إطلاق منصة افتراضية تواكب "العرب في بريطانيا"

إطلاق منصة افتراضية تواكب "العرب في بريطانيا"

08 يناير 2022
اندماج العرب في المجتمعات البريطانية لا يعني ذوبانهم فيها (هولي آدامز/Getty)
+ الخط -

انطلقت رسمياً أول منصة افتراضية تفاعلية باسم "العرب في بريطانيا"، في الأول من يناير/ كانون الثاني الحالي، في العاصمة البريطانية لندن، بعد شهرين من البث التجريبي. تهدف هذه المنصّة إلى جمع كل ما يخص العرب في بريطانيا تحت سقف افتراضي واحد، وتقدم محتوى إخبارياً يخدم الجاليات العربية في هذه البلاد وأنشطتها المختلفة فضلاً عن الخدمات والاستشارات التي تهم المجتمع العربي في بريطانيا.

تتميّز منصة "العرب في بريطانيا" بأنّها "مشروع يشمل بريطانيا كلها، ومتوفرة باللغتين العربية والإنكليزية، كما تقدم خدمات استشارية للعرب من دون مقابل، وفي الوقت نفسه لها حضور على جميع منصات التواصل وليس فقط على فيسبوك على سبيل المثال. يعني ذلك أنّها مشروع مؤسسي وليست عملاً فردياً محدوداً"، بحسب ما يقول مؤسس المنصة ورئيس تحريرها عدنان حميدان، في حديثه إلى "العربي الجديد".

ويضيف حميدان: "بما أنّ العديد من الدراسات المحلية وجدت أنّ 45 في المائة من البريطانيين يرون أنّ العرب غير مندمجين بالمجتمع البريطاني ويفضلون العيش بمجتمعات معزولة، فإن رسالة هذا المشروع تقوم على توفير منصة عربية في بريطانيا تتحدث بضمير المواطن العربي المقيم فيها أو الراغب في الانتقال للعيش فيها، بشكل يساعده على الاندماج من دون الذوبان. كما تلبي حاجاته ورغباته، وتعزز ارتباطه بالمجتمع العربي، من خلال الأنشطة والفعاليات والخدمات والأخبار. وتهتم بكل ما يواجهه هو وأطفاله من تحديات تربوية واجتماعية وثقافية".

يشير حميدان إلى أنّ منصة "العرب في بريطانيا" من العرب في بريطانيا وإليهم. وهي ليست حكراً على أحد، بل يستطيع كل مواطن عربي مقيم في بريطانيا أن يحرّر أخبارها وينشر مقالاته فيها، بعيداً عن القضايا الخلافية أو النزاعات السياسية.

في السياق، يقول الدكتور خليل الآغا، المحاضر في "جامعة لندن متروبوليتان" في استراتيجيات الإعلام الرقمي، والباحث في مجال الإعلام والهوية الثقافية، لـ "العربي الجديد"، إنّ المنصة "كما هو معلن على الموقع الرسمي، تعدّ إسهاماً كبيراً في لعب دور إيجابي للوصول إلى مفهوم واقعي وعملي لاندماج المجتمعات العربية في المجتمع البريطاني"، موضحاً أنّ "مسألة اندماج الأقليات في المجتمعات الغربية من أكثر القضايا أهمية لدى العديد من الجهات المعنية من أفراد وقيادات مجتمعية ومشرعين وحكومات وإدارات محلية ومدارس وجهات تربوية وغيرها".

ويلفت إلى أنّ "التعقيد يكمن في مفهوم الاندماج نفسه، إذ تتوقّع المجتمعات الحاضنة الاندماج الكامل، بمعنى إحلال هوية هذه المجتمعات مكان هويتها الأصلية. وهذا يعني الذوبان. أمّا مفهوم الاندماج من وجهة نظر الكثير من الأقليات وأفرادها فقد يعني المحافظة على الهوية والمعتقد والعادات التي جاؤوا بها من بلادهم الأصلية، وهذا عملياً يعني الانفصال عن المجتمعات الحاضنة بسبب وجود اختلاف شاسع بينهما".

ويرى أنّ "الأجندات السياسية في الكثير من دول الغرب تلعب دوراً سلبياً في زيادة هذا التعقيد وإضفاء بعد خلافي، يسهم في تباعد المسافات أكثر مما يسهم في تقريبها". ويشير الآغا إلى أنّ "الإعلام يسهم أحياناً في تنميط الصورة الذهنية عن أقليات بعينها. وللوقوف على فهم أفضل لمعنى الاندماج، لا بد من الإشارة إلى التطور الكبير الذي طرأ على هذا المفهوم على مر السنين، الذي بات يعني في أحدث أشكاله قدرة الأقليات والمجتمعات الحاضنة على التعايش معاً على أساس قدر كبير من الفهم والاحترام لثقافة الطرفين من دون تعد أو تعال أو تجاهل. وإن كان هذا الفهم لا يزال يراوح بالأروقة الأكاديمية ويحتاج لكثير من الجهد للوصول إلى تطبيقاته عملياً".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويكمل أنّ "هناك الكثير من القيم المشتركة بين الكثير من الثقافات، وهي تلعب دوراً أساسياً في إيجاد أرضية مشتركة للبناء عليها. كما أنّ المرونة في ممارسة بعض العادات والتقاليد لا بد منها أحياناً، خاصة إذا تعلق الأمر بالشكليات لا بالمضمون. كذلك يجب التحلي بالكثير من الفهم والتقدير للطرف الآخر خاصة مع وجود فجوات عميقة في فهم ثقافة الطرف الآخر، وإصرار الجانبين أحياناً على احترام الشكليات أكثر من المضمون".

ويرى الآغا أنّ "هناك الكثير مما ينبغي عمله لتحقيق مفهوم الاندماج الصحيح والمستدام، ولا بد من الاتفاق على أرضيات مشتركة للانطلاق منها والبناء عليها"، معتبراً أنّ منصة "العرب في بريطانيا" تتمتّع بفرص كبيرة للتقدّم في هذا المجال.

 من جهته، يتحدّث مدير التحرير في منصة "العرب في بريطانيا"، صلاح عبد الله، عن "غلبة العنصر الشبابي على الفريق العامل الذي يجمع بين الشباب العربي الذي نشأ في بريطانيا من طفولته والشباب الذين جاءت بهم ظروف الهجرة واللجوء إلى هذه البلاد". ويرى أنّ "هذا الخليط يمثّل واقع الشباب العربي في بريطانيا بكل تفاصيله"، كما يرى أنّ "وجود العنصر الشبابي إلى جانب أصحاب الخبرة في المجال الإعلامي يعطي المنصة مزيجاً من التنوع الذي يصب في مصلحة العمل".

أما مروة كنيفد، وهي مراسلة "العرب في بريطانيا" في مدينة شيفيلد شمال إنكلترا، فتقول: "هذا المشروع ساعدني على تحقيق حلمي بتطبيق ما درسته في الإعلام ضمن نطاق المجتمع العربي بصفة عامة ومجتمع اللجوء السوري في بريطانيا بصفة خاصة، ولإبراز الإضافة النوعية التي شكّلها حضور هؤلاء المهاجرين على بريطانيا، وكيف أصبح الكثير منهم عناصر منتجة واستغنوا عن الإعانات الزهيدة التي تقدمها الدولة".

وتعبّر علا البيوك، وهي مراسلة أيضاً في مدينة برايتون، عن سعادتها لتوفير هذه المنصة خطاباً باللغتين الإنكليزية والعربية للعرب في بريطانيا وللمهتمين بقصصهم وقضاياهم، وتقول: "أحسست بشعور غير عادي وأنا أسير في مدينتي برايتون بعد أول تقرير كتبته عنها، وانتابني شعور خاص من الارتباط بها، وأخذت أفكر كيف أن لهذه المدينة واجب عليّ مقابل لما قدمته لي ولا تزال".

بدورها، تقول دلال جبريل، وهي إعلامية ومؤسسة "جمعية الأردنيين في بريطانيا" و"المغتربات الأردنيات في بريطانيا" على "فيسبوك"، لـ "العربي الجديد": "إننا كمجتمع أردني في بريطانيا نرحب بهذه الخطوة، وبوجود موقع يضم طاقماً شبابياً وأشخاصاً يتمتعون بخبرة في الإعلام، والمهم أيضاً أنها منصة تشمل العرب الذين ولدوا في بريطانيا والموجودين في هذه البلاد وأيضاً فئة المهاجرين أو كما يقال الجيل الأول من المهاجرين".

تضيف جبريل أنّ "المنصة ستواجه تحديات كثيرة بالتأكيد، منها وربما أبرزها جمع العرب بشكل عام"، لكنّها ترى أنّها "مبادرة جميلة خاصة أننا كعرب لدينا قضايا كثيرة، منها مشاكل الاندماج؛ "أنا شخصياً متزوجة من رجل إنكليزي، ومن منطلق اختلاطي بالعائلات الإنكليزية أرى أن العديد منها مترابطة وتتمتّع بالأجواء العائلية التي قد تختلف بأسلوبها عن أجوائنا العربية التقليدية، لكنها في الوقت نفسه موجودة ولو بطابع بريطاني خاص بها. وعلى الرغم من أنني تكيفت مع البلد، لكنني دائماً أبحث عن أناس ينتمون إلى ثقافتي وتقاليدي، لأنني أحب أن أشاركهم ذكرياتي وطفولتي وثقافتي، وأن أعيش معهم الأجواء التي ألفناها في بلادنا داخل المجتمع البريطاني الأكبر".

وتؤكد جبريل: "على الرغم من أننا نأتي من خلفية واحدة لكنّنا نبقى مختلفين في مدى تقبلنا واندماجنا في المجتمع البريطاني. لذلك من الجميل وجود منصة تحاكي هذا الاختلاف ودرجات الاندماج".

في هذا الشأن، تشيد الناشطة السورية ديمة الأكتع بإطلاق منصة "العرب في بريطانيا"، التي نقلت قصتين عن نشاطها وحضورها الفعال في إبراز معاناة وتحديات اللاجئين السوريين خلال الشهرين الماضيين. وتقول: "شعرت بفخر شديد لأن منصة العرب في بريطانيا تبنت قصتي وأبرزت تجربتي ومن خلالها تمكنت بحمد الله من إيصال رسالتي لشريحة أكبر وتشجيع من هم مثلي للمغامرة والتحدي والاندماج أكثر في المجتمع البريطاني".

تجدر الإشارة إلى أن منصة العرب في بريطانيا متاحة على منصات التواصل الاجتماعي إضافة لتقديمها محتوى باللغتين على موقعها الرسمي: www.alarabinuk.com.

المساهمون