روبيرتو بولانيو: العالم السريّ لكتّاب تشيلي

روبيرتو بولانيو: العالم السريّ لكتّاب تشيلي

28 أكتوبر 2014
روبيرتو بولانيو (وكالة الأنباء الفرنسية)
+ الخط -

يروي التشيلي روبيرتو بولانيو، من خلال الشخصية الرئيسية في روايته "ليل تشيلي" (دار التنوير، ترجمة عبد السلام باشا)، الوجه الآخر لمثقفي وكتّاب بلده في النصف الثاني من القرن الماضي.

إنها قصة القس الشاب سيباستيان لاكروا (14 عاماً)، الذي يدخل، عن طريق الناقد الشهير فارويل، عالم الأدباء السريّ. عالم مليء بالاحتيال والفساد، يحاكمه الكاتب باستحضار أسماء كتّاب معروفة للتشيليين، اكتفى بتحريفها بعض الشيء، باستثناء اسم نيرودا، الذي يبقى حاضراً من بعيد.

ينكب الفتى على قراءة الأدب الكلاسيكي، والحركات الأدبية الحديثة في تشيلي بفضل الناقد فارويل، الذي يتابع معه نقاشات حول الكتب والشعر والروايات، إلى أن يصير اسمه متداولاً في الوسط الأدبي، كقس أديب.

يزور شخصان لاكروا ليعرضا عليه القيام برحلة إلى أوروبا لإنجاز دراسة عن أفضل طرق القساوسة لحماية "الآثار الرومانسكية والقوطية من فضلات الحمام التي يتضاعف عدده بشكل هندسي". يسافر القس الشاب في المهمة ويعود إلى بلده.

وخلال فترة قصيرة، يقود الجنرال بينوشيه انقلاباً على الرئيس سلفادور الليندي، فيعاود الشخصان زيارة القس، ليعرضا عليه هذه المرة تقديم دروس في مبادئ الماركسية للمجلس العسكري الحاكم.

خلال الدروس، يظهر زيف المجلس الحاكم، إذ أن أفراده هم الآخرون يدّعون الثقافة والكتابة بالسر: "وماذا إذاً كان الليندي يقرأ باعتقادك؟ مجلات، كان يقرأ مجلات. أنا أقرأ كتباً في التاريخ، أقرأ كتباً عن النظريات السياسية، وأقرأ حتى الروايات"، يقول الرئيس بيونشيه في حوار مع القس.

بعد كل ما يراه القس الشاب من محاولة الجميع لأن يكون أديباً، يقرر دخول المنافسة بطبع ديوان شعري في بلده، وآخر في إسبانيا، في الوقت الذي تتردد فيه كلمات فارويل في رأسه حول لا جدوى الكتابة.

يختم بولانيو رحلة تذكّر القس الشاب لاكروا بقصة ترصد مظاهر الادعاء لدى عدد من كتاب ومثقفي تشيلي، حين يجتمعون في بيت الكاتبة المبتدئة مارينا كاييخاس، "عميلة المخابرات التشيلية وزوجة عميل المخابرات الأمريكية مايكل تاوني"، التي ظلت تسعى لأن تكرّس اسمها كروائية من خلال جمعها الفنانين والكتّاب في حفلات صاخبة في بيتها.

بعد كل هذه السنين والقراءات والرحلات في أوروبا ومخالطة الوسط الفني والثقافي الرسمي والمعارض في تشيلي، لا يفلح القس الشاب في أن يصبح شاعراً حقيقياً. هكذا، يختم قصته بالسخرية، بعد أن رأى الزيف والادعاء في عالم الأدباء: "كلنا في نهاية الأمر مؤلفون".

المساهمون