أهداف سويف: موقف من المتحف البريطاني

أهداف سويف: موقف من المتحف البريطاني

20 يوليو 2019
(أهداف سويف)
+ الخط -

باستقالتها من مجلس أمناء "المتحف البريطاني"، تعلن الروائية المصرية البريطانية أهداف سويف موقفاً جذرياً من "سلوك" إحدى أكثر المؤسسات الثقافية تأثيراً في لندن، تلك المؤسسة التي تلقت الكثير من الانتقادات وصمّت أذنيها عن مسائل أثيرت في غاية الأهمية خلال الأشهر الماضية.

سويف، عضو مجلس الأمناء في المتحف منذ عام 2012، قدمت استقالتها في أعقاب قرار المتحف البريطاني بمواصلة العمل مع BP "بريتيش بتروليوم"، التي وصفتها بأنها من الجهات التي تسيء إلى العالم، قاصدة بذلك مساهمة الشركة في التلوث والاحتباس الحراري. وفي بيان نشرته صاحبة "خارطة الحب" على موقع "لندن ريفيو أوف بوكس" قالت إن قرارها هو "استجابة تراكمية لعدم ثبات المتحف في القضايا ذات الأهمية الحاسمة للأشخاص الذين ينبغي أن يكونوا هم دائرة اهتمامه الأساسية: الشباب والأقل حظاً".

بالإضافة إلى اتفاقية الرعاية المثيرة للجدل مع "BP"، فإن سويف تحمل المتحف مسؤولية بصمته عن إعادة القطع الأثرية المنهوبة إلى بلدانها الأصلية، فضلاً عن قراره بعدم إعادة موظفين من خدمة تنظيف شركة "Carillion" بعد أن أفلست وظل موظفوها الذين يعمل بعضهم في المتحف منذ عشرين سنة، يواظبون على الحضور والتنظيف ويتلقون رواتب بلا تعيين، وقد رفض المتحف مناقشة أمر تعيينهم تماماً، رغم محاولات سويف وضع المسألة على طاولة النقاش.

كتبت سويف: "تتحمل المؤسسات الثقافية العامة مسؤولية: ليس فقط تجاه عملها، ولكن مسؤولية أخلاقية في الطريقة التي تضع بها نفسها في ما يتعلق بالمسائل الأخلاقية والسياسية". وأضافت: "لقد دخل العالم في معارك حول تغير المناخ، وعدم المساواة...، وإرث الاستعمار، ومسائل الديمقراطية، والمواطنة، وحقوق الإنسان. في جميع هذه القضايا يحتاج المتحف إلى اتخاذ موقف أخلاقي واضح".

تأتي استقالة صاحبة "في عين الشمس" في أعقاب خطاب مفتوح كتبه الفنان غاري هيوم ووقعه ثمانون فنانًا؛ بمن فيهم ألين جونز، وأنيش كابور، وكريستيان ماركلي، وجيليان ويرنغ، جددوا فيه مطالبات بأن تنأى المؤسسة الثقافية عن تلقي أي دعم من الشركة النفطية. وجاء في الرسالة: "نعتقد أن خسارة شركة بريتيش بتروليوم كمصدر للتمويل اليوم أمر يستحق التكلفة، إلى أن تغير الشركة مسارها وتمكن الأجيال القادمة من صنع الفن في عالم يشبه عالمنا".

أما ريتشارد لامبرت، رئيس مجلس الأمناء، فقد صرح لصحيفة "غارديان" أن خروج سويف المفاجئ كان "لحظة حزينة" و"غير متوقع". وأضاف أن المتحف ممتن لرعاية شركة النفط العملاقة. "لقد مكنت شركة BP من إقامة معارض شاهدها أربعة ملايين شخص... لم نتمكن من القيام بذلك بدون هذا الدعم. وقد قررت المؤسسة تمديد شراكتها مع شركة BP حتى عام 2023 في اجتماع مجلس الإدارة الذي عقد قبل أسبوعين".

الكاتب المصري شادي لويس بطرس، المقيم في لندن، علّق على موقف سويف على حسابه في فيسبوك قائلاً إن "سويف نموذج لمعنى أن تكون أديباً وكاتباً لديك موقف أخلاقي عملي من العالم، ومعنى أن تكون في موقف مراجعة دائمة للمؤسسات التي تتعامل معها وتكون جزءاً منها، ببساطة إنها مثال للحد الأدنى من المسؤولية الأخلاقية للمبدع بوصفه مواطناً وإنساناً قبل أي شئ آخر" (البوست كتب بالعامية).

سويف ناشطة حقوقية في مجالات عدة، وهي كذلك مؤسِّسة "احتفالية فلسطين للأدب"("بالفست")، وإلى جانب رواياتها التي كتبتها بالإنكليزية وحظيت بتقدير واسع؛ نشرت "في مواجهة المدافع: رحلة فلسطينية" (2004)، وقد أصدرت عقب ثورة 25 يناير كتاباً بعنوان "مدينتي وثورتنا". موقف سويف يضع كل مثقف في مواجهة أمام مواقفه وخياراته، لا سيما في مؤسسات الثقافة العربية، التي تخلى كثير منها عن طرح الأسئلة وعن دورها الجوهري كناقد لمحيطها السياسي والاجتماعي وفاعل إيجابي في حياة الشباب والمهمشين أو كما تصفهم سويف بـ"الأقل حظاً".

المساهمون