أزمات الأندية المغربية والتسويق الرياضي..بين الواقع والطموحات

أزمات الأندية المغربية والتسويق الرياضي.. بين الواقع والطموحات

17 مارس 2020
الأندية المغربية تحتاج للكثير من أجل التسويق (فرانس برس)
+ الخط -
كثر الاهتمام في السنوات الأخيرة بمجال التسويق الرياضي في المغرب، في إطار مجموعة من الأنشطة الرياضية التي تعمل على توجيه السلع والخدمات الرياضية من المنتج إلى المستهلك، خاصة مع تطور صناعة كرة القدم، الرياضة الشعبية الأولى والتي انفتحت أخيرا بشكل كبير على التسويق، في إطار عرض ملابس الأندية والمنتخبات للبيع في المتاجر، والاستثمار في المنشآت الرياضية كالملاعب والإعلان فيها عن المنتجات، ناهيك بكيفية الاستفادة من عائدات تذاكر المباريات، وعائدات انتقال اللاعبين، واشتراكات المنتسبين في الأندية والداعمين، بالإضافة إلى حقوق البث الإذاعي والتلفزيوني، وعائدات الإعلان داخل الملاعب. 

وللتسويق الرياضي أهمية كبيرة للارتقاء بمستوى الرياضة في المغرب، إذ يلعب دورا كبيرا في لفت أنظار الجمهور ودفعه نحو الممارسة، خاصة في ظل الاهتمام الذي باتت توكله الدولة المغربية للرقي بمستوى الرياضة، في إطار البحث عن إعداد رياضيين من المستوى العالي يستفيدون من تأطير علمي وأكاديمي. وما هو مؤكد أن ريادة دول متقدمة في مجال الرياضة وحضورها بشكل دائم في الملتقيات العالمية، جعلا الحديث عن هذا الموضوع في المغرب يأخذ أبعادا أخرى، خاصة في كرة القدم التي لم يعد ينظر إليها كلعبة فقط، بل باعتبارها جزءا من اقتصاد البلد بالنظر للأموال الهائلة التي تستثمر فيها.

بين الواقع والطموحات
بالرغم من الاهتمام الذي أصبحت توليه الأندية المغربية لقطاع التسويق الرياضي، إلا أن واقع الأمور يؤكد أن المؤسسات الرياضية تعاني كثيرا من أجل تحقيق طموحاتها بجلب موارد مالية ثابتة لرفع إيقاع الهيئات الرياضية "الأندية" التي أصبحت تجد صعوبات في تسويق منتجاتها، ناهيك بصعوبة تسويق اللاعبين وخاصة نحو أوروبا، دون تسويق برامج التكوين والتدريب الذي يكون مبنيا على قواعد تربوية هادفة، وإغفال التسويق في مجال التغذية الرياضية في ما يتعلق بطعام الرياضي وشرابه. 

التسويق في مجمل القول بالمغرب لا يزال ضعيفا جدا داخل الأندية التي تجد صعوبة في تنمية مواردها المالية، ولا تهتم كثيرا بالفئات العمرية لتوسيع دائرة المشاركة الرياضية، خاصة أن معظم الأندية في المغرب لا تواكب قوانين الهيئات الرياضية العالمية لملاءمتها مع أسس التسويق المعاصر، بالإضافة إلى عدم وجود شركات مؤثرة في عالم التجارة والمال تسعى للاستثمار في المجال الرياضي، ناهيك بعراقيل أخرى يشهدها التسويق في المغرب والمتشكل في عدم الاهتمام الإعلامي الكبير بكرة القدم كما هو معمول به في إسبانيا أو فرنسا.

ومن المجالات التسويقية التي يغفلها عدد من الأندية في المغرب، التعاقدات مع شركات الملابس الرياضية، وعدم الاستفادة من التسويق التلفزيوني مقابل مبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى عدم بيع حقوق استغلال العلامة التجارية، ما يؤكد أن المسؤولين عن التسويق بالأندية الوطنية يدركون صعوبة العمل الذي يقومون به في ظل عدم انفتاح العديد من المستثمرين الأجانب على الفرق المغربية التي يتم التسيير فيها بنظام الجمعية، التي يتحكم فيها المنتسبون في الجمعيات العمومية، في انتظار التحول لشركات بشكل رسمي.

"ماركتينغ" لم يواكب الاحتراف
بعدما قطعت مجموعة من الأندية الوطنية في المغرب الهواية وفتحت أعينها حول الاحتراف بتحسين عقود اللاعبين، وسن قانون اللاعب والمدير الفني من قبل الاتحاد المغربي لكرة القدم، ومع التقدم الحاصل في مجال البنيات التحتية حيث تم تعزيز المملكة المغربية بمجموعة من الملاعب من الجيل الجديد؛ كان لا بد أن يظهر مفهوم التسويق الرياضي ليفرض نفسه على مسؤولي أندية الكرة في المغرب، من أجل جلب موارد ثابتة ولفت أنظار المعلنين والرعاة، لكن ورغم القطع مع سنوات الممارسة الهاوية، إلا أن التسويق الرياضي في المغرب، وبخاصة في كرة القدم، لم يواكب تطورات العصر الحديث، ما دام أن عقلية بعض الرؤساء في المغرب لم تتغير، في ظل عدم الانفتاح على الكفاءات من الشباب خريجي معاهد "التسويق". واعتاد العديد من مسؤولي الفرق المغربية على جمع أموال من الغيورين على الفريق، وهو الأمر الذي لم يعد له أثر في أيّ ناد محترف عبر العالم.

وكشف محمد مجاهد الخبير المغربي في مجال التسويق الرياضي أن أندية كرة القدم المغربية قطعت خطوات هامة للأمام داخل هياكلها الإدارية، بعدما وضعت "الماركتينغ" في صلب اهتمامها، وأكد في تصريح لصحيفة "العربي الجديد"، أن مسؤولي الأندية مجبرون على الخضوع للتكوين لمسايرة طرق التسيير والتدبير الحديثة المنفتحة على التسويق كقطاع حيوي في الاقتصاد المغربي.

وتابع مجاهد حديثه عن التسويق الرياضي وربطه بين الواقع الحالي والطموحات المستقبلية، وعرج على النموذج الغربي في التسويق الرياضي ومدى حجم الاستفادة التي من الممكن أن تحققها الأندية المغربية التي نصبت غالبيتها مديري تسويق داخل هياكلها التسييرية.

وعن وضع بعض الأندية لشباب يشتغلون في التسويق الرياضي، ضمن صفوفهم، تابع مجاهد لـ "العربي الجديد": "بطبيعة الحال وضع مديرين خاصين بالتسويق الرياضي داخل الأندية المغربية يعتبر من أبرز الخطوات التي قطعتها الأندية، لخلق تواصل مع المحتضنين والمعلنين ومعرفة متطلباتهم، فالاحتراف الذي تنشده أندية الكرة ورغبتها في القطع مع عهد الهواية يتطلبان دخول "التسويق في سياستها، ولنا نموذج في كبريات الأندية في المغرب كالرجاء البيضاوي الذي نجح في ظرف وجيز في الرفع من حجم إيراداته عبر الاهتمام والانفتاح على المعلنين الذين يرون في أندية الكرة قيمة مضافة للمنتج الذي يسعون لتسويقه".

دلالات

المساهمون