القطاع الصناعي يتراجع في الولايات الداعمة لترامب

رغم إصراره على "متانة" الاقتصاد... القطاع الصناعي يتراجع في الولايات الداعمة لترامب

06 أكتوبر 2019
التراجع بالقطاع الصناعي هذا العام "كان الأشد" خلال القرن(Getty)
+ الخط -


بدأ الانتعاش الذي شهدته الصناعات الأميركية يتداعى، في عهد الرئيس دونالد ترامب، رغم وعوده الكثيرة، بعد التحسّن الذي شهده القطاع، لفترة وجيزة، خلال سنوات الرئيس الأولى في السلطة.

وبدأت مصانع السيّارات والصلب تغلق أبوابها، في وقت تعلن فيه الشركات تسريح موظفين ومنحهم إجازات بدون راتب. ووصل إنتاج المصانع إلى مرحلة الخطر حسب عاملين بها.

وتبدو التوقعات لنهاية العام غير مطمئنة، مع تزايد المخاوف من احتمال دفع حروب ترامب التجارية مع الصين وأوروبا، عبر فرض رسوم جمركية على منتجات بقيمة مليارات الدولارات، أكبر قوة اقتصادية في العالم، باتّجاه الركود على وقع تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وتشكّل سوداوية المشهد في مناطق البلاد التي أهدت ترامب الفوز بفارق ضئيل عام 2016، مصدر القلق الأبرز بالنسبة للرئيس الأميركي، في وقت يسعى فيه إلى الفوز بولاية ثانية العام المقبل، لكن يبدو أنّ البيت الأبيض غير مستعد للإقرار بذلك.

وفي سبتمبر/ أيلول، مع تباطؤ خلق فرص عمل جديدة، وتراجع ثقة المستهلكين والمؤشرات الرئيسية وتباطؤ نشاط المعامل، هاجم ترامب الديمقراطيين ومجلس الاحتياطي الفدرالي وكل شيء، عدا سياسته التجارية متّهماً وسائل الإعلام بـ"استجداء" حدوث ركود.

وقال ترامب، في مؤتمر صحافي، بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول "ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي بشكل ملموس. بلدنا أقوى اقتصادياً من أي وقت مضى".

لكن في الواقع، تراجع مؤشر معهد إدارة التوريد الصناعي، والذي يعد مقياس صحة المصانع الأميركية الأكثر متابعة، إلى مستوى الخطر، في أغسطس/ آب، لأول مرّة منذ ثلاث سنوات، وبعد أسبوع من تصريحات ترامب، تراجع إلى أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية.


وقال رئيس لجنة المسح التجاري في معهد إدارة التوريد الصناعي تيم فيور، لوكالة "فرانس برس"، إنّ التراجع هذا العام "كان الأشد" خلال القرن برمته.

وقال "إنه أشبه بهبوط"، محذّراً من تزايد مخاطر حدوث ركود. وأفاد "أعتقد أنّه إذا بقينا تحت 50% لعدة أشهر إضافية، فلن يكون الأمر جيداً كثيراً".

تعامل انتقائي

واعتباراً من أغسطس/ آب، انخفض عدد العاملين في قطاع الصناعة، في كل من ويسكنسن وبنسيلفانيا وكارولاينا الشمالية وميشيغن، مقارنة بأواخر العام 2018، بحسب بيانات وزارة العمل.

وحقق ترامب في بنسيلفانيا وويسكنسن وميشيغن، والولايات التي تعد غاية في الأهمية خلال الانتخابات، هامش فوز، في 2016، بلغ أقل من 78 ألفاً من نحو 14 مليون صوت.

وفي تصريحات غاضبة على التلفزيون، اتّهم كبير مستشاري ترامب في مجال التجارة بيتر نافارو، وسائل الإعلام بـ"التغنّي" بتراجع الاقتصاد.

وقال نافارو، عبر شبكة "سي إن بي سي"، "الاقتصاد في عهد ترامب قوي كالصخرة. والصناعة قوية كالصخرة"، معتبراً أنّ الحديث عن خسارة الوظائف في بنسيلفانيا هو مجرّد "تعامل انتقائي مع المعلومات" والأرقام.

وفي 30 سبتمبر/ أيلول، حمّل حاكم لويزيانا الديمقراطي جون بيل إدواردز، حروب ترامب التجارية، مسؤولية إفلاس مجموعة "بايو ستيل" لصناعة الصلب، والذي تسبب بإلغاء نحو 400 وظيفة.

وفي مقاطعة أوسينا في ميشيغن، حيث ازداد الدعم للجمهوريين في انتخابات 2016، أعلن معمل لصهر الفولاذ تديره شركة "وابتيك" لصناعة القطارات، الشهر الماضي، أنّه سيغلق أبوابه، بحلول نهاية العام، وسيسرّح 61 عاملاً بسبب "تراجع الظروف بالنسبة للأعمال التجارية".

وفي وقت سابق خلال الصيف، سرّح معمل "إن إل إم كي- يو إس أيه" الروسي للفولاذ، نحو مئة موظّف في مقاطعة ميرسر الرائدة في هذا المجال في بنسيلفانيا، عازياً الخطوة إلى الرسوم التي فرضها ترامب على ألواح الصلب المستوردة التي يعالجها المصنع.

وناشد عضو الكونغرس مايك كيلي؛ المؤيد لترامب، البيت الأبيض، المساعدة لكن بدون جدوى.

ودعمت مقاطعة ميرسر، ترامب، بشكل كبير في 2016، حيث ساهمت الأصوات الكثيرة التي حصل عليها في منحه أغلبية على نطاق الولاية.

ضربة كبرى

وأظهرت بيانات من معهد "بروكينغز"، أنّه على صعيد البلاد، تبدو المقاطعات الجمهورية الأكثر تأثّراً بتراجع الصناعة.

ويبدو المشهد صارخاً أكثر في الولايات التي تلعب دوراً حاسماً في المعركة الانتخابية. وفي مقاطعات ويسكنسن وميشيغن التي فاز فيها ترامب، تشكّل الصناعة ما يقارب وظيفة من كل خمس. أما في مناطق الديمقراطيين، فلا تشكّل إلا نحو وظيفة من كل عشر.


ويشير مارك مورو من معهد "بروكينغز"، إلى أنّه مع الأخذ في الاعتبار "مدى قدرة الاقتصاد على تشكيل السلوك السياسي، وهو أمر قد لا يحدث في هذه المرحلة، قد يكون هذا التباطؤ غير مناسب" بالنسبة لترامب.

وقالت أوليف ماكيثان رئيسة بلدية فاريل في بنسيلفانيا، حيث معمل "إن إل إم كي" للفولاذ، لـ"فرانس برس"، إنّ عمليات تسريح الموظفين شكّلت ضربة كبرى للناخبين في مدينتها، محمّلة ترامب ورسومه الجمركية المسؤولية، مضيفة أنني "آمل أن يكون جميع من صوّتوا للرئيس الـ45 (للولايات المتحدة) سعيدون" بخيارهم.

لكن رئيس مجلس مفوّضي مقاطعة ميرسر الجمهوري ماثيو ماكونيل، الذي كان نفسه عاملاً في مجال الصلب، اعتبر أنّ التأييد لترامب لم يتضاءل.

وقال، لـ"فرانس برس"، إنّه "إذا تمّت الانتخابات اليوم، فسيكون هناك دعم أكبر لترامب"، معتبراً أنّ مواجهة ممارسات الصين التجارية "غير المنصفة هي أمر ضروري".

وأضاف "لم تكن لديه أي نوايا سيئة تجاه موظفي (إن إل إم كي)، لكن كشخص مهتم بالأعمال التجارية يجد أحياناً ضرورياً اتّخاذ قرارات تصب في مصلحة الأغلبية على حساب البعض".

(فرانس برس)

المساهمون