يُغيّبون اسم المخرج فالـ"نجم" أولاً وأهمّ

يُغيّبون اسم المخرج فالـ"نجم" أولاً وأهمّ

08 سبتمبر 2023
هنا شيحة: اسمها أولاً، وقبل اسم المخرج (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

 

كلامٌ مُكرّر، لكنّ الحاصل مزعجٌ لشدّة نفوره واستمراره رغم الخطأ الذي فيه، ولا بأس بتكرارٍ وإنْ سيبقى غير نافعٍ، لأنّ الذين/اللواتي يوجَّه إليهم/إليهنّ هذا التكرار غير قارئين، وغير مهتمّين، وغير منتبهين.

مهرجانات سينمائية عربية، تُقام في مدنٍ عربية وغربية، تُصدر بيانات فيها خطأ فادح يرتكبه كاتبوها/كاتباتها دائماً: تغييب اسم المخرج/المخرجة، وتاريخ إنتاج فيلمهما، والاكتفاء باسم ممثل أو ممثلة، أو أكثر. هذا حاضرٌ أيضاً في معظم المقالات السينمائية في الصحافة العربية، خاصة في مصر: اسم المخرج/المخرجة، الذي يسبق أحياناً أسماء كاتب/كاتبة السيناريو والمنتج/المنتجة، يأتي دائماً إمّا في فقرة أخيرة من المقالة/الخبر، أو في منتصفهما، فالأولوية للممثلين/الممثلات.

هذا التغييب مقصودٌ ربما، مع أنّ هناك قناعةً شبه تامّة بأنّ الأمر مجرّد سهوٍ، متأتٍ (السهو) من تربية غير مهنيّة ترتكز على اهتمامٍ بمن يُظنّ أنّه/أنّها الأقدر على ترويج فيلمٍ، وعلى رفع إيراداته بفضل "نجومية" ممثل/ممثلة، أو أكثر. فمتفرّجون ومتفرّجات يعرفون من يُمثّل أكثر بكثير من معرفتهم بمخرج أو سيناريست أو منتج، وطبعاً غير عارفين بمن يعمل في مهنٍ سينمائية أخرى. هذا غير مطلوبٍ أساساً، فـ"الجمهور العريض" غير "سينيفيليّ"، والأفلام التي يرغب في التفرّج عليها لن تنضوي في "سينما المؤلّف" مثلاً. ومع هذا، فالتغييب غير مقبول لأنّه غير مهنيّ البتّة. فإلى من تتوجّه بيانات مهرجانات سينمائية عربية؟ أليس إلى نقّاد وصحافيين وصحافيات سينمائيين، يُفترض بهم/بهنّ امتلاك اطّلاع واسع وعميق على السينما، فنّاً وثقافةً وجماليات وصناعة؟ أم أنّ كتبة البيانات تلك مجرّد موظّفين/موظّفات فقط، لا يفقهون شيئاً في المهنة والسينما، ومفهوم المهرجان وآليات اشتغاله؟

ربما يُقبَل الأمر، ولو بتردّد، في التقليد المتّبع في صحافةٍ عربية، يغلب عليها استسهال وتسرّع ولامبالاة، وهذه الأخيرة تتكامل مع عدم الدقّة والتأكّد والتوثيق، فالصحافة، في جزءٍ أساسيّ منها (إنْ لم تكن كلّها) تأريخٌ للحظةٍ وراهنٍ، كقول ألبير كامو. لكنْ، يستحيل على ناقدٍ تغاضياً عن مسألةٍ كهذه في البيانات الصحافية للمهرجانات السينمائية العربية، مع أنّه مُدركٌ، مسبقاً، أنْ لا أحد في تلك المهرجانات مكترثٌ أو منتبهٌ، أو راغبٌ في تغيير نمطٍ متسلّط على مهنةٍ منذ زمنٍ بعيد.

المساهمون