الهيبة... صراع التوقعات لا المعارك

25 أكتوبر 2021
حالة استنزاف درامي يقودها تيم حسن وحده في معترك يصعب الخروج منه سالماً (شاهد)
+ الخط -

ماذا يوجد في جعبة "الهيبة" ليقدمه في خامس مواسمه؟ سؤال راود الكثيرين من الجمهور للنقاد حتى من أهل الوسط الفني بعد طول تشويق بانتظار الموسم الخامس والأخير من المسلسل والذي يحمل عنوان "الهيبة - جبل".

كان من اللافت أن شركة "الصباح" المنتجة للعمل أعلنت، للمرة الأولى، أنّ المسلسل وصل إلى موسمه الأخير، وذلك على "البوستر" الرسمي، والذي صدر قبل عدة أيام من بداية العرض، وكان الأضعف من ناحية الغرافيك والتصميم، فلم يظهر جميع الأبطال في صورة جماعية التقطت من قبل مصور كما حدث في الأجزاء الثلاثة الأخيرة، بل اكتفت الشركة بدمج الصور الفردية في "بوسترٍ" واحد لضيق الوقت ربما، إذ ما تزال عمليات التصوير مستمرة مع بداية العرض.

في حين لم تحمل الشارة جديداً يذكر، فما زالت الهوية البصرية المستخدمة من الموسم الأول مع جمل من كلمات الشارة تظهر على الغرافيك، ولعل الاختلاف ظاهري في قصة الشعر الجديدة التي ظهرت بها الشخصية الرئيسية "جبل"، ليبرز أنّ هناك شيئاً جديداً ما مختلفاً عن بقية الأجزاء، لذا اعتمدت الشركة في تسويقها للعمل وضع إطلالات "جبل" في الأجزاء السابقة بشكل متتالٍ لتظهر الاختلاف بين موسم والذي يليه. كلّ ذلك بدا أقل اهتماماً من المواسم الأولى، فلم تقدّم أغنية خاصة للجزء كما حدث في "الهيبة - العودة"، ومن دون بث المسلسل بتوقيت الذروة فقد اتفق على عرضه عند السادسة مساءً وعبر قناة MBC فقط، على عكس المواسم السابقة حيث جرى بث الجزء عبر عدة قنوات عربية بالتزامن دفعة واحدة.

كما غاب عن العرض التلفزيوني الرعاة الإعلانيون رغم ضخامة الإنتاج ووصف منتج المسلسل الموسم بأنه الأصعب، لكنّ القناة السعودية اكتفت بالترويج أن العمل يعرض قبل 24 ساعة من بث الحلقة تلفزيونياً على منصة "شاهد" لزيادة حماس الجمهور ودفعهم لمتابعة الحلقة قبل عرضها على الشاشة، وبذلك فقد العرض التلفزيوني في اليوم التالي الوقع المنتظر وجاء وكأنّه إعادة لحلقة اليوم السابق التي جرى تداول مقاطعها على الإنترنت ومواقع التواصل.

وبما أنّ المسلسل خارج أوقات الذروة ولا يحظى بالوقع ذاته الذي يحدث عند عرضه على قناة لبنانية بعد نشرة الأخبار المسائية، فذلك سيخفف من قدرته على صناعة تريند في الفترة المسائية على "تويتر" كما حدث في أجزاءٍ سابقة، بل تحول التريند فجأةً باتجاه نسب مشاهدة المسلسل على "شاهد" لتنشر المنصة الإلكترونية بعد عرض الحلقة الأولى مقطعاً مصوراً لتصدر المسلسل قائمة العروض في عدة دول عربية.

لكن، ألا يجدر بالمواقع الصحافية أن تتلقف تفاصيل الحلقات وتفاعل الجمهور معها؟ قد يكون موعد العرض وتوقيته لعبا دوراً عكسياً، لا سيما مع عرض الحلقات الأولى من المسلسل بالتزامن مع فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في مصر وحالة التفاعل التي أحدثتها عدة قصص داخل المهرجان، علاوةً على غياب ترويج المسلسل بالزخم الذي يرافق عادةً عرض العمل من مؤتمر صحافي أو حملة إعلانات طرقية. كذلك لعب المزاج العام للشارع دوراً عكسياً في الانجذاب لمتابعة العمل، فعلى الرغم من تصوير المسلسل في ذات مناطق أجزائه السابقة، إلا أنّ مزاج الشارع اللبناني الحاضن لبيئة العمل سلبي نحو المشاهدة، فالكهرباء لا تصل لغالبية البيوت والمواطن اللبناني في حالة مستعصية من وابل أزمات اقتصادية وسياسية تبعد الجمهور عن اللهاث خلف حلقات "الهيبة"، فقد جاء عرض الحلقات الأولى بعد أيام على حادثة الطيونة التي أعادت شبح الحرب الأهلية إلى اللبنانيين، لتأتي الحلقة الثانية من "الهيبة" في اشتباكٍ مسلح بين العصابات المسلحة داخل شوارع بيروت.

لعب المزاج العام للشارع دوراً عكسياً في الانجذاب لمتابعة العمل

تزامن قد يفرض انعكاساته في الحلقات المقبلة، مع توجيه بوصلة الأحداث نحو إسقاطٍ موارب لا يعرف مدى نضجه في وضع إشارات للتهريب من مرفأ بيروت نحو الحدود السورية اللبنانية، خصوصا أنّ مطلع الجزء الجديد يبدأ بانتقام "جبل" لمقتل أخيه "صخر" من عصابة تحترف التهريب وتبييض العملة، ما قد يحوّل المهرب الأكبر في الأجزاء السابقة إلى حامٍ للحدود في الحلقات التالية، وهو ما ظهر في "البرومو" الدعائي للجزء، مع تصوير وصول عناصر من "داعش" إلى حدود "الهيبة" وتصدي "جبل" لهم.

حالة استنزاف درامي يقودها تيم حسن وحده في معترك يصعب الخروج منه سالماً بعد انسحاب أو إقصاء أويس مخللاتي من هذا الجزء، وتنميط صورة عبدو شاهين والمبالغة في أداء سعيد سرحان وعدم إفساح المجال لدخول واضح لنجم الموسم عبد المنعم عمايري في الحلقات الخمس الأولى من المسلسل. كذلك يحمل الجزء الجديد حضوراً للفنانة اللبنانية إيميه صياح والتي تعود للدراما بعد غياب، إذ يبرز اعتماد شركة "الصبّاح" على ممثلة ليست من الصف الأول كي يبقى التركيز ثابتاً على تيم حسن، وهذا ما جعله يتصدر "بوستر" العمل منفرداً كما سمّي الجزء الأخير على اسم الشخصية "الهيبة - جبل".

وعلى الرغم من استمرار عمليات التصوير فإنّ الشركة تخطط لتمديد الفترة لإنجاز النص السينمائي الذي سيكون خاتمة المشروع الدرامي الممتد لخمسة مواسم. وسبقَ أن قدّم الفكرة المخرج الراحل حاتم علي عبر مسلسل "أحلام كبيرة" حين طرح قصة العمل مع ذات الممثلين في فيلم سينمائي "العشاق"، فلم يلتفت الجمهور للفيلم وبقي الصيت مرتبطاً بالمسلسل حتى يومنا هذا، في حين تسعى شركة "الصبّاح" هذه المرة لدخول حقل الإنتاج السينمائي عبر عمل جماهيري يحمل اسم "الهيبة" وتستقطب الجمهور لإدخال إيرادات جديدة للشركة أو بيعه لمنصة "شاهد" على الأقل.

لكن هل ستتمكن قصة "الهيبة" المتعثرة بإيجاد مخرج درامي مقنع في الجزء الخامس بعد تغييرات عدة على سيناريو الجزء من الوصول إلى صيغة سينمائية مقنعة، أم ستكتفي بالاعتماد على جماهيرية تيم وحضور القديرة منى واصف وافتعال معارك لا طائل منها سوى أصوات الرصاص والتفجيرات من أجل الراتينغ فقط. هذا مع الإعداد السريع للعمليات الفنية والذي سبق بدء العرض مع الاستعانة بمشاهد من مسلسلات درامية لشركة إنتاج أخرى في البرومو الذي أعدته منصة "شاهد"، ما دفع بمديرة بقسم الترويج للاتصال بشركة الإنتاج المنافسة والاعتذار عن الاستخدام الخاطئ وغير المقصود للقطات من مسلسلات أخرى في برومو خامس مواسم "الهيبة".

كل ذلك يمكن إغفاله إذا ما استطاع الحدث الدرامي في الجزء الخامس خلق التوازن للخروج من مأزق الحكاية المهترئة وتقديم صورة منطقية لمحاكمة "جبل" ومحاسبته على القتل العشوائي المرتكب في المسلسل، وإلا سيقع المسلسل في عاقبة تصوير "جبل" كرجل عصابات احترف عن طريق عائلته التهريب وبيع السلاح وواجه الدولة وتمرد، وفي لحظة "خرافية" قرر أن يسلّم نفسه للدولة ويدافع عن "الوطن" من أجل الهيمنة على الحدود من دون أي رادع أو رقيب.

المساهمون