استقالة جونسون في الصحف البريطانية: تعويذة كُسرت

استقالة جونسون في الصحف البريطانية: تعويذة كُسرت

08 يوليو 2022
"ذا ديلي ميل": "ماذا فعلوا بحق الجحيم؟" (كارلوس جاسّو/ فرانس برس)
+ الخط -

هيمنت استقالة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على الصفحات الأولى من الصحف الصادرة اليوم الجمعة في البلاد. وبينما تنفست بعض هذه المنصات الإعلامية الصعداء، واعتبرت أن جونسون ألحق أضراراً جسيمة بحزبه وبالبلاد، انبرت أخرى للدفاع عنه وللتحذير من رحيله ولشكره على دوره في خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

أعلن جونسون (58 عاماً) الجمعة الاستقالة في كلمة مقتضبة، وأوضح أنه سيبقى في السلطة حتى تعيين خلف له.

اعتمدت صحيفة ذا غارديان تصميماً يشبه الملصق لصفحتها الأولى التي احتلتها صورة جونسون، وفوقها العنوان العريض: "إنها (تقريباً) منتهية". وكتبت كلمة "منتهية" بخط أصغر من كلمتي العنوان الأخريين. داخل الصحيفة، كتب جوناثان فريدلاند أن تعويذة جونسون السامّة على بريطانيا كُسرت، بعدما قُبض على "فنان الهراء بالفطرة" من أكاذيبه.

ونشرت الصحيفة موقفها من هذه الاستقالة التي وصفتها بـ"الخلاص الجيّد". وأضافت أن "الخبر الجيد هو أن أسوأ رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا الحديث، سيرحل. والخبر السيئ هو أنه لم يرحل بعد". وعلّقت على خطاب استقالته، مشيرة إلى أنه لم يتضمن أي ملاحظة ندم على "سوء سلوكه كرئيس للوزراء"، أو أي لفظ يدلّ على إدراكه سبب اندفاع حزب كان قد احتضنه قبل ثلاث سنوات لتخليص نفسه منه الآن. ورأت الصحيفة أن قدرته (جونسون) على "إلحاق الضرر بحزبه وبالبلد لم تنته بعد".

وكتبت أن جونسون زعم أنه يفهم الشعب البريطاني، لكن ما أظهرته الأسابيع العصيبة الماضية هو أنه لم يشارك أو يفهم إطلاقاً أخلاقياتهم. وأشارت إلى أنه كان يتصرف كرئيس وليس كزعيم برلماني، وأنه كان يدير الحكم عن طريق الحملات، وليس من خلال المداولات الجماعية والإنجاز. وأضافت أنه "أساء استخدام مكتبه بمكافأة أصدقائه وعقد صفقات مع المتبرعين"، وأنه "دمّر ثلاث حكومات محافظة في غضون ست سنوات، وفعل الكثير للإضرار بسمعة بريطانيا الدولية". وكتبت أنّ "الحزب والشعب البريطاني تخلصا منه".

كما ركزت صحيفة فايننشال تايمز على نبرة جونسون "التي لا تنمّ عن اعتذار" في صفحتها الأولى، وجاء في عنوانها العريض: "جونسون يستقيل، متحدياً حتى النهاية". ومع ذلك، كتب روبرت شريمسلي، في عمود الصفحة الأولى، أن أهمية جونسون التاريخية "لا جدال فيها" رغم خسارته ثقة النواب.

صحيفة ذا ميرور نشرت ادعاءً أثار الفضول، إذ زعمت أن جونسون لم يرغب في التخلي عن منصبه من أجل أن يقيم حفلاً "فخماً" في مقر إقامته الرسمي في تشيكرز، للاحتفال بزفافه من زوجته كاري في وقت لاحق من الشهر الحالي. وجاء في عنوان عريض على صفحتها الأولى: "متشبث من أجل حفلة أخيرة". ونقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة المستوى في حزب المحافظين الذي يقوده جونسون قولها إن أحد أسباب بقاء رئيس الوزراء هو إقامة الحفل "الفخم".

صحيفة ذا تايمز قالت إن جونسون "ألقى بمنشفته"، وهي عبارة مأخوذة من عالم الملاكمة، حيث يلقي الملاكم منشفته في الحلبة، عند الاستسلام في حالة الهزيمة. وذكرت الصحيفة نفسها أن استقالة جونسون "أثارت سباقاً دموياً على القيادة". وقال كاتب العمود إيان مارتن إن فترة حكم جونسون الفوضوية في داونينغ ستريت تركت لخليفته "إرثاً مرعباً".

في الصحيفة نفسها، كتب جيرارد بيكر مقالة عنوانها "شعبوية جونسون وترامب ما تزال حيّة". وقال إن بوريس جونسون منح "جيش معارضيه ذخيرة حيّة"، عبر خوضه التحدي الأخير. وأضاف أنه لطالما رأى هؤلاء النقّاد في جونسون "نسخة بريطانية راقية" من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. واعتبر الكاتب أن ترامب وجونسون نجحا في إعادة منح التيار المحافظ قوّة سياسية، "لكنهما فشلا في النهاية بسبب حماقتهما النرجسية". ورأى الكاتب أن من الواضح أن هناك أوجه تشابه مهمة، لها آثار مهمة على مستقبل السياسة الإنكليزية-الأميركية.

وعدّد ما وصفه بالعيوب المتعددة والمشتركة بين الزعيمين: "النرجسية الإفراط في الانغماس في الذات، والكذب الانتهازي المتأصل، وعدم الاهتمام بالتفاصيل، بالإضافة إلى الشهية المفرطة لإرضاء الذات المستمرّ، والإدمان على التملق من الجمهور".

السؤال عمن سيخلف جونسون هيمن على الصفحة الأولى من صحيفة ذا تيليغراف التي حذرت من "شلل" في المملكة المتحدة.

وأبدت صحيفة ذا ديلي ميل موقفاً أكثر شراسة، فحذرت في صفحتها الأولى النواب المحافظين من أنهم "سيندمون على اليوم" الذي أجبروا فيه زعيمهم على الاستقالة. وكتبت باستنكار على صفحتها الأولى: "ماذا فعلوا بحق الجحيم؟".

صحيفة ذي إكسبرس شكرت، على صفحتها الأولى، جونسون الذي "أعاد لبريطانيا حريتها"، في إشارة إلى دوره في خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وكذلك فعلت صحيفة ذا صن. 

ولفت غلاف الصحيفة البريطانية الأسبوعية ذي إيكونيميست الأنظار، وانتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تصدرته صورة لجونسون هابطاً من السماء، وحاملاً بكل يد علم البلاد، وكُتب فوقها: "سقوط المهرّج: بريطانيا بعد بوريس".

المساهمون