مسلسل "أرشيف 81": عالم في شريط

مسلسل "أرشيف 81": عالم في شريط

26 يناير 2022
الخط التصاعدي السليم للأحداث من أهم مزايا العمل (نتفليكس)
+ الخط -

عالم الروحانيات، مادة جيدة لموضوع درامي. والدراما لن تكون حذرة في توصيفه إذا ما عبّرت عن خلل في تنفيذ قصة متماسكة كالتي في "أرشيف 81" (ARCHIVE 81). فجنس العمل غموض وكذلك رعب. وهو في الحالة هذه، يتقبل التكرار، وهذا خلل تقليدي نعرفه عن أعمال من هذه النوعية.
الميزات تغلب التكرار عندما تتسق عناصر التنفيذ في بنية العمل. ولدينا هنا مسلسل يقترب من تحقيق هذا الاتساق بشكل ملحوظ. الخط التصاعدي السليم للأحداث أهم مزاياه. والسبحة تكرّ. دان (مامودو آثي) مرمّم شرائط الكاسيت والفيديو، تستخدمه شركة LMG لمهارته. تريد ترميم شرائط فيديو مهترئة بفعل حريق وقع قبل خمسة وعشرين عامًا في مبنى تاريخي (فيسر). ميلودي (دينا شهابي)، شريكة دان في البطولة، هي من قامت بتوثيق احداث تلك الفترة.
خطان زمنيان سيتقاطعان من خلال تلك الشرائط. وهذا الشكل من الأزمان الدرامية يحتاج دقةً وبراعة في التقديم، لن يفتقر لهما عمل كهذا. الإيقاع المتوازن يقبض على الحكاية من دون تورط بالرتابة. قضية المبنى التاريخي المحترق، واختفاء ميلودي، محوران أساسيان لبناء الأحداث الشائكة، وفض ما يعتريها من غموضٍ.
احتراق ناتج عن طقوس روحانية، هي امتداد لطقوس كانت تمارسها عائلة فوس منذ القرن التاسع عشر، طمعًا بعالم موازٍ يكون أكثر إشراقًا وخيرًا، بحسب اعتقاد العائلة. تكتشف ميلودي هذه الطقوس بعد انتقالها إلى المبنى في عام 1994، بهدف البحث عن والدتها جوليا بانيت، التي اختفت في نفس المبنى لأسباب غامضة.

في سياق مواز، تتسع الحكاية، وتمتد وخيوطها للزمن الحاضر. ينخرط دان في صراع نفسي وذهني أمام كل شريط يصلحه. فكل شريط سيحتوي على قصة تملأ ثغرة في شريط سابق وتمهد لثغرة في آخر لاحق. كأننا أمام "شريط كراب الأخير" لبيكيت. هذه المعادلة خلقت تشويقًا وفضولًا لا مهرب منهما. تفاصيل شائكة تكثر فيها المعطيات والأسرار والاكتشافات، ستغزل حبكة محكمة لحكاية لن تبخل على المشاهد ببعض الإجابات والاستنتاجات. وستترك له فسحات متقطعة للملمة الخيوط المتفرعة. وهذه الفسحات، ستستطيع الشخصيات المساعدة في العمل خلقها وتهيئتها.

هناك ملامح من أفلام رعب، مثل The Ring وThe Mirror، تغذّي المشاهدَ لرفع وتيرة الخوف. بينما الغموض يتكفّل بإثارة مشاعر القلق والترقب. فكاميرا متجولة تصور على طريقة ألعاب الفيديو (بلير ويتش) بيد ميلودي، ستقدر على خلق هذا النمط المضطرب. سيتعرف دان على ميلودي من خلال الشرائط. سيلتقيان ويتخاطبان رغم المسافة الزمنية البعيدة بينهما. وهنا نموذج آخر قريب من فيلم The lake house للأرجنتيني أليخاندرو أغريستي. هذه الوصفة أضافت نغمًا آخر إلى الحكاية.

سينما ودراما
التحديثات الحية

نمط غريب وحميمي جمع بين شخصيتين يفصل بينهما خمسة وعشرون عامًا، ما سمح برفع وتيرة التشويق. فعالم ميلودي وقصتها التي نتعرف عليها من خلال الشرائط، وحياة دان الراهنة وسعيه لكشف ملابسات القصة وإنقاذ ميلودي المفقودة والضائعة بين عالم الأرواح وعالم الأحياء – كما سنكتشف لاحقًا – سيضبطان إيقاع الأحداث وربط الأجزاء المتناثرة في الحكاية. إلا أن الحكاية لن تنتهي فصولها في موسم واحد وثماني حلقات. هناك قصة ستروى لاحقًا، لنكتشف ما سيحدث لدان بعد أن علق في بعدٍ آخر، كانت ميلودي عالقةً فيه قبل أن يتمكن دان من إخراجها منه.

المساهمون