بن سلمان في الكويت: ترجمة فورية للتصعيد ضد إيران

بن سلمان في الكويت: ترجمة فورية للتصعيد ضد إيران

29 سبتمبر 2018
بن سلمان بأول زيارة كولي عهد إلى الكويت(دان كيتوود/Getty)
+ الخط -
يصل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الكويت اليوم السبت، في زيارة رسمية هي الأولى له منذ توليه منصب ولاية العهد، عقب عزل الأمير محمد بن نايف منتصف العام الماضي، والثانية له منذ تولي والده الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم في العام 2015، وصعود الابن في المشهد السياسي آنذاك.

وسيلتقي بن سلمان، بحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وولي عهده الشيخ نواف الأحمد الصباح، وبقية القيادة السياسية في البلاد لبحث عدد من المواضيع الإقليمية والدولية. ومن المنتظر أن يناقش محمد بن سلمان مع أمير الكويت سبل مواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة، إذ تسعى السعودية إلى محاولة إيجاد موقف خليجي واحد لتأييد العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الإيراني لتضييق الخناق عليه. وتبحث دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها قطر، بالإضافة إلى مصر والأردن، إيجاد صيغة دفاعية وعسكرية مشتركة برعاية أميركية لتأسيس نواة تشبه حلف شمال الأطلسي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة. وتأتي هذه الزيارة على ضوء تحركات متسارعة بين دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية لإيجاد هذا التحالف، إذ التقى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لوضع اللمسات الأخيرة على المشروع الأميركي ــ الخليجي لمواجهة إيران. وعُقد اجتماع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، هو الأول من نوعه منذ حصار قطر. وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد اجتماع بومبيو بوزراء الخارجية، إن "اللقاء مع بومبيو كان مثمراً وإيجابياً"، مضيفاً أن "استمرار حصار قطر لا يساهم في حل أزمات المنطقة التي تحتاج إلى تواصل". وقال الوزير القطري، رداً على نظيره السعودي، عادل الجبير، إن "قطر يمكنها أيضاً أن تنتظر إلى الأبد (لحل الأزمة الخليجية) لكن هذا لا يساهم في حل مشاكل المنطقة".

ورفعت الكويت، التي حصلت على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن لمدة سنتين، من لغة خطابها في الأمم المتحدة ضد إيران بشكل مفاجئ، إذ حمل وزير الخارجية، صباح الخالد الصباح، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إيران مسؤولية إطلاق جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) الصواريخ على الأراضي السعودية. وقال إن "الأراضي اليمنية أصبحت منصة لإطلاق الصواريخ الإيرانية بما يشكل خطراً على المنطقة".
ورغم أن الكويت قد تعرضت في السنوات الأخيرة لتهديدات غير مباشرة من إيران، كان من أبرزها كشف خلية استخباراتية تابعة إلى "حزب الله" في العام 2015، إلا أنها اختارت الهدوء في التعامل مع إيران، بعكس السعودية والإمارات، لكن تصريحات وزير الخارجية الكويتي توحي بأن دول الخليج، بما فيها السعودية والكويت وقطر، حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة وضمانة تامة لمواجهة الإيرانيين في المنطقة. وتسعى الكويت لإعادة إحياء دور الوساطة الذي قامت به في العام 2016، بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وإنهاء التواجد الإيراني الخفي في اليمن بطرق سياسية. وكانت الكويت استضافت المفاوضات، التي فشلت، على مدى 100 يوم. وتعاني السعودية من مأزق عسكري كبير في اليمن، إذ لا تزال الصواريخ التي تطلقها المليشيات الحوثية تخترق أجواء السعودية. كما أنها فشلت، برفقة حليفتها الإمارات، بدعم الحكومة الشرعية في المناطق المحررة، وقامت بقصف عشرات الأهداف المدنية عن طريق الخطأ، ما جلب عليها سخط المجتمع الدولي.



وسيناقش ولي العهد السعودي في الكويت تطورات الأزمة الخليجية، التي افتعلتها السعودية والإمارات والبحرين، عقب قرار فرض الحصار على قطر بعد اختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا). وستتركز جهود بن سلمان على محاولة استمالة الكويت والضغط عليها بطريقة أو بأخرى للانضمام لصف دول الحصار، وإنهاء الحياد الكويتي ودور الوساطة الذي تكفل به أمير الكويت منذ بدء الأزمة، إذ تسعى الرياض إلى إطالة أمد الحصار لأطول فترة ممكنة، كما صرح بذلك وزير الخارجية عادل الجبير قبل أيام. ويحاول أمير الكويت الضغط لإنهاء الحصار وتقريب وجهات النظر بين الطرفين المتخاصمين، وإيجاد صف خليجي مشترك لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، من دون المساس بسيادة أي دولة من الدول، وفق تصريحاته في البيت الأبيض.

وستكون أزمة الحقول النفطية المشتركة بين البلدين في منطقتي الخفجي والوفرة الحدوديتين حاضرة في لقاءات ولي العهد بالمسؤولين الكويتيين، إذ فاجأت السعودية الكويت، في العام 2014، بإيقاف الإنتاج النفطي في الحقل المشترك بحجة الإضرار بالبيئة، وهو ما كبد الكويت خسائر مالية فادحة في أحد أهم الحقول المنتجة لها. وهددت الكويت باللجوء إلى المحاكم الدولية لإنهاء الأزمة النفطية، لكن ظروف وتطورات المنطقة أدت إلى تأجيل مناقشة الملف مع الرياض أكثر من مرة، مفضلة إبقاءه كورقة تفاوض معها. وسرت أنباء عن اعتزام بن سلمان لقاء رؤساء تحرير الصحف الكويتية والحديث معهم، وهو أمر توجس المراقبون الكويتيون منه، إذ إن القيادة السياسية في الكويت فرضت على جميع الصحف خطاً أحمر، وطالبتهم بعدم الوقوف مع أي طرف في الأزمة الخليجية والالتزام بموقف الدولة الرسمي في الحياد. وتحاول كل من السعودية والإمارات تجنيد إعلاميين وصحافيين كويتيين للعمل معهما وجر الإعلام الكويتي إلى نفق الأزمة. كما أن الإمارات تستضيف الإعلامي الكويتي الهارب من أحكام قضائية بالسجن بسبب تحريضه ضد قطر، فؤاد الهاشم، لكن وزارة الإعلام استمرت بتهديد أي وسيلة إعلامية تحاول إيقاع الكويت في الأزمة بالإغلاق وفق قانون المرئي والمسموع. وقال الأكاديمي الكويتي، مهدي العجمي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الزيارة تأخرت كثيراً بسبب وجود اختلاف في وجهات النظر حول رؤية ملفات المنطقة، وأبرزها الأزمة الخليجية والوجود الإيراني في المنطقة، لكن تجميد الملف الأول، والتقريب الأميركي لوجهات النظر في الملف الثاني حتَّما هذه الزيارة. وأضاف أن "للزيارة أبعاداً اقتصادية أخرى، وذلك في إطار التنسيق داخل منظمة أوبك، وبحث الملف العالق بين البلدين، والذي قد ينفجر ويتحول إلى أزمة سياسية كبيرة، وهو موضوع الحقول المشتركة وتوقف الإنتاج فيها".

المساهمون