الصين تتهيأ لحرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة

الصين تتهيأ لحرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة

26 مايو 2019
تأثرت الأسواق والبورصة الصينية بالتوترات التجارية (Getty)
+ الخط -
تستعد الصين لفترة صعبة يغلب عليها تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة إذ تلهب السلطات المشاعر الوطنية بأفلام عن الحرب الكورية وأغنية انتشرت بشكل واسع عن النزاع التجاري ومقالات تندد بواشنطن.

وتحول النزاع التجاري إلى حرب كلامية منذ أدرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعة هواوي للاتصالات على القائمة السوداء الأسبوع الماضي، على خلفية القلق بشأن إمكانية استخدام بكين لمعداتها للتجسس.

وجاءت الخطوة التي تحظر على الشركات الأميركية تقديم التكنولوجيا التي تحتاجها هواوي في وقت لا يزال على الطرفين استئناف المفاوضات التجارية، بعدما تبادلا فرض زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية.

وجاء في تعليق نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة ( شينخوا) الرسمية الجمعة أنه بات لدى الصين الآن "فهم أعمق" "لتقلبات" الولايات المتحدة وأنها تستعد للقتال بروح "المسيرة الطويلة".

وهي إشارة الى حدث تاريخي كرس زعامة ماو تسي تونغ خلال الحرب الاهلية الصينية عندما تراجع جيش التحرير الشعبي وناشطون في الحزب الشيوعي في مسيرة لمدة عام بين 1934 و1935 للافلات من الجيش الثوري. 

وعكس مقال الوكالة موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ المتشدد عندما دعا هذا الأسبوع للاستعداد لـ"مسيرة طويلة جديدة" في استذكار لاستراتيجية الانسحاب الأسطورية التي نفذها الثوريون الشيوعيون في ثلاثينات القرن الماضي قبل أن يعاودوا تجميع صفوفهم ويحققوا النصر عام 1949. 


وحذّر شي المسؤولين المحليين من "التداعيات المعقدة وطويلة الأمد" للتأثيرات الخارجية. وقال كبير الباحثين لدى "مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية" جانغ يانشينغ في مؤتمر نظمته الحكومة الأربعاء إن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم "تمرّان بمرحلة طويلة من النزاع غير العقلاني".

وأضاف أنهما "في خضم هذه العملية وخطوة بخطوة ستفهمان بعضهما البعض وتقاومان بعضهما البعض للتعاون معا" في نهاية المطاف.

أنانية ومتغطرسة

وترك ترامب الباب مفتوحا للمصالحة إذ قد يلتقي الرئيس شي على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان الشهر المقبل. لكن وسائل الإعلام الصينية صعّدت لهجة خطابها، ووصف مقال في "شينخوا" الخميس الحكومة الأميركية بأنها "أنانية ومتغطرسة".

وقال إن "الولايات المتحدة تتحدى القواعد الدولية وتتخلى عن اتفاقيات التعاون وتعزف على وتر أميركا أولا والتميّز والاستثناء الأميركيين".

ومنذ رفع ترامب الرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار في منتصف أيار/مايو، تنشر صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي عمودا يوميا تحت وسم "جرس إنذار" لتفنيد حجة ترامب بأن صعود الصين يتسبب بخسائر للأميركيين.

وبث التلفزيون الرسمي على ستة أيام متتالية منذ 16 أيار/مايو أفلاما عن الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي تثير المشاعر المعادية للولايات المتحدة، لتذكير الجماهير بالفترة التي وصلت فيها الحرب الباردة إلى عتبة الصين عندما قاتلت إلى جانب كوريا الشمالية ضد قوات الأمم المتحدة بقيادة واشنطن التي كانت تدافع عن الشطر الجنوبي.

وفي هذه الأثناء، انتشرت هذا الأسبوع أغنية تحمل اسم "الحرب التجارية" كتبها مسؤول حكومي صيني سابق تتعهد بإلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة في هذا النزاع، قبل أن تحذفها منصات التواصل الاجتماعي الشعبية "وي تشات" و"ويبو" لانتهاكها القواعد المرتبطة بالمضمون.

وتستخدم الأغنية لحنا من فيلم دعائي شهير ضد اليابان من حقبة الحرب.وقال كاتب الأغنية تشاو لينغتيان لوكالة فرانس برس إن "الأمة الصينية تواجه تهديدا خطيرا الآن يشبه الأوقات الصعبة التي تطرق إليها الفيلم"، وأضاف "أريد أن استغل هذه الأغنية لإيقاظ الحشود. علينا أن نتحد كشخص واحد من أجل التنمية والقتال".

وطنية "زائفة"

وأعرب مستخدمو الإنترنت الصينيون عن دعمهم لهواوي بعد تهديد ترامب بتركيع الشركة، وهو ما ينظر إليه بشكل واسع على أنه محاولة للقضاء على طموحات الصين في مجال التكنولوجيا المتطورة. 


وكانت مقابلة جرت الأسبوع الماضي مع مؤسس المجموعة العملاقة رين زينغفي بين المواضيع الأكثر تداولا على "ويبو" وهو النظير الصيني لـ"تويتر".

وقال مئات المعلقين إنهم لن يتخلوا عن الشركة بينما دعا البعض لمقاطعة هواتف "آيفون"، لكن آخرين اعتبروا أن فكرة مقاطعة "آيفون" "مجرد وطنيات زائفة"، بعدما قال رين نفسه أن عائلته تستخدم منتجات شركة "آبل" الأميركية.

وقال مدير قسم الدراسات الأميركية في جامعة "رينمين" شي ينهونغ إن "محاولات الولايات المتحدة ايذاء هواوي هي مجرد تكتيك للتأخير، لن يؤدي إلى طريق مسدود". لكن سيكون على قطاع التكنولوجيا الصيني تحضير نفسه لفترة صعبة يتوقع أن تطول، إذ أنه يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأميركية، وقال إن "الباب الأميركي يغلق وتبقى الصين من دون خطة بديلة". 


(فرانس برس)