المحلية، مبيناً أن سر الختم يحول المبالغ الأجنبية إلى موردي القمح.

شيك إماراتي

كذلك استفسر القاضي البشير عن شيك بمبلغ مليون دولار تسلمه من دولة الإمارات، فأقرّ البشير باستلامه وباسمه في حساب بأحد البنوك الإماراتية، لكنه قال إنه لم يصرف المبلغ ولا يعرف أين ذهب الشيك.



وبعد استجوابه، وجّهت المحكمة الاتهام رسمياً للبشير بتهمتي الثراء الحرام والمشبوه، والتعامل غير المشروع في النقد الأجنبي. وقال القاضي الصادق عبد الرحمن الفكي إن المتهم تلقى الأموال من مصدر غير مشروع، وتصرف فيها بطريقة غير مشروعة، وتعامل في النقد الأجنبي بطريقة غير مشروعة أيضاً، وبالتالي تقرر توجيه الاتهام إليه بموجب قانون الثراء الحرام وغير المشروع، وقانون التعامل بالنقد الأجنبي. ورفض القاضي إطلاق سراح البشير بالضمان العادي أو الكفالة المالية، لأنه لا يجوز إطلاق سراح متهم في قضية قد تصل عقوبتها إلى عشر سنوات.

ووجّه القاضي سؤالاً للبشير إن كان مذنباً أم لا، فأجاب المحامي هاشم أبوبكر الجعلي، نيابة عن الرئيس المعزول، بأنه غير مذنب، وأنه كان حريصاً على العلاقات الخارجية مع السعودية، ولم يتصرف في الأموال بصورة شخصية ولم يتعامل بالنقد الأجنبي، ولم يغتن ثراء لا حلالاً ولا حراماً. وأوضح أنه صرف الأموال بما يخدم المصلحة العامة. وطلبت هيئة الدفاع في نهاية الجلسة الاستماع لشهادة بخيت وسر الختم كشهود دفاع، محددة السبت المقبل موعداً للاستماع إليهم.

ذات صلة

الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.
الصورة
تشاد (مهند بلال/ فرانس برس)

مجتمع

فرّ مئات الآلاف من السودانيين من الحرب في بلادهم إلى تشاد، ووجدوا الأمان في أكواخ هشّة في مناطق صحراوية، لكنّهم باتوا أمام تحدٍّ لا يقلّ صعوبة وهو إيجاد الرعاية الطبية والأدوية للبقاء على قيد الحياة.
الصورة
مطار إسطنبول الدولي (محمت إيسير/ الأناضول)

مجتمع

استغاثت ثلاث عائلات مصرية معارضة لإنقاذها من الترحيل إلى العاصمة المصرية القاهرة، إثر احتجازها في مطار إسطنبول الدولي، بعدما هربت من ويلات الحرب في السودان عقب سبع سنوات قضتها هناك، مناشدة السلطات التركية الاستجابة لمطلبها في الحماية