"الترانزيت" طوق نجاة لتصدير سلع شمال سورية عبر تركيا

انطلاق تجارة "الترانزيت"... طوق نجاة لتصدير سلع شمال سورية عبر تركيا

26 يونيو 2019
إدلب: انتعاشة بعد تعزيز التجارة مع تركيا (فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت تجارة "الترانزيت" بين كل من تركيا والمناطق المحررة من سيطرة النظام السوري في شمال غرب سورية، عن طريق المعبر الحدودي معبر جيلفا غوزو (باب الهوى)، في خطوة وصفها مراقبون بأنها طوق نجاة للمنتجات السورية.

وشهدت التجارة بين تركيا وشمال غرب سورية حراكاً متزايداً خلال الأيام الأخيرة، رغم حصر الاستيراد والتصدير بين الجانبين في المنتجات الضرورية. وتجارة الترانزيت هي نقل السلع من دولة المنشأ إلى دولة أخرى تمهيداً لتصديرها إلى مختلف دول العالم.

وفي هذا السياق، يؤكد التاجر السوري محروس الخطيب، تدفق بعض المنتجات الغذائية وموادّ البناء التركية باتجاه إدلب وريف حلب، في الوقت الذي بدأت المنتجات الزراعية السورية دخول الأراضي التركية، نتيجة وفرتها. ويكشف الخطيب لـ"العربي الجديد" أن تجارة الترانزيت بين المناطق السورية المحررة وتركيا، قديمة ومطبقة منذ 2015 ولكن بشكل غير رسمي.
وأشار إلى أن هذه المرة تم تحديد معبر واحد لتجارة الترانزيت، ووضعت أطر قانونية للعلاقة بين تركيا والمجالس المحلية أو الفصائل التي تسيطر على المعبر في ما يخص الجانب التجاري، فضلاً عن أن أنقرة سمحت بإدخال وإخراج الموادّ المنصوص عليها بعد موافقة من وزارة التجارة التركية.

وحول إمكانية إدخال سيارات وآلات مستعملة إلى الشمال السوري عبر تركيا "ترانزيت"، يؤكد الخطيب أنه تم منع ذلك منذ مطلع عام 2014، لكن دخول السيارات الجديدة مستمر حتى اليوم.

وكانت قد انطلقت يوم الجمعة الماضي، الفعاليات التجارية المتعلقة بتجارة الترانزيت وتصدير البضائع من الشمال السوري المحرر إلى تركيا وبالعكس، عن طريق معبر جيلفا غوزو (باب الهوى) في ولاية هاتاي على الحدود بين البلدين.

ونشرت وزارة التجارة التركية عبر موقعها الرسمي على الإنترنت بياناً، تضمّن قائمة بالموادّ التي يقدم لها المعبر خدماته الجمركية، سواء في حالة الاستيراد أو التصدير.

وسمحت الوزارة التركية، باستيراد مجموعة من الموادّ من المناطق السورية الآمنة، أهمها اليانسون والشعير واللوز والفول والقمح وغيره. وفيما يتعلق بحالات التصدير إلى سورية، يقدّم المعبر الخدمات الجمركية على الموادّ التي يحتاج إليها سكان ريفي إدلب وحلب "المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة"، كخرسانات الإسمنت الجاهزة وحديد البناء المسلّح وآلات الحفر والأسمدة والسكر وغيرها.
وحسب مراقبين، بات تجار الشمال السوري يملكون سوقاً مهمة للتصدير، بعد سنوات من العشوائية والتقييد، إذ سيصبح بإمكان التجار المسجلين لدى مجلس محافظة إدلب الحرة والمجالس المحلية الأخرى، تصدير المنتجات إلى تركيا بكل سهولة.

ويؤكد المستثمر الزراعي يحيى تناري لـ"العربي الجديد"، أن "الإنتاج الزراعي بالشمال السوري، ورغم حرائق بعض الحقول، يشكل فائضاً عن حاجة السوق المحلية، ولا بد من البحث عن التصدير، سواء لتركيا أو عبرها "ترانزيت"، وخاصة المحاصيل الطبّية والعطرية كاليانسون وحبة البركة والكمون، وأيضاً للحبوب كالشعير والقمح".

ويضيف تناري أن معظم حاجات الشمال السوري المحرر، تأتي عبر تركيا ولم تتوقف منذ عام 2012، لكن موجة دخولها متذبذبة عبر أربعة معابر بين الجانبين. واليوم، تم التركيز على معبر باب الهوى لتجارة الترانزيت خصوصاً، نظراً لحاجة التجار السوريين للتصدير إلى دول غير تركيا، أو إدخال آلات ومعدات وسلع، عربية وأوروبية وصينية، عبر أنقرة.

وحول التزام حكومة أنقرة بتسهيلات لدخول بعض المحاصيل، الفائضة عن حاجة شمال سورية إلى تركيا، يقول تناري: "عادة التعامل يتم عبر شركات وتجار تم الاتفاق معهم خلال زيارات المجالس المحلية السورية إلى تركيا"، مشيراً إلى أن العام الماضي استوردت تركيا البطاطا السورية، وهذا العام استوردت القمح عبر اتفاقات بين الجهات الرسمية التركية والسورية "مجالس محلية".

وكانت مديرية الزراعة في بلدة أخترين التابعة لمنطقة أعزاز بريف حلب، قد أعلنت قبل أيام أن الحكومة التركية قررت شراء محصولي القمح والشعير من الفلاحين في المنطقة.

وحددت المديرية السورية أسعار القمح القاسي بسعر الطن يتراوح ما بين 1200 و1350 ليرة تركية، وطن الشعير 1050 ليرة تركية، وهو سعر يوازي الأسعار المتداولة بسورية.
ويؤكد الاقتصادي التركي خليل أوزون لـ"العربي الجديد"، أن التجارة بين تركيا والشمال المحرر تتوزع على مناطق "درع الفرات وغضن الزيتون" وغيرها التي تزيد عن 600 مليون دولار سنوياً، ونحو 40% من تلك التجارة تتم عبر معبر قارقاميش الحدودي.

ويلفت الاقتصادي التركي إلى أن شكل التجارة أخذ إطاراً قانونياً، وخصوصاً بعد زيارات عدة قام بها ممثلو المجالس المحلية بالشمال السوري إلى تركيا، وإبرام اتفاقات ومذكرات تفاهم مع شركات تركية وغرف التجارة والصناعة، وبمقدمتها غرفة صناعة وتجارة غازي عنتاب.

وكانت منظمة رجال الأعمال المسلمين "موسياد" التجارية التركية، قد افتتحت العام الماضي، مكتباً لها في الشمال السوري "مناطق درع الفرات"، بهدف تقديم الدراسات والاستشارات لرجال الأعمال الراغبين بالاستثمار وافتتاح مشاريع تجارية في المنطقة.

وشهدت "مناطق درع الفرات" زيارة عدد من المستثمرين ورجال الأعمال الأتراك، برفقة مسؤولين عن ولاية كلس والتقوا مع نظرائهم السوريين في غرفة صناعة وتجارة صوران، بالإضافة إلى عدة لقاءات مع رؤساء المجالس المحلية في المنطقة.

وتراجع حجم التجارة بين تركيا وسورية بشكل كبير جداً، إثر اندلاع الثورة في سورية عام 2011. وقد كان حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2010 قد بلغ ملياري دولار، حسب تقارير رسمية.

ووفق بيانات وزارة التجارة الخارجية التركية، فإن صادرات تركيا الحالية لسورية تختلف عن صادرات ما قبل الثورة، إذ تألفت بمعظمها سابقاً من الكهرباء والمشتقات النفطية والموادّ الأولوية للصناعات، فيما تطغى الآن المنتجات الاستهلاكيّة والغذائية والنسيجية وموادّ البناء والسيارات.
وتعول تركيا بشكل كبير على الصادرات في تحسين مؤشراتها الاقتصادية. وحققت صادرات تركيا نمواً بنسبة 11.46% على أساس سنوي، خلال مايو/ أيار الماضي، حسبما أعلنت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، وقد أوضحت في بيان سابق، أن قيمة الصادرات الشهر الماضي، بلغت 16 ملياراً و813 مليون دولار، وهو "الرقم الأعلى في تاريخ البلاد على المستوى الشهري".