"مفهوم الأخلاق": تبديد أوهام متداولة

"مفهوم الأخلاق": تبديد أوهام متداولة

04 سبتمبر 2019
(ولتر ستيس (يمين) مع زميله الفيلسوف جورج إدورد مور)
+ الخط -
بأعمال توزّعت مشاغلها بين تاريخ الفلسفة وفكرة الجمال ونظرية المعرفة وإشكاليات الدين والزمن، أخذ المفكّر البريطاني ولتر ستيس (1886 - 1967)، مكانه بين أبرز الأسماء الفكرية في القرن العشرين. في 1937، وضع ستيس كتاب "مفهوم الأخلاق"، والذي بات من مراجع هذا المبحث الفلسفي. صدر هذا الكتاب مؤخراً بالعربية عن منشورات "آفاق" بترجمة أنجزها نبيل باسيليوس.

كثيراً ما يُعتمد التعبير الشائع "ملء فراغ في المكتبة العربية" كتبرير لترجمة أي كتاب. انطلاقاً من ذلك، يقول باسيليوس في حديث إلى "العربي الجديد": "إن فلسفة الأخلاق ليست موضوعاً جديداً، بل هي أحد فروع الفلسفة الأساسية، وقد كُتب الكثير في هذا المجال، ولكن أهمية هذا الكتاب مستمدة من بساطته ولغته السهلة، بالإضافة إلى أهمية الطرح، فالكتاب يدور حول التساؤل عن الأخلاق، وهل هي نسبية أم مطلقة. إنه تساؤل معروف، ولكن ستيس تطرّق له بمهارة في صياغة إجابة حيث يبدد أوهاماً متداولة سواء تلك التي تدَّعي نسبية الأخلاق أو إطلاقيتها، ويحاول التوصل إلى حل ثالث. من هنا تنبع أهمية الكتاب".

من جهة أخرى، يشير المترجم المصري إلى أن الكتاب يتضمّن كل حجج الاتجاهين الرئيسيين في الأخلاق، وهو بذلك بمثابة تأريخ لهذا الحقل الفكري. يقول: "يتعرّض ستيس لأهم أعلام الاتجاهين ويحلل حججهم ويقابلها ببعضها البعض بمهارة". ويضيف: "يتناول الكتاب أيضاً كثيراً من أفكار الفلسفة الحديثة المتعلّقة بالموضوع مثل البراغماتية وفلسفة اللغة وعلاقة الدين بالأخلاق".

قد تكون تجربة ترجمة كتاب في علم الأخلاق مناسبة لفهم واقع هذا المبحث الفلسفي عربياً. يرى باسيليوس أن "قراءة كتاب ستيس تتيح الإجابة عن هذا السؤال، 

فما زالت الاتجاهات الرئيسية في الفكر العربي تدور حول الحجج السالفة نفسها التي عرضها ستيس، بين إطلاقية ونسبوية، ولا يتطوّر الأمر رغم الهنات التي يقع فيها الاتجاهان". يتابع: "السؤال الأخلاقي بشكل عام يتوارى في الآونة الأخيرة، فلم نعد نقرأ كثيراً ضمن هذا الفرع الفلسفي الهام، وهي إشارة خطيرة لتغيّرات جوهرية حدثت. لا بد من تطوير إجابات جديدة تتلافى عيوب الإجابات القديمة عن السؤال الأخلاقي، وإن كانت الإجابة التي قدَّمها ستيس هنا أتت منذ عدة عقود، لكننا للأسف لم نتطوّر عن مستواها بعد".

من جانب آخر، يشير المترجم المصري إلى أهمية ترجمة أعمال فكرية مبسّطة للقارئ العربي: "أهم شيء في ترجمة الكتب الفلسفية هو وضوح الفكرة وسلاسة اللغة، وهو الأمر الذي يختلف من كتاب لآخر، فبعض الترجمات سلسة تماماً، تنم عن فهم المترجِم للفكرة الأصلية بوضوح وقدرته اللغوية على التعبير عنها بسلاسة، والبعض الآخر ينم عن عدم فهم المترجم للفكرة الأصلية أو يفصح عن مشاكل لغوية عربية تحول دون فهم القارئ للفكرة ببساطة، ولكن لا يجب أن يغيب عن بالنا أن المشكلة أحياناً تكون في النص الأصلي، حيث إن بعض الفلاسفة لديهم عيوب خطيرة في التعبير عن أفكارهم، وهو الأمر الغائب تماماً عن ستيس، حيث يمكنه التعبير ببساطة عن أفكار صعبة".

دلالات

المساهمون