"الأنوف الحمراء"... من أجل قليل من الضحك

"الأنوف الحمراء"... من أجل قليل من الضحك

18 ابريل 2024
من فعاليات المؤسسة في مخيم جنين (الأنوف الحمراء)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "الأنوف الحمراء - فلسطين" تستخدم فن التهريج لنشر الفرح في المجتمع الفلسطيني منذ 2010، مركزة على المستشفيات والمؤسسات الصحية لتحسين استجابة المرضى وحالتهم النفسية بأساليب مثل السيرك والموسيقى.
- في ظل الأوضاع الصعبة بفلسطين، تنفذ المؤسسة خطط طوارئ للدعم النفسي والمعنوي، مثل فعالية خاصة لأطفال قطاع غزة بالشراكة مع بلدية البيرة في نوفمبر 2023.
- تعتبر المؤسسة الفكاهة والضحك أدوات فعّالة للدعم النفسي والاجتماعي، مع التأكيد على الاحترافية العالية لطواقمها والتزامهم بمنهج يسعى لتقديم الدعم لمختلف شرائح المجتمع الفلسطيني.

تلجأ مؤسسة "الأنوف الحمراء - فلسطين"، إلى استخدام فن التهريج، بهدف نشر الضحك بين من هم بأمس الحاجة إلى لحظات من الفرح. بدأت المؤسسة العمل في فلسطين عام 2010 كمشروع، وسُجلت في عام 2012 كفرع لمؤسسة الأنوف الحمراء الدولية.
تعمل المؤسسة على نشر الفكاهة في المستشفيات الفلسطينية، ما يعزز استجابة المريض إلى العلاج، وكذلك مقاومته، وتعديل حالته النفسية. لكن عملها توسّع مع الوقت، ومع تشعّب احتياجات التدخّل النفسي عبر الكوميديا والترفيه، سواء بالسيرك وألعاب الخفة، أو الاسكتشات المسرحية الكوميدية، أو الموسيقى، أو الغناء، أو الستاند أب كوميدي، وغيرها، إذ يعمل فريق "المهرّجين الطبيّين" على تعزيز المقاومة والإرادة لدى الفئات المستهدفة، من خلال نشر الضحك بينهم، نظراً إلى كونهم يأخذون بعين الاعتبار احتياجات هذه الفئات ومصالحها الفردية، ما يخلق صلة بين الجانبين، ويؤدي إلى تحسّن ما في الحالة المزاجية، سواء للمرضى، أو المسّنين في دور الرعاية، أو حتى الطواقم الطبية نفسها.
وما بعد عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ومع استمرار الاجتياحات لمدن وقرى ومخيّمات الضفة الغربية، اتجهت طواقم المؤسسة في فلسطين إلى ما يمكن وصفه بخطة طوارئ. ففي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، نظمت المؤسسة، بالشراكة مع بلدية البيرة، في مركز إسعاد الطفولة، فعالية خاصة بالأطفال المرضى وذويهم من قطاع غزة، حين كانوا عالقين في مدينة رام الله، بسبب العدوان، فقدّم المهرجون الطبيّون عدداً من الفقرات الترفيهية التي خفّفت، ولو قليلاً، من معاناة الأطفال والمراهقين وذويهم.
يلفت المدير الإداري للمؤسسة، رائد صادق في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن مهرجي الرعاية الصحية من فنّاني "الأنوف الحمراء"، صمّموا فعاليّة ترفيهية خاصة للأطفال والأهالي، تراعي الحالة الخاصة للعالقين من مرضى غزة في رام الله.
يشير صادق إلى أنه زار مدينة غزة في أغسطس/آب الماضي، بهدف تفعيل برامج "الأنوف الحمراء" في القطاع المحاصر، ومشافيه على وجه الخصوص، موضحاً أنه نتج عن هذه الزيارة توافق مبدئي على بدء الترتيبات لزيارات مهرجي الرعاية الصحيّة للمؤسسة إلى قطاع غزة، بالشراكة مع المستشفى المعمداني الذي أبدت إدارته رغبة كبيرة في استضافة فرق المؤسسة، في إطار برنامج "الابتسامة الطارئة"، وهي من ضمن البرامج الدولية للمؤسسة في مخيمات اللاجئين، ونُفّذت في اليونان وتركيا والأردن، لكن "وللأسف بدأ العدوان، ولم نتمكن من تنفيذ هذا المخطط الطموح".
ومنذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نظّم مهرّجو "الأنوف الحمراء"، مجموعة من الأنشطة في أربع مدارس تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). اشتمل المشروع على 12 زيارة ترفيهية، نفّذها المهرّجون، واشتملت على توظيف فنون الموسيقى والغناء ولعب الأدوار والسيرك الضاحك، علاوة على ورشة الفكاهة في الرعاية الصحيّة التي قدّمها المدير الفني للمؤسسة، داود طوطح، وهو من مؤسسيها في فلسطين، وركز فيها على تقديم طرق وأدوات إبداعية لخلق الفكاهة واستخدامها أداة مبتكرة للدعم النفسي والاجتماعي، سعياً إلى دمجها مع الوقت في أساليب التعليم بالمدارس الفلسطينية.
يشير رائد صادق إلى أن التوجه إلى مخيم جنين للاجئين، جاء نتيجة سلسلة الاجتياحات الإسرائيلية المتواصلة منذ سنوات للمخيم، وارتفعت وتيرتها منذ السابع من أكتوبر الماضي. كان القرار بالتنسيق مع المجلس النرويجي للاجئين، لافتاً إلى أن ظروف العمل في مخيم جنين كانت غاية في الصعوبة، على الرغم من أن طواقم "الأنوف الحمراء" في فلسطين عملت في المخيم منذ اجتياح يوليو/تموز 2023، حيث حوصر العديد من مهرّجي الأنوف الحمراء الطبيّين في اجتياحات عدة، وكانوا في دائرة الخطر الحقيقي على حيواتهم، كما أبناء المخيم، علاوة على صعوبات التنقل من وإلى المخيم، وإن كانت إدارة المؤسسة تتجه نحو الفنانين المقيمين في مدن وبلدات قريبة، أي في شمال الضفة الغربية.

يوضح صادق أن طواقم "الأنوف الحمراء"، وبعد التدخلات الحيوية للغاية "قرّرت التوجه إلى العمل في مزيد من مخيّمات اللاجئين، عبر مدارس أونروا فيها، وتحديداً تلك التي لا تزال تعاني من اجتياحات متواصلة كمخيم نور شمس في طولكرم، ومخيم بلاطة في نابلس".
ويلفت إلى أن طواقم المهرّجين الطبيين لفرع فلسطين من مؤسسة "الأنوف الحمراء" على مستوى عالٍ من الاحترافية، وبينهم فنانون مكرّسون خاصة في مجال المسرح، كمعتصم أبو ياسين، وعزّت النتشة، وسليم النبالي، وجميعهم خضعوا لدورات متخصصة في أكاديمية تتبع المؤسسة في فيينا ومن ثم في فلسطين، ما يؤهلهم للالتزام بمنهج "الأنوف الحمراء" كمؤسسة تعمل في العديد من دول العالم.

يوضح صادق أن المؤسسة تؤمن بقوة الفكاهة والضحك، فهو له تأثيره الإيجابي على نفسية العامّة في الأزمات والأوقات العصيبة، و"نرى فيه عملاً جاداً رغم طابعه الترفيهي، فهو عمل إبداعي يبتعد عن الطرق التقليدية في العلاج النفسي لمختلف شرائح المجتمع"، لافتاً إلى أن ردات الأفعال لدى الأطفال "مذهلة".

المساهمون