الأخبار الزائفة تشغل صحافيي تونس قبل الانتخابات

الأخبار الزائفة تشغل صحافيي تونس قبل الانتخابات

06 اغسطس 2019
تترقب تونس انتخابات رئاسية وتشريعية (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
تحضيراً للانتخابات الرئاسية التونسية المقرر إجراؤها في 15 سبتمبر/أيلول المقبل، تركز "الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) على ضمان استقلالية ومهنية الإعلام المحلي في تغطية الحدث، عبر تنظيم لقاءات تجمع الصحافيين والسياسيين وإطلاق منصة رقمية لمكافحة الأخبار الزائفة. وقد أفاد رئيس "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري"، النوري اللجمي، بأنها باشرت في تنظيم لقاءات حوارية بين الصحافيين والفاعلين السياسيين، حول الشروط الموضوعية لضمان الحيادية والاستقلالية، وآخرها جرى نهاية الأسبوع الماضي، حين اجتمع سياسيون وصحافيون ومديرو مؤسسات إعلامية، طارحين مسألة "التعددية السياسية والحق في النفاذ إلى وسائل الإعلام في الفترة الانتخابية". كما بدأت "الهايكا" بالإعداد لإطلاق منصة رقمية مهمتها مكافحة الأخبار الزائفة خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سعياً منها إلى حماية العملية الديمقراطية وضمان عدم استغلال التضليل والمعلومات الكاذبة في التأثير على العملية الانتخابية. ولإطلاق المنصة المذكورة، تتعاون "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" مع المؤسسات الإعلامية الرسمية: "وكالة تونس أفريقيا للأنباء"، والتلفزيون الرسمي التونسي، والإذاعة الرسمية التونسية، وصحف دار "سنيب لابراس". 
وانتهت ثمانون في المائة من التحضيرات للإعلان عن المنصة الرقمية، على أن تباشر عملها قبل الانتخابات الرئاسية التونسية المقرر إجراؤها يوم 15 سبتمبر/أيلول المقبل، بعد أن كانت مقررة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قبل وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي في 25 يوليو/تموز الماضي.

وشرعت "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" في تنظيم دورات تدريبية للصحافيين الذين سيتولون العمل في هذه المنصة، ويقدر عددهم بمائة صحافي من مختلف وسائل الإعلام التونسية. وسيكون من أدوارهم مراقبة ما ينشر من أخبار في مختلف المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، ورصد الأخبار الزائفة وتصحيحها، على أن تظل المنصة مفتوحة للعموم كي يتمكنوا من التثبت من صحة المعلومات المتداولة. المنصة الرقمية ستكون أيضاً مفتوحة أمام الصحافيين كلهم، لتنبيه فريق العمل إلى الأخبار الزائفة المتداولة، قبل أن يباشر الأخير بتصحيحها وربطها ببيانات رسمية ومصادر موثوقة.

وتجدر الإشارة إلى أن السجن كان مصير مطلقي الشائعات والأخبار الكاذبة في تونس؛ ففي يناير/كانون الثاني عام 2018 أصدرت محكمة تونسية حكماً بالسجن لمدة ستة أشهر على تونسيين، بتهمة ترويجهما شائعة وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، باستخدام شعار قناة "فرانس 24" التلفزيونية الفرنسية. اللجمي وصف الدور المنتظر من المنصة الرقمية بـ"الجبار"، مشيراً إلى ظاهرة الأخبار الزائفة التي تطاول دولاً عدة حول العالم، بينها تونس التي ستستفيد في تجربتها هذه من دولة المكسيك، موضحاً أن خبيراً مكسيكياً استُقدم لإطلاع المختصين حول التطورات الأخيرة في المجال، ومشدّداً على أن نجاح المشروع "مرهون بمدى تفاعل الأطراف كلها، لضمان أكبر قدر من المصداقية للأخبار المتداولة". تجدر الإشارة إلى أن برنامجاً أوروبياً مخصصاً لدعم المؤسسات المستقلة في تونس، أطلق خلال الشهر الماضي ويمتد على ثلاث سنوات من 2019 إلى 2021، بتمويل الاتحاد الأوروبي (90 في المائة) و"مجلس أوروبا" (10 في المائة). ويهدف إلى دعم قدرات الهيئات التونسية المستقلّة ومساعدتها على أداء المهام الموكلة إليها في مجالي التعديل والرقابة على المحتويات الإعلامية.

وسعي تونس إلى مكافحة الظاهرة، أسوة بدول عدة، ليس مبالغاً فيه، خاصة إذا ما علمنا حجم انتشارها ودورها؛ في مارس/آذار عام 2018 نشرت مجلة "ساينس" Science العلمية دراسة أجراها ثلاثة باحثين من "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا"، وخلصت إلى أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يميلون إلى مشاركة الأخبار الزائفة على نحو أوسع وأسرع، مقارنة بالأخبار الحقيقية والوقائع، وتحديداً موقع "تويتر". ولفت الباحثون إلى أن نتائج هذا السلوك كانت أكثر وضوحاً عند مشاركة الأخبار الزائفة في مجال السياسة، مقارنة بأخبار الكوارث الطبيعية والعلوم والأساطير المدنية والمعلومات المالية. وجاء في الدراسة أن "الحقيقة احتاجت وقتاً أكثر بـ 6 مرات للوصول إلى 1500 شخص مقارنة بالأخبار الكاذبة". كما أن الأخبار الزائفة لديها قابلية إعادة التغريد بنسبة 70 في المائة أكثر من الأخبار الصحيحة على موقع "تويتر".