صراع الإعلام في أحداث عدن: كل شيء مباح

صراع الإعلام في أحداث عدن: كل شيء مباح

10 اغسطس 2019
شخصيات سياسية وعسكرية تشارك في التحريض الإعلامي (الأناضول)
+ الخط -
الرصاص مقابل الكلمة. تبدو هذه المعادلة واضحة في خضم الصراع الميداني الدائر في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن. وهو الصراع الذي لم تفارقه للحظة واحدة، التغطيات الإخبارية والشائعات على شاشات التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني. إذ لم تخفِ الأحداث المتسارعة والتصعيد العسكري في المدينة، المعارك التي تدور على واجهة الشاشات بين مؤيدي الشرعية اليمنية، ومناصري المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

لكن المواجهة على الأرض سبقها صدام واسع، وحملة تخوين وانتقادات تقاسمها مؤيدو الطرفين منذ الهجوم الصاروخي الذي تبناه الحوثيون على معسكر الجلاء، وأسفر عن مقتل قائد عسكري تابع للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.
وقتل الهجوم الصاروخي نحو 36 جندياً، وقائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة، وأسفر عن إصابة العشرات بعد استهدافه عرضاً عسكرياً في المعسكر. وكانت ارتدادات الهجوم قد بدت واضحة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما وجّه موالون للمجلس الانتقالي اتهامات لأطراف في الشرعية بالمسؤولية ــ رغم تبني الحوثيين ــ وبدأت معها حملة ترحيل قسري لمواطنين يتحدرون من المحافظات الشمالية.

المجلس الانتقالي يعلن النفير العام
بعد أيام من الهجوم أطل نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك، وهو رجل دين برز كقائد عسكري بعد تحرير مدينة عدن من سيطرة الحوثيين، مع ثلة من قيادات المجلس، يعلن النفير العام، والزحف على قصر المعاشيق الرئاسي الذي يقطنه رئيس الحكومة ووزراؤه.

وكان مقطع الفيديو الذي أطل فيه بن بريك، مفتاحاً لبدء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمؤيدي المجلس لشن هجوم على القصر وبسط السيطرة على العاصمة المؤقتة، وإسقاط سلطة الحكومة، وإعلان انفصال الجنوب عن شماله.
وكثّف ناشطون موالون للمجلس من نشر مقطع الفيديو الذي عرض على تلفزيون "عدن" التابع للمجلس الانتقالي، والدعوة لبدء عمليات "تحرير" عدن من الشرعية، وقواتها العسكرية المتواجدة في المدينة.


وبدأ مدونون على مواقع التواصل نشر أنباء عن مواجهات مسلحة بالقرب من قصر المعاشيق، وبث مقاطع مرئية توثق أصوات الرصاص والاشتباكات التي توسعت في أكثر من مديرية في عدن.
ومع اتساع رقعة الاشتباكات المسلحة في مديرية كريتر وخور مكسر، بدأ تضارب الأنباء حول السيطرة على الأرض، وخاض المدونون نقاشاً محتدماً بشأن القوات العسكرية التي سيطرت على مواقع عسكرية وحيوية في المدينة.

الإعلام التابع للمجلس الانتقالي
لم تتوقف وسائل الإعلام التابعة للمجلس الانتقالي وصحافيوها على مواقع التواصل الاجتماعي عن نشر الأخبار التي تزعم سيطرة القوات التابعة له على مواقع عسكرية ومبانٍ حكومية، ومهاجمة قوات ألوية الحماية الرئاسية التابعة للشرعية.
وكتب رئيس تحرير موقع "يافع نيوز" ومراسل صحيفة "البيان" الإماراتية ياسر اليافعي، أن القوات التابعة للمجلس الانتقالي ستواصل مواجهتها، وقال "بالمختصر ... الهبة الشعبية ستستمر ولن تتراجع، وربما ستأخذ أشكالاً مختلفة تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، وعندها لن يستطيع أحد إيقافها لا طائرات ولا اتصالات ولا غيره".

وقال الناشط السياسي الموالي للمجلس أحمد الصالح، إنه لا خيار غير الحسم والانتصار، مشيراً إلى أنه تم بدء ما وصفه بالمرحلة الجديدة من "العمل الثوري" والحشد الشعبي.
وكتب في تغريدة على تويتر "الإخوة المغردين الأحرار: بعيداً عن الشتائم والسب والأعراض والتعميم انسفوا كل من ينتقص أو يقلل من #القوات_المسلحة_الجنوبية ولا تأخذكم رحمة لمن يسيء لمشروعكم كائن من كان. هذه حربكم هنا فخوضوها بشرف واعتزاز وإيمان".

ودشن ناشطو الانتقالي وسم #انتفاضة_شعبية_جنوبية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبت سناء مبارك وهي عضو العلاقات الخارجية للمجلس، "فرض أمر واقع بقوة الإرادة الشعبية وسلطة الأرض.. إعلان الجنوب منطقة حكم ذاتي والسيطرة على الثروات والموارد، سحب القوات من جبهات الشمال، وإنشاء مجلس عسكري يدير المرحلة الانتقالية ويؤمّن الحدود، ومجلس سياسي يفاوض على الاعتراف الدولي.. غير كذا سنظل ننفخ في الريح".


الخلاف السعودي ـ الإماراتي
في انعكاس للخلاف السعودي ــ الإماراتي في عدن، شنت قيادات وموالون للمجلس انتقادات وحملة تخوين بحق وسائل إعلام أبرزها تلفزيون "العربية" السعوديّ، متهمين القناة بالكذب، والتبعية لقطر وطالبوا بإيقاف تغطيتها في جنوب البلاد عبر وسم #العربيه_ان_تكذب_اكثر. وقال ناشطو المجلس إن "العربية تابعة للإخوان المسلمين"، ووصفت سارة عبدالله حسن تغطية المحطة بـ"الطعن في أبناء الجنوب". وأضافت "ما نزلت القناة أي تقرير عن أبو اليمامة ولا عن دوره بمحاربه الإرهاب ولا حتى عن إن النازحين كانوا يعيشوا دون مضايقات في عدن قبل الأحداث الأخيرة، لكنها تدوّر للجنوبيين الغلطة علشان تشهر فيهم، أنا محتارة هل العربية تتبع التحالف أم قطر".



وقال عضو هيئة المجلس الانتقالي سالم ثابت العولقي، إن الصحافيين المقيمين في عدن، ومدن الجنوب ينتقدون المجلس الانتقالي من دون أن يتعرض لهم أحد، "ولا تفسير لذلك سوى أن مساحة حرية الرأي والتعبير في الجنوب واسعة لدرجة التحريض على الأمن!".
وهاجم الصحافي السعودي الموالي للمجلس صلاح مخارش صحافيين، وقيادات حكومية يمنية عبر تغريدات على حسابه في "تويتر".
ولم تقتصر التغريدات المؤيدة لقوات الانتقالي على مخارش، فقد نشط السياسي الكويتي فهد الشليمي بالتغريد مؤيداً لخطوات المجلس ووصف ما يحدث بـ"انتفاضة عدن"، كما نشر قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان العديد من التغريدات المؤيدة.

معارك الميدان والإعلام
حتى ساعة مبكرة من صباح أمس الجمعة، كانت حسابات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تضج بأنباء متضاربة عن سيطرة لقوات الشرعية على مواقع عسكرية جديدة، وفي مقابلها نفي ونشر لمعلومات تشير إلى تقدم قوات الانتقالي.
وسارع ناشطون موالون للانتقالي ببث أخبار تتحدث عن تسليم وزير الداخلية أحمد الميسري، وقائد اللواء الرابع في قوات الحماية الرئاسية العميد مهران قباطي نفسيهما لقيادة المجلس، في ظل نفي معارضي الانتقالي هذه الأنباء.

ونفى مختار الرحبي وهو مستشار وزير الإعلام هذه الأنباء وقال في تغريدة على "تويتر": "إعلام مليشيات الانتقالي المتمردة ينشرون أخباراً كاذبة عن استسلام نائب وزير الداخلية أحمد الميسري والعميد مهران قباطي وهذه أخبار غير صحيحة، يستخدمون نفس أسلوب مليشيات الحوثي في الكذب والتدليس لأن مشروع المليشيات واحد في الشمال وفي الجنوب".
وتبدو الاشتباكات المستعرة على الأرض مصدراً لتغذية الأخبار الزائفة والأنباء المضللة وسلاحاً بارزاً في ظل حرب إعلامية اتسع نطاقها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية متعددة التوجهات.