جنود الاحتلال على مواقع تواصل: احتفاء بالوحشية

جنود الاحتلال على مواقع تواصل: احتفاء بالوحشية

18 فبراير 2024
بثّ مباشر لجرائم الاحتلال (Getty)
+ الخط -

أظهر تحليل، أجرته صحيفة نيويورك تايمز لمقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، أن جنود الاحتلال يصوّرون أنفسهم بفخر وهم يدمرون ممتلكات خاصة في قطاع غزة. منذ بدء حرب الإبادة على القطاع، انتشرت عشرات الفيديوهات التي يتفاخر فيها جنود الاحتلال بجرائمهم، وهو ما أثار موجة غضب على مواقع التواصل، خصوصاً منذ بدء الهجوم البري على القطاع، واتهم ناشطون، وحتى أطباء ومعالجون نفسيون، الجنود بالاضطراب، لإصرارهم على التفاخر بارتكاب جرائم في حرب هي الأعنف في العالم منذ عقود.
واستخدمت إسرائيل الجرافات لتطهير مساحات واسعة من الأراضي والممتلكات في مختلف أنحاء غزة منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول.
ويُحظر على جنود الاحتلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المحتوى الذي قد يؤثر على صورة الجيش الإسرائيلي. لكن منذ بدء العدوان الإسرائيلي، لم يتوقّف جنود الاحتلال عن مشاركة مقاطع فيديو من غزة على وسائل التواصل، حيث قدموا نظرة وحشية، وغير مصرح بها، عن العمليات على الأرض.
واطّلعت صحيفة نيويورك تايمز على العشرات من مقاطع الفيديو، التي تظهر حياة جنود الاحتلال أثناء تخريب المتاجر المحلية والفصول الدراسية في المدارس، والإدلاء بتعليقات مهينة عن الفلسطينيين، وتجريف المناطق المدنية، والدعوة إلى بناء المستوطنات الإسرائيلية في غزة، في دليل إضافي على حجم الإجرام الذي يرتكبه هؤلاء ضد المدنيين وممتلكاتهم.

شيشة وإهداءات جنود الاحتلال

باستخدام نكات متداولة، نشر أحد جنود الاحتلال مقطع فيديو في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني وانتشر على نطاق واسع، يرقص فيه الجنود أمام الكاميرا، ثم يتحول الفيديو إلى لقطة تفجير مبنى.
وظهر في مقطع آخر أحد جنود الاحتلال يرفع إبهامه للكاميرا بينما يقود جرّافة في أحد شوارع بيت لاهيا، شمالي غزة، ويدفع سيارة مدمرة نحو مبنى نصف منهار. وجاء في التعليق على الفيديو المنشور في "تيك توك": "لقد توقفت عن إحصاء عدد الأحياء الذين قتلتهم"، مصحوباً بنشيد عسكري. وفي مقطع صُوّر على مشارف خانيونس في جنوب غزة في أوائل شهر يناير/كانون الثاني، تمكن رؤية جنود يدخنون الشيشة قبل أن تدمر الانفجارات المباني السكنية في الخلفية، ثم يرفعون الكؤوس.
كل هذه المشاهد المزعجة والمرعبة لناحية "عاديّتها"، ولناحية عنفها وإجرامها، كترجمة بصرية ومباشرة للإبادة الجماعية، لم تتوقف حتى اللحظة. إذ تنتشر بشكل يومي صور لاحتلال الجنود منازل الغزيين، حيث يبحثون بين الممتلكات الشخصية، وينشرون صورهم مع ملابس النساء الغزيات أو ألعاب الأطفال، أو يبثون استخدامهم مطابخ أهل غزة، حيث يطبخون طعامهم ومحاصيلهم، بينما سكّان القطاع يعانون من الجوع.
ففي أحد مقاطع "تيك توك" على سبيل المثال، أهدى الجنود عملية هدم مبنى لإيال جولان، وهو مغنٍ إسرائيلي دعا إلى التدمير الكامل لغزة. واستشهدت جنوب أفريقيا بهذا الفيديو دليلاً على خطاب الإبادة الجماعية للجنود في قضيتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وبينما كانت الجرّافة تقتحم ما تبقى من جدران منزل مدمر جزئياً في خانيونس، نسمع أحد الجنود يصرخ: "إيال جولان، أخانا العزيز، نحبك"، وأضافوا: "هذا المنزل لك".
وشارك أحد جنود الهندسة القتالية صورة في 12 ديسمبر/كانون الأول على حسابه على "تيك توك" مع ثلاث جرافات مدرعة ومناظر طبيعية مدمرة، وعلّق عليه: "هذا بعد الكثير من العمل، كان المكان بأكمله مغطى بالمساحات الخضراء والمنازل حتى وصلنا".

"نيويورك تايمز" تنشر أدلّة تورّط جنود الاحتلال

تتبعت "نيويورك تايمز" أكثر من 50 مقطع فيديو تعود إلى وحدات الهندسة القتالية العسكرية الإسرائيلية، تظهر استخدام الجرافات والحفارات والمتفجرات لتدمير منازل ومدارس ومبانٍ مدنية أخرى.
وأكدّت الصحيفة أنها تحققت من صحة مقاطع الفيديو في تقريرها من خلال تحديد التواريخ والأماكن التي سُجّلت فيها، ومن خلال التأكد من أن الجنود الذين يظهرون فيها ووحداتهم كانوا في غزة في وقت تحميل اللقطات.
وراجع أربعة خبراء قانونيين مقاطع الفيديو وصور الأقمار الاصطناعية، وقالوا إن الصور دليل تدمير غير قانوني، وانتهاك لاتفاقيات جنيف.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وتأتي هذه الأدلة على جرائم الاحتلال عبر صحيفة "نيويورك تايمز"، التي شهدت تغطيتها للعدوان الإسرائيلي، حتى الآن، انحيازاً تاماً للرواية الإسرائيلية.

"ضرورة عملياتية" حذفها "تيك توك"

رداً على أسئلة حول تجريف الجنود منازل المدنيين، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي الرائد نير دينار إن الجيش يتصرف بناءً على "الضرورة العملياتية" ويتبع قوانين الحرب.
وقال المحامي الدولي في مجال حقوق الإنسان لدى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باسل الصوراني، للصحيفة، إن المقاطع "مفجعة وغير إنسانية، وتوضح أن الإسرائيليين يريدون للغزيين أن يخرجوا من أراضيهم".
وقد أثار خبراء حقوق الإنسان مخاوف بشأن حجم هذا النوع من الدمار في المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، مشيرين إلى أن المعايير الدولية للحرب تتطلب ضرورة عسكرية واضحة لتدمير الممتلكات المدنية.
وقد استُشهد بخمسة مقاطع من هذا النوع كأدلة تدين إسرائيل في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، والتي تتهم فيها الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية. 
وبعد وقت قصير من سؤال "نيويورك تايمز" لـ"تيك توك" عن مقاطع الفيديو الواردة في هذه القصة، أُزيلت المقاطع من المنصة. وقال ممثل عن "تيك توك" إن مقاطع الفيديو انتهكت إرشادات الشركة، بما في ذلك سياساتها بشأن خطاب الكراهية.

المساهمون