تفاقم أزمة الصحافيين المؤقتين في الصحف الحكومية المصرية

تفاقم أزمة الصحافيين المؤقتين في الصحف الحكومية المصرية

11 يونيو 2023
مطالبات بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء بوقف التعيينات (ماركو لونغاري/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه أزمة الصحافيين المؤقتين في الصحف القومية المصرية إلى مزيد من التعقيد في الفترة المقبلة، في ضوء المطالبة بالحفاظ على حقوقهم وتحسين ظروف العمل بالتثبيت وتوقيع عقود دائمة، واتساع الدعوات لإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء بوقف التعيين في المؤسسات القومية.

وقذفت مذكرة قدمها مائتا صحافي مصري، الأسبوع الماضي، لنقيب الصحافيين خالد البلشي، بحجرٍ في ماء المهنة الراكد منذ سنوات. إذ يعاني الصحافيون في مصر من انخفاض فرص التعيين في المؤسسات الخاصة، وانعدام تلك الفرص في المؤسسات القومية المملوكة للحكومة، وذلك منذ ما يقرب من 10 سنوات.

وطالب الصحافيون، عبر المذكرة، بفتح التعيينات، وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2020 بوقف التعيين في المؤسسات القومية إلى أجل غير مسمى، وعدم تمديد الخدمة لأي من الصحافيين أو الإداريين أو العمال بعد الوصول إلى سن التقاعد (60 عاما). واستند الصحافيون إلى قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003، لدعم مطلبهم في التعيين، خاصة نص المادة 33 منه على أنه "تحدد مدة الاختبار في عقد العمل، ولا يجوز تعيين العامل تحت الاختبار لمدة تزيد على 3 أشهر، أو تعيينه أكثر من مرة واحدة عند صاحب عمل واحد". وأشار مقدمو المذكرة إلى قرار الجمعية العمومية الأخيرة لنقابة الصحافيين المنعقدة في 17 مارس/آذار الماضي، والتي أقرت مطالب أعضاء الجمعية العمومية، بإعادة فتح التعيينات في الصحف القومية لغير المعينين.

كما تقدم النائب محمد أحمد فايد بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة، بشأن عدم تعيين الصحافيين المؤقتين في الصحف القومية، رغم مرور أكثر من 10 سنوات على عملهم فيها. وقال فايد إن الصحافيين المؤقتين في المؤسسات الصحافية القومية يتقاضون مرتبات هزيلة لا تتناسب مع ما يبذلونه من مجهود.

كما تقدم النائب هشام الجاهل بطلب إحاطة، بشأن معاناة الصحافيين المؤقتين من تأخر تعيينهم في مؤسساتهم القومية. وقال إن قرار رئيس مجلس الوزراء بوقف التعيينات في الصحف القومية ومنع التعاقدات أثّر بشكل خطير على مستقبل هؤلاء الصحافيين الذين يعملون في ظروف صعبة. وذكر أن عدداً من الصحافيين المؤقتين وصلته استغاثتهم بشأن محاولات إخفاء كشوف قوائم الحصر لهم، مما قد يتسبب في ضياع حقوقهم المادية والمهنية، وهو ما وصفه بالأمر العبثي. وانتقد النائب عدم تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للصحافيين المنعقدة في 17 مارس الماضي، الخاصة بالصحافيين المؤقتين، والتي طالبت الجهات المختصة برفع المعاناة عنهم وإعطائهم حقهم في التعيين.

كما التقى نقيب الصحافيين، خالد البلشي، عدداً من الصحافيين المؤقتين في الصحف القومية، لبحث أزمة تعيينهم ومطالبهم وسُبل إيجاد حل لها مع الهيئة الوطنية للصحافة ومجلس الوزراء.

وأكد البلشي أن حق العمل أحد الحقوق الرئيسية التي تدافع عنه أي نقابة، وأن ملف الصحافيين المؤقتين أحد الملفات المفتوحة أمام مجلس النقابة وسيتم التفاوض مع مؤسسات الدولة لحصولهم على حقوقهم. وشدد على ضرورة إدارة حوار يضم كل الأطراف مع الهيئة الوطنية والمؤسسات حول الصناعة وتطورها، وضمان حق العمل للزملاء، لأن هذا الأمر سيطور حق المهنة وسيضمن التنوع.

وفي الوقت الذي تقدم الجهات الحكومية مبررات متعددة لرفض تعيين صحافيين جدد في المؤسسات القومية، أهمها تخفيف الأعباء، تعتبر الأزمة جزءاً من مشكلة أكبر عبّر عنها مسؤولون مصريون في مناسبات عدة؛ حيث إن القطاع الحكومي متخم بنحو 6 ملايين موظف، في حين يحتاج تسيير العمل الحكومي إلى نحو مليون موظف فقط، وهو ما أرجعه خبراء الاقتصاد إلى شروط صندوق النقد الدولي لإقراض مصر.

وقال مصدر متخصص في الملف، لـ"العربي الجديد"، إن الصحافة المصرية "تمر بأسوأ حالاتها"، وأشار إلى أن قرار وقف التعيينات في المؤسسات الصحافية القومية هو "جزء من سيناريو أو مخطط تتجه الحكومة المصرية لتنفيذه، من أجل تصفية تلك المؤسسات والتخلص من أكبر عدد ممكن من العاملين، فيها للسيطرة علي ملف الإعلام الحكومي والخاص". وأشار المصدر نفسه، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن "جهات سيادية في الدولة تشرف على تنفيذ مخطط للسيطرة على المؤسسات الصحافية والإعلامية المملوكة للدولة بإعادة هيكلتها، من خلال دمج أو وقف إصدارات عدد كبير من الإصدارات بحجة تراكم الديون وتقليل الخسائر".

وكشف أحدث بيان من الهيئة الوطنية للصحافة، والصادر العام الماضي، أن مديونية المؤسسات الصحافية تبلغ 13.9 مليار جنيه، على الرغم من نشر مؤسسات صحافية لإحصاءات مغايرة تكشف أن قيمة الديون تصل إلى 20 مليار جنيه، (الدولار= 30.9 جنيهاً)، تشمل ضرائب وتأمينات وجمارك، فضلا عن ديون مصرفية.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، عبد الصادق الشوربجي، إن الحكومة تدعم رواتب العاملين في المؤسسات الصحافية القومية بنحو 33%، كما تدعم مصروفات المؤسسات بنحو 25% من مصروفاتها.

من جهة ثانية، قال حسام السويفي، الصحافي ومحرك دعوى قضائية تطالب بتعيين المؤقتين في الصحف القومية، في تصريحات، إن بعض المؤقتين هم أعضاء في نقابة الصحافيين المصرية، وبعضهم غير نقابي، ويعملون منذ سنوات في المؤسسات الصحافية القومية، من دون حصولهم حتى الآن على حقهم في التعيين. وأضاف السويفي أن حقهم في التعيين نص عليه الدستور المصري عبر المواد المتعلقة بحقوق العمل.

المساهمون