"حرملك 2"... خيوط دراميّة غارقة في الأخطاء

"حرملك 2"... خيوط دراميّة غارقة في الأخطاء

17 مايو 2020
يضم المسلسل مجموعة من مشاهير الدراما العربية (فيسبوك)
+ الخط -
في الموسم الأول من مسلسل "حرملك" للكاتب السوري سليمان عبد العزيز، والمخرج تامر إسحاق، تعرّفنا على أهم مشاكل العمل ونقاط الضعف التي جعلتنا نتوقع، مع انطلاق الموسم الثاني في رمضان الحالي، اختفاءها أو على الأقل تحسينها ومعالجتها بطرق مختلفة تخفف من سلبياته، لتعيد ثقة المشاهد في عمل ضخم بُذِل لأدواته الكثير. ولكن، على عكس التوقعات، بدلًا من تفادي هذه الأخطاء، زِيد عليها في الموسم الثاني.

لعل أبرز السلبيات التي يواجهها العمل، منذ انطلاق الجزء الأول في الموسم الرمضاني الماضي، هو استقدام قامات فنية في الدراما السورية، واستغلال أسمائهم واستثمار مواهبهم بعد ضم عدد كبير منهم للمشاركة في هذا العمل التاريخي، أمثال: جمال سليمان وباسم ياخور وسلافة معمار وعبد الهادي الصباغ وقيس الشيخ نجيب وسامر المصري وأحمد الأحمد وجهاد سعد، وغيرهم من ألمع نجوم الشاشة السورية، مضافًا إليهم نجوم من مصر ولبنان. هذه السمة جعلت البناء الدرامي للمسلسل يدخل في متاهات شائكة، لم تكن الموهبة التمثيلية وحدها كافية لرأب التشتّت في عروق الحكاية. كل بطل يسرح ويمرح في شبكة من الخيوط، منها ما يُعنَى بها، ومنها ما لا تمتُّ بأيّ صلة به، وذلك بغية تعبئة الفراغات، عن طريق حشوها بسيناريوهات فارغة.

ولتفادي أزمة كثرة الممثّلين وتفلّت خيوط قصصهم، ذهب صناع العمل إلى استئصالِ عددٍ من الشخصيات في الموسم الحالي، في محاولة لتدارك الفجوات التي جعلت من حكاياته في ضياع وتشتت. فأثمرت المحاولة عن مساوئ أخرى حين أقصي عدد من الممثلين بطرق فجة لا مبرر دراميا لها. فشخصية "الكيخي" وهو الباشا الحاكم على ولاية الشام (أدى دورها الممثل جمال سليمان) اختفت بحجة أنه انتحر في "الحكمدارية" (القيادة العثمانية المركزية) من دون أن يكون هناك أي قصة أو حبكة أو مشهد يظهر ويعلل أسباب انتحاره. بل اكتفت الأقاويل لتبرير انتحاره، بأنه شخص فاسد حاول التحايل على السلطنة. هذه الشخصية بالذات وضعت على أنها أساسية في قائمة أبطال العمل وليست شخصية ثانوية. ومع ذلك اختفت من دون أن يكون لها أي أثر أو ناتج يبرر توظيفها منذ الموسم الأول.

ومع نهاية الموسم الأول تهرب سيدة الخان "قمر" (لعبت شخصيتها سلافة معمار) برفقة خادمها "ليمون" (محمد خير الجراح) بعد أن فضح أمرها بتعاونها في قضايا نصب واحتيال مع القنصلية الإنكليزية. ومع انطلاق الموسم الثاني ووصولًا للحلقة السابعة، تظهر "قمر" في عدد من المشاهد، وهي تختبئ في البراري. إذْ يقرر رئيس الحرس "فارس" (الممثل السوري عامر العلي) بقرار من "الكيخي"، إرسال "هلال الضباع" (قام بدوره سامر المصري) لاقتفاء أثر "قمر". وفي ليلة واحدة يستطيع الإمساك بها وقتلها، وكأن شيئًا لم يكن. فتنتهي حكاية "قمر" من دون وجود أي مسوغ درامي يرتبط بحبكة العمل، يستدعي وجودها في الحلقات الأولى من الموسم الثاني، وهو ما يشكل عيباً فاضحاً آخر يضاف لمشاكل المسلسل المتعددة.

يكرِّر الجزء الثاني أخطاء الأول، حبكات تسرح من دون معالجة درامية صحيحة، وأخرى متفرعة لا تجري وفق مسار ثابت، عدا عن عائلة "رسلان" التي أظهرت تطورًا في مسارات شخصية كل فرد منها، وهم الإخوة "هلال الضباع" الذي أصبح تاجر خضروات، و"رسلان" (أحمد الأحمد) أحد كبار تجار الشام، و"هاشم" (باسم ياخور) صاحب مقلع حجارة، وشخصية "عامر" (قيس الشيخ نجيب) الذي أصبح "دفتردار" الشام. ومع ذلك، فإن هذه الشخصيات ليست بمنأى عن إيقاع العمل البطيء في سرد أحداثه، الشائك في محاوره، والتائه في فضاءات خاوية، حيث لا جدران تحيط بقصصه وتحتويها ليسترسل معها المشاهد. وكأنَّ العمل يحاول اكتشاف نفسه بدلًا من أن يكشف عن نفسه. فكل قصة لا تلبث أن تنطلق حتى تضيع وتنتهي من دون مبررات مقنعة في مكان آخر بعيد عن سياق الأحداث التي وُضِعَت لها. كما لو أن هناك إشارة توضح لنا ترقّب جزء ثالث ورابع للعمل في السنين القادمة، لجمع واستكمال خيوط الحكاية.

دلالات

المساهمون