طلاب الجزائر من حراك الشارع إلى مواجهة كورونا

طلاب الجزائر من حراك الشارع إلى مواجهة كورونا

19 ابريل 2020
تمكنوا من صنع ملابس واقية (رياض كرامدي/ Getty)
+ الخط -
منذ علق طلاب الجامعات في الجزائر حراكهم، بما فيه من تظاهرات، في 22 مارس/ آذار الماضي، بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد في البلاد، حوّلوا كامل جهودهم باتجاه إسناد المجهود الرسمي والمجتمعي لمواجهة الفيروس

توجه قسم من الطلاب الجامعيين في الجزائر نحو المختبرات للمساعدة في إنتاج المحاليل والمواد الطبية المساعِدة في مواجهة فيروس كورونا الجديد. وفي ظلّ توقف حراكهم الطلابي منذ أواخر الشهر الماضي بسبب الأوضاع الصحية الحالية، اتجه بعضهم نحو إنتاج نماذج من الكمامات الطبية وبعض التجهيزات الأخرى، فيما يشارك غيرهم في العمل الخيري والأهلي لجمع وتوزيع المساعدات على العائلات المحتاجة.

في فترة قصيرة، نجح طلاب جامعيون أعضاء في "التجمع الطلابي من أجل الحرية والتغيير" ممن كانوا يقودون التظاهرات الطلابية كلّ ثلاثاء، بتصنيع نحو 70 قناعاً بلاستيكياً واقياً خاصاً بالأطباء، وأكثر من ألف قارورة محلول معقّم جرى تقديمها لرجال الحماية المدنية ورجال الأمن وعمال مستشفيات البليدة - الولاية الأشد تأثراً بالفيروس - بالإضافة إلى إطلاق حملة لجمع التبرعات لتصنيع الكمامات والملابس الواقية. ومنذ بدء الخطة الحكومية لمواجهة فيروس كورونا الجديد، قرر طلاب الجامعة المركزية، في وسط العاصمة الجزائرية، والأعضاء في مختلف النوادي العلمية إطلاق مبادرة لتصنيع أكبر عدد ممكن من الأقنعة البلاستيكية الواقية والكمامات وتوزيعها على الأطباء في مختلف مستشفيات العاصمة.



قبل ذلك، كان طلاب قسم علوم الطبيعة والحياة وقسم علوم المادة، في كلية العلوم بالجامعة المركزية بالعاصمة، بالتنسيق مع إدارة الجامعة، قد نجحوا في تصنيع 700 قارورة مطهّر كحولي من سعات مختلفة في مختبرات الجامعة، إذ جرى تقديم المعقمات إلى مستخدمي الصحة بمستشفى بوفاريك بالبليدة، وإلى رجال الحماية المدنية والأمن. وساعدت إدارة الجامعة في دعم هذه المبادرة التي وفرّت كلّ الإمكانيات، وسهّلت إجراءات التصنيع والنقل والتوزيع، كما بادر طلاب كلية الصيدلة وكلية الأحياء في جامعة "تيزي وزو" في منطقة القبائل، بإنتاج مطهر كحولي داخل مختبراتهما وتوزيعه مجاناً على المواطنين.

بدورهم، التحق طلاب الطب، لا سيما من هم في السنوات الدراسية المتقدمة أو على مشارف إنهاء الدراسة، بالمستشفيات والمراكز الصحية للمساعدة في التكفل بالمرضى. يتحدث الطالب في كلية الطب بجامعة "الجزائر" وليد مهداوي لـ"العربي العربي"، عن أنّ الطلاب لبوا نداء الواجب لمساعدة الأطباء وعاملي الصحة العامة، وتمكينهم من مختلف الأدوات المتعلقة بالتعقيم في إطار "التضامن مع الجيش الأبيض". يشير إلى أنّ الطلاب يبرهنون أنّهم قوة طليعية قادرة على المشاركة في معركة الحريات في الشارع، ومعركة مواجهة فيروس كورونا، مضيفاً: "لقد انتقلنا من الحراك الشعبي إلى الحراك الصحي والوقائي والتوعوي. تغيرت الطريقة والأسباب لكن لم تتغير الأهداف".

بالإضافة الى المحاليل الطبية، تمكّنت عشرات من الفرق الطلابية خلال الأسبوع الماضي من توفير الآلاف من الملابس الواقية، والكمامات المعقّمة التي أنتجت داخل الجامعات، ويجري توزيعها على المستشفيات والمصحات في مختلف ولايات الجزائر للعاملين الطبيين، ولسد النقائص التي تشتكي منها مؤسسات صحية عدة خصوصاً في الولايات الداخلية. وصمم طلاب جامعة "تلمسان" كمامات ومعدات طبية بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتبرعوا بها للمستشفيات. وتوصل طلاب آخرون إلى صنع كمامات معقمة من مادة البوبلين ليستخدمها عمال النظافة وغيرهم ممن يعملون في الشوارع والمتاجر.

من جهتها، انتقلت مجموعة من الطلاب من الشارع والفعاليات الاحتجاجية إلى المساهمة مع جمعيات وتنظيمات أهلية في تأسيس مبادرات تضامنية، كجمع الأموال والتبرعات الموجهة لشراء الكمامات والملابس والأقنعة الواقية وتوزيعها على مختلف المستشفيات في العاصمة الجزائرية، أو اقتناء مواد تموينية توزع على العائلات الفقيرة. وساهمت مجموعة الحراك الطلابي لجامعة "تلمسان"، غربي الجزائر، في جمع تبرعات وتوزيع حصص غذائية لصالح العائلات المحتاجة، بالإضافة إلى المساهمة في تنظيم بعض عمليات استخلاص الرواتب في مراكز البريد.



ويثير جهد الطلاب ومساهمتهم في دعم مجهود مكافحة فيروس كورونا ردود فعل إيجابية لافتة في الجزائر. ويعتبر الإعلامي والناشط مروان الوناس، في حديث إلى "العربي الجديد"، أنّ ما يقوم به الطلاب لتقديم مساعدات يؤكد أنّ "الحراك حالة وعي مجتمعية، وكانت المسيرات جزء يسير من تجليات هذا الوعي". يتابع: "كثيراً ما أبدع الطلاب في التعبير عن هموم المواطن الجزائري، خصوصاً في الأزمات التي تمس كلّ الجزائريين من دون استثناء، لا سيما في مثل هذا الوقت العصيب الذي تمرّ به الجزائر، ومعها العالم بأكمله".

المساهمون