موظّفو تلفزيون "المستقبل" اللبناني يودّعونه بكلماتٍ أخيرة

موظّفو تلفزيون "المستقبل" اللبناني في كلمات الوداع الأخير: "شاشة لن تنطفئ"

19 سبتمبر 2019
علّق الحريري العمل بتلفزيون المستقبل (صلاح مالكاوي/Getty)
+ الخط -
استعاد موظّفو تلفزيون "المستقبل"، الحاليون والسابقون، لحظات عملهم داخل المحطّة التي كانت تُشكّل جزءاً من تاريخ لبنان وصناعة الإعلام فيه لسنوات سبقت اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري. ومع إعلان سعد الحريري طيّ صفحة التلفزيون، انسالت مشاعر الموظّفين والصحافيين في القناة على مواقع التواصل الاجتماعي، متحدّثين عن تجاربهم وذكرياتهم ورحلتهم في الإعلام.

وأمس الأربعاء، أصدر رئيس الحكومة اللبنانية، ومالك تلفزيون "المستقبل" سعد الحريري، بياناً أعلن فيه "تعليق العمل في "تلفزيون المستقبل" وتصفية حقوق العاملين والعاملات، للأسباب المادية ذاتها التي أدت إلى إقفال جريدة "المستقبل".

وجاء بيان الحريري بعد ساعات قليلة من تسلّم الموظفين مذكرة أصدرها مدير عام القناة رمزي جبيلي، تُعلن عن إعادة هيكلة التلفزيون وصرف موظفين، من دون إعطاء الكثير من التفاصيل.

واستمرّت الأزمة التي دفع ثمنها الموظفون لحوالى عامين، تخلّلتها احتجاجات وإضرابات. وكان العاملون في المحطة قد بدأوا إضراباً في 30 يوليو/تموز الماضي، فامتنعوا عن تحضير وتقديم نشرات الأخبار، ثم لحق بهم قسم البرامج، لتكتفي قناة "المستقبل" ببث الحلقات المعادة والبرامج القديمة، وذلك بسبب تأخّر الإدارة عن دفع مستحقاتهم المجتزأة.

وانضمّ فنانون وإعلاميون ومواطنون إلى تلك الحملة، مغرّدين عن مشاعرهم بعد إغلاق التلفزيون.

وودّعت ديانا مقلّد التلفزيون في منشور طويل، قائلةً: "26 عاماً في تلفزيون المستقبل… في السنوات الأخيرة ومع العثرات المادية والمهنية المتعددة، حاولتُ خطّ مسار مهني منفصل وخاص بي قادني في العام 2017 للمشاركة في تأسيس موقع "درج"... أكثر من نصف عمري أمضيته في القناة، عايشتُ صعودها وعانيتُ مرارة انكسارها، وعبر عملي فيها أتيح لي اختبار مساحاتٍ واسعة من العمل المهني والسياسي والشخصي".

وأضافت: "أقول جازمة ورغم كل ما أصاب "المستقبل"، والتي تودعنا اليوم، إنني لم أكن لأتخيل نفسي أعملُ في قناةٍ لبنانيةٍ محلية أو حتى عربية أخرى. كان كثر يحاولون الغمز بأنهم أكثر "جرأة" وأكثر "مهنية"، لكن أحداً منهم لم يكن لديه التنوع (والرحابة) الذي كانه "المستقبل". وختمت: "لن أخوض في الذكريات أو الأسماء فهي أكثر وأثمن من تعدادها في خاطرة فايسبوك، ويكفيني أنني حين لملمتُ حاجياتي من مكتبي في الأخبار شعرتُ بأنني لم أكن أجمع صوراً وأوراقاً قدر ما كنت أرثي قناة أحببتها وأكنّ للقيمين عليها الكثير… مهما كان الاختلاف السياسي حالياً، ستبقى "المستقبل" جزءاً مني ومن هويتي...".


وكتب المراسل سلمان العنداري: "أتذكر عندما بدأت رياح الأزمة تعصف بشكل زاحف إلى المؤسسة، وبعيدا عن أصحاب الرواتب الخيالية والمستشارين وكبار الموظفين، أنا وزملائي عشنا معا أحلك الأيام وصبرنا وتماسكنا وزدنا قناعة بأن هذه الدوامة ستنتهي يوما وهذا المركب لن يغرق"، مضيفاً: "تلاحمنا واتحدنا وعملنا بعصامية قل نظيرها. باعتبار أن هذه الشاشة جزء منا ومن يومياتنا وذاكرتنا الجماعية.. هذه الشاشة التي لم تفرق يوما في الطوائف والمذاهب والانتماءات أسدلت الستار على عرضها الأخير اليوم، الشاشة التي حاولوا إسكاتها وتفجيرها وحرقها مرات عدة".


وتابع: "هذه الشاشة التي نشرت الفرح وحلقت في المراتب الأولى وقعت في مرصاد الأزمات وتراجعت وسقطت.. لتلفزيون المستقبل كل الحب وكل الحب للزملاء والأصدقاء والعصاميين من مراسلين ومصورين وسائقين على أمل الحصول على مستحقاتكم كاملة والاستمرار والنهوض من الأزمات التي راكمتها الأزمة عليكم".


أما محاسن مرسل فنشرت صوراً خلال عملها في التلفزيون، ودوّنت "لا أزال أذكر اليوم الأول لدخولي #تلفزيون_المستقبل الشغف والحماس وكيف أسابق الوقت لأثبت نفسي، لم تكن بالتجربة السهلة أبداً، بكيت وضحكت، بنيت صداقات وتجارب علّمت بنفسي إلى يومنا هذا وما أنا عليه اليوم أو ما أصبو لأن أكونه بإذن الله، ما هو إلا ثقة بأنني ابنة #تلفزيون_المستقبل".

وقالت المراسلة مها حطيط: ""ليه بعدكن عم تشتغلوا؟" كان هذا السؤال الأصعب الذي يُطرح عليّ وعلى زملائي. كنا لا نعرف الإجابة أو بالأحرى لا نعرف كيف نشرح لمن لا يعمل في المؤسسة ماذا يعني لنا هذا المكان. المستقبل كان المكان الذي يُشبهني، يشبهني سياسيا وفكريا، يشبهني بتنوعه بقبوله الآخر ليس بالكلام والشعارات. كانت الشاشة شاشتنا والأخبار أخبارنا، كانت صورة البلد الذي نحب. فيه تعملت، أنا التي لم أدرس الإعلام، كان "المستقبل" مدرستي. من ديانا مقلد التي ألومها على شغفي بالإعلام والتي بعينها المجرّدة كانت تصنع تقاريرها إلى فارس خشان الذي علمني أن الصحافة تعني الشجاعة. إلى سحر الخطيب التي لا أذكرها إلا وهي تقرأ، سحر علمتني أن "أدرس درسي" جيدا قبل المقابلة أو اللايف.. إلى نديم قطيش وقدرته المخيفة على متابعة التطورات السياسية وتوسيع "بيكار" التفكير.. إلى كل زميل وزميلة عملنا معا.. وطبعا إلى "مديري" دائما الذي كان يحرّضني على التفكير أكثر والعمل أكثر وتقديم الأفضل.. الذي كلما دخلت مكتبه لأقول له إني أريد أن أستقيل، أخرج وفي رأسي فكرة تقرير للعمل عليه.. إلى كل هؤلاء الكثير من الحب. وإلى شاشة المستقبل التي لن تنطفئ الكثير الكثير من الحب".


وغرّدت رزان المغربي: "تلفزيون المستقبل... حياة تاريخ نهج ومستقبل... أنا وفية للذكريات والأصدقاء والنجاحات والفرصة اللي لولاها أنا ما كنت هون اليوم... مين فات قديمه تاه... وعالأصل دور... ولعيونك".

وقال ميشال أبي راشد: "#تلفزيون_المستقبل المؤسسة والعائلة التي عملت فيها لمدة سنتين. المؤسسة التي خرّجت وجوهاً إعلامية كبيرة ولم تعرف يوماً أي تمييز طائفي أو مذهبي بين الموظفين. مؤسسة كانت سبّاقة ببرامجها وأفكارها من #عالم_الصباح و #أخبار_الصباح إلى #سوبر_ستار وبرامج الترفيه... لم يعد للمستقبل تلفزيون ".


وكتبت يمنى شرّي: "عشر سنوات عمل في #تلفزيون_المستقبل صنعت منّي كلّ ما أنا عليه اليوم في عالم الإعلام. هو المؤسسة الإعلامية/البيت، هو الوطن/الحلم وسوا ربينا على المحبة والإبداع والإنتاج والطموح والنجومية والتميّز، يوم كان للإعلام والتنافس الإعلامي قيمة. ذاك الوطن الذي حلمت به أنا وأنتم...".