الزواحف تؤرّق صيف التونسيّين

الزواحف تؤرّق صيف التونسيّين

15 يوليو 2019
لا بديل عن الحيطة (العربي الجديد)
+ الخط -
دأب المواطن التونسي علي مخلوفي على أخذ الحيطة خلال فصل الصيف خوفاً من الزواحف الخطرة. ويحرص على تنظيف ساحة بيت العائلة منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي من أية أعشاب طفيلية أو صخور أو أثاث لا يحتاج إليه، مخافة أن تصبح أوكاراً للعقارب والأفاعي الباحثة عن أماكن باردة للاحتماء فيها. يقول إنّ غالبية أهالي منطقة مطماطة في الجنوب التونسي يعتمدون على وسائل تقليدية لتجنّب خطر الزواحف صيفاً، وينظفون غالبية الأماكن المحيطة بمنازلهم، ويحرقون الأعشاب الجافة. إلّا أنّ ذلك لا يحميهم نهائياً من خطر الثعابين أو العقارب، إذ كثيراً ما تسجّل إصابات بلدغات تلك الزواحف، خصوصاً في محافظات الجنوب التونسي قرب الصحراء. ومع بدء موجة الحر وخروج الزواحف من طور السكون، تحتاط غالبية العائلات التونسية في العديد من المناطق من الإصابة بلدغات الأفاعي أو الثعابين أو العقارب الخطرة، خلال بحثها عن أماكن تحتمي فيها من حرارة الطقس، ما يجعلها تتوجّه إلى بيوت السكان والاحتماء قربها.




في المقابل، تقدّم وزارة الصحة، تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر يوليو/ تموز، بلاغاً يتضمّن جملة من التوصيات للأهالي، خصوصاً في مناطق الوسط والجنوب التونسي، حيث تنتشر تلك العقارب والأفاعي بشكل كبير. وتؤكد الوزارة ضرورة نزع الحصى والحجارة من محيط المنازل، وإزالة الأعشاب الطفيلية المحيطة بها، إضافة إلى ضرورة إغلاق الشقوق الموجودة في الجدران والأسقف.

وتوصي الوزارة بضرورة حماية الأرجل وارتداء الأحذية المغلقة، وفحص الأحذية والملابس والفراش قبل استعمالها، لتجنب الزواحف التي قد تكون قد اختبأت فيها، والحذر خلال العمل في الحقول وإزالة الأعشاب أو جمع المحاصيل.

على صعيد آخر، تنشر الوزارة جملة من التوصيات تتعلّق أساساً بكيفية التدخل إذا ما تعرّض أحد ما إلى لدغة من الزواحف، من بينها ضرورة التوجه إلى أقرب مركز صحي وعدم تحريك الجزء المصاب، لأن حركته تزيد من انتشار السم داخل الجسم، إضافة إلى عدم الخوف والانفعال اللذين يؤديان إلى تسريع نبض المصاب وتوسعة الأوعية الدموية ما يسهل وصول السم إلى كل أعضاء الجسم. وتوصي الوزارة بتجنّب المداواة بالوسائل التقليدية التي قد تضاعف الأضرار.

وعلى الرغم من توصيات وزارة الصحة وتحذيرات غالبية سكان المناطق الصحراوية أو الزراعية، تسجّل سنوياً آلاف الإصابات بلدغات الزواحف في مناطق عدة. وبحسب إدارة الصحة الأساسية، فإنّه يسجل في تونس أكثر من 10 آلاف إصابة سنوياً بلدغات العقارب والأفاعي، وقد بلغت في عام 2018 نحو 15 ألف حالة، وغالباً ما تسجل خلال أشهر الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، لا سيما في مناطق الوسط والجنوب التونسي، نظراً لخصوصية بيئتها ومناخها ونشاطها الزراعي على غرار توزر وقبلي ومدنين والقيروان وتطاوين، علماً أن هناك عشرات الإصابات الأخرى التي لا يبلغ عنها، وتُعالج بوسائل تقليدية.

محمد مجدوبي أُصيب الصيف الماضي بلدغة أفعى خلال عمله في ورشة بناء، ما استوجب نقله إلى المركز الصحي في منطقة توزر. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ العديد من الناس في الجهة يلجأون إلى العلاج بوسائل تقليدية إذا كانت اللدغة بسبب عقرب. وعادة ما يربط الشخص محل الإصابة لامتصاص الدم، ثم يضع قليلاً من السمن ليشعر بتحسن. يضيف أنّ غالبية الناس ما زالوا يعتمدون هذه الوسيلة نظراً لبعد تجمعاتهم السكنية عن المراكز الصحية. ويلجأ آخرون إلى بعض الأعشاب الصحراوية لتخفيف الألم وتقليص نسبة انتشار السم في الجسد ريثما يذهبون إلى أقرب مركز صحي للعلاج. على صعيد آخر، يشير مجدوبي إلى أنّ غالبية أهالي المناطق الجنوبية يلجأون إلى تربية القطط والديك الرومي والبط وبعض الحيوانات الأخرى بشكل كبير لأنّها تقتل الزواحف. ويقول إن العديد من التجمعات السكنية تكون في عمق الصحراء، أي أنّها بعيدة عن المراكز الصحية. لذلك، يلجأ الأهالي إلى الوسائل التقليدية للاحتياط من الأفاعي والعقارب، مضيفاً أنّ العديد منهم يستعمل وسائل تقليدية للعلاج وهي مفيدة في غالبية الأحيان لأنّها كانت الوسيلة الوحيدة للتدخل قبل تطور الطب، منها اللجوء إلى الضغط على مكان اللدغة باستعمال بعض الأقمشة وجرح المنطقة المصابة لخروج الدم المسموم قبل تدفقه إلى باقي الجسم، ثمّ غسله بالماء والصابون التقليدي المصنوع في البيت، وهي تدخلات يجب أن تتم بشكل سريع.




انتشار الزواحف بشكل كبير في العديد من المناطق الجنوبية جعل من صيدها هواية لدى البعض، في وقت يستفيد منها آخرون لتحقيق بعض المداخيل. إذ يقبل العشرات من الأطفال وشباب تلك المناطق على صيدها وبيعها للوسطاء الذين يبيعونها بدورهم إلى معهد باستور لصنع لقاحات مضادة للدغات العقارب. يجمع الوسيط الواحد نحو 100 ألف عقرب أسبوعياً ويسلمها إلى المعهد. في المقابل، يوزّع المعهد 12 ألف لقاح بشكل مجاني في مناطق مختلفة في البلاد. ويرى البعض أنّ صيد العقارب والأفاعي ساهم بشكل كبير في الحد من انتشارها.

دلالات