دراغي يرفض اتهامات ترامب...وأسهم أوروبا في ذروة 6 أسابيع

دراغي يرفض اتهامات ترامب...وأسهم أوروبا في ذروة 6 أسابيع

18 يونيو 2019
تصريحات دراغي أضعفت اليورو وعززت قدرة أوروبا التنافسية (Getty)
+ الخط -
رفض رئيس المصرف المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، اليوم الثلاثاء، الاتهامات التي وجهها إليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالتلاعب بأسعار الصرف لصالح منطقة اليورو، في وقت قادت تصريحاته أسهم القارة إلى أعلى مستوياتها في 6 أسابيع.

دراغي قال خلال المنتدى السنوي للبنك الأوروبي في البرتغال، رداً على سؤال حول انتقادات الرئيس الأميركي: "ليس لدينا أي هدف لسعر الصرف"، مضيفاً: "لدينا مهمتنا ولدينا تفويضنا (...) وهما استقرار الأسعار"، وشدد على أن هذا هو تفويضه الوحيد.

ورغم أنه سبق لدراغي أن أشار إلى هذا الاحتمال مطلع يونيو/ حزيران، الا أن تصريحاته اليوم أثارت غضب ترامب الذي رأى فيها مناورة في منطقة اليورو لخفض سعر صرف عملتها مقابل الدولار وزيادة صادراتها.

وقد أعلن دراغي صباحا، أن البنك الأوروبي قد يبدأ خفض معدلات الفائدة بعد أكثر من ثلاث سنوات من الجمود.
وكتب ترامب على تويتر أن دراغي "أعلن للتو أن إجراءات جديدة قد تشكل حافزا للاقتصاد ما أدى إلى تراجع اليورو مقابل الدولار، الأمر الذي يمنحهم ميزة غير عادلة للتنافس مع الولايات المتحدة".

وأضاف ترامب أن الأوروبيين "كانوا يفعلون ذلك منذ سنوات مع الصين وغيرها"، متهماً الشركاء الدوليين بالتلاعب في أسعار صرف عملاتهم.


واكتفى دراغي بتكرار تصريحاته التي أدلى بها مطلع يونيو خلال الاجتماع التقليدي للبنك المركزي الأوروبي، ولكن وسط أجواء من الكثير من التكهنات حول السياسات النقدية في منطقة اليورو والولايات المتحدة، حسبما نقلت عنه فرانس برس.

وقال: "لا يزال التخفيض الجديد للفائدة وإجراءات التخفيف للحد من الآثار الجانبية، تشكل جزءًا من أدواتنا".


وأسفر التطرق إلى هذا المسار، في غضون أسابيع قليلة، إلى ارتفاع كبير في أسواق الأسهم، وعودة سعر صرف اليورو إلى 1.12 دولار، فضلا عن الهدوء في سوق السندات الحكومية.

وبلغ معدل الاقتراض لعشر سنوات في فرنسا للمرة الأولى نقطة سلبية الثلاثاء، لينضم إلى معدل الاقتراض الألماني بالاستحقاق ذاته.

إعادة تنشيط برنامج شراء الأصول

أندرو كاننغهام، من "كابيتال إيكونوميكس"، أبدى اعتقاده بأن "هذا هو أوضح مؤشر، حتى الآن، على أن البنك المركزي سيخفض معدلات الفائدة ويعيد تنشيط برنامج شراء الأصول في الأشهر المقبلة" إذا لم يرتفع التضخم مرة أخرى.
أما بالنسبة لفريدريك دوكروزيه، من "بيكتيه" لإدارة الثروات، فإن "انفتاح دراغي حيال خفض معدلات الفائدة" مرتبط أيضا بتحركات محتملة لأسعار الصرف ناجمة عن السياسة النقدية في الولايات المتحدة.

ويعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اجتماعا غدا الأربعاء، ويتوقع مستثمرون "مؤشرات تدل الى أن خفض معدلات الفائدة في طور الإعداد أو يكاد يكون كذلك"، بحسب تانغي لوليبو الوسيط لدى "أوريل بي جي سي".

وتعكس هذه التكهنات تحولا في التوقعات على جانبي المحيط الأطلسي. فقبل أشهر قليلة، كان السؤال الرئيسي هو متى سيقرر المصرفان المركزيان رفع معدلات الفائدة والى أي مدى.

لكن تدهور الأوضاع الاقتصادية عالميا إلى جانب التوتر التجاري بين واشنطن وبكين وبروكسل، دفعا المؤسسات إلى التخفيف من حدة خطاباتها.

تيسير كمي جديد؟

وردا على سؤال لدراغي عما إذا كانت خطوته التالية بشأن معدلات الفائدة تتجه نحو زيادتها، أجاب: "كلا".

ومع تأكيد الثلاثاء، يبدو أن المسألة باتت محسومة وفقا لكابيتال إيكونوميكس إذ يمكن للبنك المركزي الأوروبي تخفيض "معدلات الفائدة على الودائع" في ديسمبر/ كانون الأول إلى 0.5% سلبي، في حين يبقى المعدل الرئيسي للائتمان صفرا.

وبما أن معدل فائدة الإيداع وصل إلى 0.4% سلبي منذ مارس/ آذار 2016، ما دفع بالبنوك إلى تكليف البنك المركزي الأوروبي بفائض السيولة لديها. ومن شأن مثل هذا الاحتمال أن يعزز النقاش حول نظام "المستويات" للمؤسسات كما هي الحال في السويد وسويسرا.
لكن هذا ليس كل شيء، لأن دراغي اعتبر أن البنك الاوروبي لا يزال لديه "هامش كبير" لإحياء برنامج مشتريات الأصول الصافية الذي يطلق عليه تسمية "التيسير الكمي" وقد بلغ حجمه 2600 مليار يورو بين عام 2015 وأواخر عام 2018.

مؤشرات الأسهم الأوروبية

وقادت تصريحات تشي بالتيسير النقدي من دراغي أسهم القارة إلى أعلى مستوياتها في ستة أسابيع اليوم الثلاثاء، في حين تعززت المعنويات أيضا بأنباء أن الولايات المتحدة والصين ستستأنفان محادثات التجارة خلال قمة مجموعة العشرين.

وأضعفت تصريحاته اليورو، وخفضت عوائد السندات الأوروبية إلى مستويات متدنية جديدة وساعدت أسواق الأسهم على الصعود في أنحاء العالم.

وأغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي مرتفعا 1.8%، بعد أن تراجع 0.5% في وقت سابق من الجلسة. وحقق المؤشر أفضل مكاسبه في 5 أشهر، وفقا لبيانات رويترز.

وصعدت مؤشرات إيطاليا وفرنسا وألمانيا أكثر من 2% في حين أغلق معظم باقي المؤشرات على صعود فاق 1%.
وتلقت أسهم منطقة اليورو دفعة إيجابية على نحو خاص، حيث صعدت 2% مع استفادة المصدرين من تراجع العملة الموحدة.

وارتفعت أسهم الشركات الحساسة لحركة التجارة مثل السيارات والموارد الأساسية بفضل أنباء أن واشنطن وبكين ستستأنفان محادثات التجارة بعد توقف طويل للإعداد لاجتماع يُعقد في وقت لاحق هذا الشهر.

وصعد مؤشر قطاع المرافق الأوروبي 2.3%، فيما قال فلوريان هينس خبير الاقتصاد الأوروبي لدى بيرينبرغ في لندن: "نستنتج من نبرة تصريحات دراغي أن الأمر لن يتطلب على الأرجح سوى انحراف نزولي صغير في النمو والتضخم الأساسي، و/أو تراجع فائق في توقعات التضخم من واقع المسوح، لكي يتحرك المركزي الأوروبي".

صعود "وول ستريت" أيضاً

كذلك، فتحت الأسهم الأميركية على أعلى مستوياتها في 6 أسابيع اليوم الثلاثاء، في موجة يقودها المؤشر ناسداك المجمع، حيث عززت قرارات التيسير النقدي من البنك المركزي الأوروبي التوقعات لموقف مماثل من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي).

وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 0.45% إلى 26228.88 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.59% إلى 2906.71 نقطة، وتقدم ناسداك 0.97% إلى 7920.98 نقطة.

رهان على هبوط غير مسبوق للأسهم منذ عام 2009

إلى ذلك، أظهر مسح أجراه بنك أوف أميركا ميريل لينش لمديري الصناديق في يونيو/حزيران أن المستثمرين يراهنون على هبوط الأسهم بشكل غير مسبوق منذ أوائل 2009، حينما كان العالم غارقا في أزمة مالية أوقد شرارتها انهيار بنك ليمان براذرز.

وتوضح نتائج المسح الشهري التي نُشرت اليوم الثلاثاء أن مخصصات الصناديق للأسهم العالمية هبطت 32 نقطة مئوية عن مايو/ أيار إلى خفض الوزن النسبي بصافي 21%. وهذه أقل مخصصات للأسهم منذ مارس/آذار 2009، وثاني أكبر هبوط في شهر واحد على الإطلاق.

في تلك الأثناء، قفزت مخصصات السندات 12 نقطة مئوية إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر/ أيلول 2011، حيث أطلقت دلائل على التيسير النقدي من بنوك مركزية وتوقعات تضخم متدنية للغاية، ارتدادا في أفق أسعار الفائدة بالسوق.

وقال المستثمرون إن السندات الحكومية الأميركية كانت المعاملة "الأكثر ازدحاما" للمرة الأولى في تاريخ المسح، بينما رأى 56% من المشاركين في الحرب التجارية أكبر خطر يهدد السوق.

وكشف المسح أن النسبة المئوية للمستثمرين الذين يتوقعون ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل قد هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ 2008.

المساهمون