التمييز الجندري ممنوع: إعلانات محايدة جنسياً في بريطانيا

التمييز الجندري ممنوع: إعلانات محايدة جنسياً في بريطانيا

19 يونيو 2019
منع تصوير النساء كعاجزات عن القيادة (Getty)
+ الخط -
في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت "هيئة وضع معايير الإعلانات" في بريطانيا عن حظر الإعلانات التجارية التي تكرّس مفاهيم التمييز الجنسي والجندري بين النساء والرجال. ومنحت الهيئة الشركات التجارية، ووكالات الإعلانات 6 أشهر ليدخل القرار حيّز التنفيذ. وهو ما بدأ بالفعل مطلع هذا الشهر (يونيو/حزيران). وذكرت على سبيل المثال الإعلانات التي تظهر رجالاً يعجزون عن تغيير حفاضات الأطفال، أو صوراً لنساء يقمن بالأعمال المنزلية بينما يجلس الرجال على الأريكة يشاهدون التلفزيون، أو حتى مشاهد لنساء عاجزات عن قيادة السيارات، وهي الصورة النمطية الأكثر شيوعاً في الإعلانات. وقالت الهيئة في بيان، إنها ستمنع أيضاً الإعلانات التي تعكس سمات شخصية نمطية للفتيان والفتيات، مثل الشجاعة للأولاد والحنان للفتيات، أو تلك التي تقترح أنّه ينبغي على الأمّهات الجدد أن يعطين الأولوية لمظهرهن أو نظافة المنزل على صحتهنّ العاطفية. كذلك تلك المشاهد التي تسخر من الرجال لجهلهم في كيفية القيام بالمهام "الأنثوية"، مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية أو غسل الملابس أو رعاية الأطفال. وتم تطوير هذه الإرشادات بعدما وجد تقرير صادر عن الجهة المنظّمة، أن الصور والكلام النمطي "يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير متكافئة بين الجنسين في الجوانب العامة والخاصة لحياة الناس". 

وقال جاي باركر، الرئيس التنفيذي للهيئة في بيان يوم الجمعة: "تُظهر أدلتنا كيف يمكن للقوالب النمطية الجندرية الضارة في الإعلانات أن تساهم في تكريس عدم المساواة في المجتمع، مع تحمّلنا جميعاً تكاليف ذلك". وأضاف: "ببساطة، وجدنا أن بعض الصور في الإعلانات يمكنها، مع مرور الوقت، أن تلعب دورًا في الحد من إمكانات الناس". ولفت إلى أنّه: "من مصلحة النساء والرجال واقتصادنا ومجتمعنا أن يبتعد المعلنون عن هذه الصور القديمة، ونحن مسرورون بكيفية بدء الصناعة بالفعل في الاستجابة".

وجاءت التوصيات التي أصدرتها الهيئة بعد رصد عشرات الإعلانات التي قدّمت تصوّرات مسبقة سلبية عن النساء بشكل خاص. أبرزها ملصقات إعلانية لمشروب خاص بإنقاص الوزن، جعل من النحافة شرطاً لارتداء ملابس البحر، في تمييز ضد صاحبات الوزن الزائد. أثارت هذه الملصقات موجة من الانتقادات ما أدّى إلى رفع عريضة ضدّها وقع عليها ما يزيد عن 70 ألف شخص مطالبين بإزالتها. ومن المعروف أن هيئة المعايير، تمنع الصور المسيئة حتى منذ ما قبل صدور قرارها الأخير في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ففي العام 2016، اتّخذت المجموعة إجراءات صارمة ضد شركة "غوتشي" لاستخدامها عارضة أزياء بدت "نحيفة بشكل غير صحي" في إحدى الحملات الإعلانية. وفي عام 2017، حظرت إعلانًا تجاريًا لشركة "ريميل" لمستحضرات التجميل، بعد ظهور الممثلة وعارضة الأزياء البريطانية الشهيرة كارا ديليفن برموشٍ مبالغ في طولها وكثافتها "قد تضلّل المشاهدين والمستهلكين" بحسب تقرير الهيئة. وقبل أسابيع قليلة وجّهت الهيئة انتقاداً لشركة بورش للسيارات، بعدما عرضت ساقَي وصدر امرأة تخرج من السيارة مع عبارة "خدمة جذّابة".

وكجزء من مراجعتها، جمعت الهيئة عدداً من المشاهدين وعرضت عليهم إعلانات متنوعة لقياس ردة فعلهم وتقييمهم للصورة المقدّمة عن النساء والرجال. أحدها كان إعلاناً تلفزيونياً صادراً عام 2017 لحليب بودرة مجفف خاص بالأطفال. في الشريط القصير تَظهر طفلة تكبر لتكون راقصة باليه وأولاد يكبرون ليصبحوا مهندسين ومتسلقي جبال.

وجدت هيئة معايير الإعلان، أن بعض الآباء والأمهات تأثّروا بقوة بهذا النوع من الإعلانات القائمة على تحديد المهن المستقبلية النمطية للأولاد والبنات. واستفسروا عن الحاجة إلى التمييز بين الجنسين منذ الطفولة، كما شعروا بأن الإعلان يفتقر إلى تنوع الأدوار بين الجنسين ولا يمثّل واقعًا حقيقيًا. وقتها أقيمت حملة ضد الإعلان لكن الهيئة لم تجد أسبابًا لإجراء تحقيق رسمي. ثمّ عادت وقالت إنها ستتعامل مع أي شكاوى بشكل جدي، بعد تقييم الإعلان من خلال النظر إلى "المحتوى والسياق" لتحديد ما إذا كان يلتزم بالقاعدة الجديدة التي بدأ العمل بها هذا الشهر.

وفقًا للإرشادات الجديدة، تنضم بريطانيا إلى دول مثل بلجيكا، وفرنسا، وفنلندا، واليونان، والنرويج، وجنوب أفريقيا، والهند، التي سبق أن وضعت قوانين أو معايير تمنع التمييز بين الجنسين في الإعلانات. النرويج، على سبيل المثال، لديها قانون يحظر التمييز الجنسي في الإعلانات منذ عام 1978. ومع دخول قرار الهيئة حيّز التنفيذ، فإن الإعلام البريطاني ومعه الناشطون على مواقع التواصل رحّبوا بالقرار. فقال المدوّن جيم كولسون، وهو أب لطفلين، إنّه يعتقد أن الحظر فكرة جيدة. بينما اعتبرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أنّ القرار جيّد لأن الرسالة الصغيرة التي يتمّ تمريرها في الإعلانات وتنطوي على تمييز جندري، تعلق تلقائياً في ذهن المشاهد أو المتلقّي.
في المقابل، كان للصحافية، أنجيلا إبشتاين رأي مختلف، وقالت، لـ"بي بي سي" إنّ المجتمع أصبح "مفرط الحساسية"، لافتة إلى وجود الكثير من القضايا الكبيرة التي نحتاج إلى محاربتها ومكافحتها على قدم المساواة، مثل المساواة في الأجور، والتنمّر في مكان العمل، والعنف المنزلي، والتحرش الجنسي.

المساهمون