محصول وفير للبطاطا يكبّد مزارعي الجزائر خسائر باهظة

محصول وفير للبطاطا يكبّد مزارعي الجزائر خسائر باهظة

25 فبراير 2019
الإنتاج وصل إلى خمسة ملايين طن العام الماضي(فرانس برس)
+ الخط -

يسيطر القلق على المزارع الجزائري نور الدين ميلودي، من جراء وفرة محصول البطاطا (البطاطس)، الذي سجل هذا العام رقماً قياسياً فاق 400 طن، ليوجه ثلثيه للتخزين في غرف تبريد خاصّة بالمنطقة، رافضاً بيعها بثمن يقل عن تكلفة إنتاجها.

ويربط ميلودي، المقيم في مدينة عين الدفلى غربي العاصمة الجزائرية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، مستقبل عائلته بإيجاد حل لمعضلة عمّت مدينته بقوله: "ننتظر أن تشتري الدولة محصولنا من البطاطا أو يساعدنا القطاع الخاص في تصديره وإنقاذنا من الإفلاس".

ودفعت وفرة إنتاج البطاطا، مزارعي عين الدفلى التي يعيش نصف سكانها، المقدر عددهم بـ 800 ألف نسمة، من مداخيل الزراعة على غرار باقي مزارعي البطاطا في الجزائر، إلى عقد اجتماعات دورية من أجل إيجاد حل لمخزونهم من هذه السلعة.

وتحولت وفرة البطاطا إلى نقمة على المزارعين بفعل انخفاض حادّ في الأسعار، الذي وصل إلى 10 دنانير للكيلوغرام الواحد (0.1 دولار) في أسواق بيع الخضر بالجملة، وهو سعر يصفه المزارعون الذين تحدثت معهم "العربي الجديد" بـ "الكارثي"، وسيتسبب لهم بخسائر فادحة بفعل ارتفاع تكلفة الإنتاج، وخصوصاً الأسمدة المستعملة للحفاظ على جودة البطاطا بالإضافة إلى غلاء أسعار البذور.

وما زاد من قلق المزارعين ارتفاع أسعار التخزين بسبب قلة غرف التبريد المخصصة لتخزين البطاطا، إذ تشير أرقام الاتحاد العام للمزارعين الجزائريين إلى وجود عجز في أماكن التخزين المجهزة، يقدر بـ 400 ألف متر مكعب.

وازدادت متاعب المزارعين مع الآلية التي أقرّتها الحكومة، القاضية بتكفل مؤسسة "برودا" الحكومية بشراء الفائض من مخزون البطاطا، إذ بقيت مستحقاتهم عالقة لدى المؤسسة، التي تقوم بشراء المحصول السنوي من المزارعين بسعر مرجعي يتم تحديده كل سنة، على أن تقوم المؤسسة بتخزين المحصول في غرف التبريد وتوجيهها إلى الأسواق في أوقات الندرة، التي تتزامن مع فصل الخريف للحفاظ على توازن الأسعار في الأسواق.

ويقول المزارع إسماعيل جبالي، الذي تقع مزرعته على مساحة 20 هكتاراً (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، في محافظة غليزان (250 غرب العاصمة الجزائرية)، إنه على استعداد لبيع محصوله من البطاطا الوفير للدولة، رغم المماطلة الكبيرة في دفع مستحقات الفلاحين.

ويضيف جبالي لـ"العربي الجديد"، إنه تجنب التعامل مع مؤسسة "برودا" في الموسم الزراعي الماضي، ووجّه محاصيله إلى عدة أسواق بالمحافظات المجاورة متكبداً عناء التنقل وبطء عملية البيع.

ويبرر تراجعه هذه المرة عن موقفه السابق بـ"غياب حلول أخرى من شأنها إنقاذ محصوله هذه السنة، نتيجة الوفرة الهائلة ودخول ولايات أخرى على خط إنتاج نفس المادة".

وفي ظل غياب ضمانات واضحة لعدم تكرار سيناريو الموسم الزراعي الماضي، الذي قدرت فيه وزارة الزراعة والتنمية الريفية والصيد البحري، حجم الإنتاج الوطني من البطاطا بنحو 5 ملايين طن، تتزايد مخاوف المزارعين من عدم الوفاء بسداد الديون المستحقة لصالح موردي البذور والأسمدة والعمّال، كما هو حال المزارع كمال جغدال.

يقول جغدال لـ"العربي الجديد": "إنه مدين بمبالغ كبيرة وينتظر انفراج المشكلة وتحصيل عائدات بيعه البطاطا، للوفاء بالتزاماته التي أصبحت تؤرقه".

وعكس باقي المزارعين، يتمسك جغدال برفض بيع محصوله بالأسعار الحالية، ويقترح رفع سعر الكيلوغرام الواحد على الأقل 5 دنانير، لضمان هامش بسيط من الربح وعدم الوقوع في فخ الخسارة، مشيراً إلى أنه "يفضل التخلص من محصوله بدلاً من بيعه بخسارة".

المساهمون