حسين الأسدي: ما عليّ فعله قبل إنجاز فيلمي الروائي الطويل الأول

حسين الأسدي: ما عليّ فعله قبل إنجاز فيلمي الروائي الطويل الأول

30 سبتمبر 2023
الأسدي: "لم أعد أكترث بالجوائز رغم أنّ الحصول على بعضها حافز معنوي" (من المخرج)
+ الخط -

قبل فوز فيلمه الوثائقي "لم تكن وحيدة" بالـ"فاينل كات" في "مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، حصل المخرج العراقي حسين الأسدي (1997)، عن الفيلم نفسه، على منح إنتاجية من مؤسسات عربية وأجنبية، وعلى أخرى في مرحلة ما بعد الإنتاج، من "مهرجان الفيلم الوثائقي في أمستردام".

له "عين الجبل" (روائي قصير) و"مسرحية الشعب" (وثائقي قصير)، كذلك عمل مديراً لتصوير أفلامٍ عدّة لزملائه.

التقته "العربي الجديد" للتحدّث عن "لم تكن وحيدة"، وعن حال السينما في العراق.

ما هي فكرة "لم تكن وحيدة"؟

الفيلم تأمّل شعري في حياة فاطمة، المرأة البدوية البالغة من العمر 60 عاماً، التي تعيش بمفردها في الأراضي الرطبة المحتضرة في العراق. تكافح لإبقاء حيواناتها المحبوبة على قيد الحياة. ترفض الرحيل إلى المدينة، والتخلّي عن أسلوب حياتها المستقلّ. لكنْ، بأي ثمن؟ يستكشف الفيلم الانهيار البيئي، والخيارات الصعبة التي تواجهها شخصياته.

هل تتوقّع أنْ يبدأ تطويره بعد حصولك على الـ"فاينل كات"؟ ما دور الجهة المنتجة في ذلك؟

لا شكّ أنّه يتطوّر عبر مشاركاته في كلّ محطة سينمائية، عربياً وفي العالم. كذلك فإنّه يحصل على خدمات ما بعد الإنتاج. بدأت مسيرته تنطلق في العالم منذ مشاركته الأولى في "سوق البحر الأحمر" بدورته الثانية عام 2022، مع إبداء منتجين وموزّعين ومُشترين إعجابهم به، ورغبتهم في المشاركة في إنتاجه. إضافة إلى ذلك، ساعد "مهرجان البحر الأحمر" والـ"فاينل كات" في "مهرجان فينيسيا السينمائي" بدورته الـ80، برفد المشروع في مرحلة قيد الإنجاز بخبراء سينمائيين ومحترفين، أبدوا ملاحظاتهم، وقالوا كيف سيراه العالم من منظور ثالث، وهذا يرفعه فنياً. الجوائز تأخذه إلى مستوى أعلى في مرحلة ما بعد الإنتاج. أما دور شركة الإنتاج في محافل عالمية كهذه، فكامنٌ في صُنع شبكة علاقات وتواصل، خصوصاً مع محترفين في الصناعة، من مموّلين ومشترين، للتسريع ورفع مستوى الجودة في إنتاجه.

ما الجوائز الأخرى التي حصل عليها؟

إنّه الآن في مرحلة قيد الإنجاز، وسيشارك في مهرجانات وعروض رسمية في بداية السنة المقبلة. لكنْ، إلى الآن، حصل على منح إنتاج من مؤسسات عربية وأجنبية، كمؤسسة "آفاق" و"المورد الثقافي" و"صندوق البحر الأحمر". وحصل على منحة ما بعد الإنتاج من "مهرجان الفيلم الوثائقي في أمستردام (IDFA)".

لك كمخرج أربعة أفلام. هل كنت تتوقّع أنْ ينال "لم تكن وحيدة" هذه الجائزة؟

صراحة، لم أعد أكترث بالجوائز والفوز بها، رغم أنّ الحصول على بعضها حافز معنوي لي. لكنْ، برأيي، يجب ألّا تكون الجوائز الغايةَ النهائية من صنع الأفلام. هذا عرفته مع تحقيقي هذا الفيلم. العيش في بيئة الأهوار لعامين، واستكشاف خبايا شخصياته، وتقريب الكاميرا من همومهم، هذا كلّه جعلني أدرك أنّ صنع الأفلام أسمى من الجوائز، وأنّ صنع الفن للفن جائزة روحية لا يُرضَى ببديل لها، وكلّ شيءٍ آخر يأتي بعدها.

قبل أنْ تبدأ الإخراج، صوّرت أفلاماً عدّة لمخرجين زملائك. هل كانت تجربتك في التصوير عاملاً مُساعداً للإخراج؟ 

طبعاً. تجربتي كمصوّر سينمائي في أفلامٍ قصيرة ليست فقط عاملاً مساعداً، فورش تعليمية عدّة علّمتني ألف باء صنع الأفلام. الوقوف وراء الكاميرا، وأخذ توجيهات من مخرجين زملاء، وتجنّب أخطاء فنية وقعوا بها، هذا كلّه أضاف إليّ الكثير، واختصر لي الطريق. كذلك فإنّ تصويري أفلاماً روائية أيضاً ساعدني في تبنّي أسلوب بصري روائي في سرد قصة فيلمي الوثائقي، وهذا جعلني أحضّر شيئاً جديداً في صنع الأفلام الوثائقية في العراق.

هل يُحفّزك هذا النجاح على تحقيق طموحك في تحقيق فيلم روائي طويل؟

حلمي أنْ أنجز روائياً طويلاً، وبدء علاقة مع جمهور السينما في العراق. بالتأكيد، كلّ نجاحات أفلامي أخبرتني أن لا شيء مستحيل، خصوصاً تجربتي كمنتج في فيلمي الوثائقي الطويل، التي ساعدتني في معرفة كيفية إدارة أمور الإنتاج والتمويل. هذا اختصر عليّ طريقاً كان يُمكن أنْ تكون طويلة. لكنْ، لا يخفى عليك أنّ مهمة صنع فيلم روائي طويل ليست هيّنة فنياً، خصوصاً إذا كان لديك هوس أنْ تكون "مثالياً" في كلّ صغيرة وكبيرة. المُهمّ أنْ أصنع أفلاماً روائية قصيرة قبل بدء إنجاز فيلمي الروائي الطويل.

برأيك، لماذا يُخرج شبابٌ كثيرون أفلاماً قصيرة، روائية ووثائقية؟ هل يتعلّق هذا بالإنتاج، أم بمحدودية الخبرة؟

الأمران معاً: إنتاج ونقص خبرة. واضحٌ أنّ إنتاج الأفلام في العراق معدوم، إلّا إذا كان هناك دعم شخصي، ويُساعدك أصدقاؤك، وتستفيد ممن حولك، أو إذا لديك معرفة شخصية بمدير مؤسّسة معينة، يُمكن أنْ تكون تابعة لحزب سياسي، يتدخّل بطريقة عملك بين الفينة والأخرى. أكاد أجزم بأنّ 95 في المائة ممن يُنجزون أفلاماً، بمن فيهم الذين يكتبون الآن، لا مصادر لديهم يعتمدون عليها لصنع فيلمٍ سينمائي رصين، وعليهم اختبار تجارب سينمائية كثيرة كي يكتسبوا معرفةً ما من هنا وهناك، وذلك لعدم وجود مؤسّسات تعليمية تُعنى بصنع الأفلام. في ظروف إنتاجية وفنية كهذه، يصعب العثور على شاب "يعيش في العراق" ويصنع فيلماً سينمائياً طويلاً، رغم طموح كثيرين.

إذاً، ما العائق أمام السينمائيين الشباب العراقيين؟

ما قلته أعلاه. أساساً، العائق إنتاجي. حتى لو لديك خبرة في صنع الأفلام، فالإنتاج والتمويل يقفان حجر عثرة في طريقك. حتى هذه اللحظة، لا توجد التفاتة من الدولة إلى موضوع تمويل المشاريع السينمائية، عكس دول عربية أخرى، والعالم، توفّر صناديق دعم المشاريع الأولى للشباب. كذلك لا توجد مؤسّسات وأكاديميات في العراق تُدرِّس صنع الأفلام بشكل صحيح، وزرع الوعي الفني. العاملان يقتلان الطموح تدريجياً لدى الشباب، فتموت الأحلام.

ما مشروعك المقبل؟

صعبٌ تحديد المقبل. لكنّي أكتب مشاريع عدّة لا أزال أعمل عليها، وثائقية طويلة وروائية قصيرة وطويلة.

المساهمون