سجال أردني حول غاز إسرائيل

سجال أردني حول غاز إسرائيل

05 سبتمبر 2014
تطبيع جديد بين الاردن واسرائيل عبر بوابة الغاز(أرشيف/getty)
+ الخط -




عاد الجدل حول التطبيع الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي للظهور بقوة في الأردن، بعد توقيع شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة، أمس الأول الأربعاء، اتفاقية مع الاحتلال لاستيراد الغاز الطبيعي لمدة 15 عاماً، في صفقة تبلغ قيمتها 15 مليار دولار.
ولحساسية الوضع في الأردن من هذه الناحية، سارعت شركة الكهرباء الوطنية إلى الإعلان عن توقيع رسالة نوايا مع الشركة الأميركية، وتحت رعاية مباشرة من واشنطن، لبحث إمكانية تزويد محطات توليد الكهرباء من الغاز المكتشف في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، دون أن تأتي على ذكر أن الغاز الذي تنوي استيراده من إسرائيل.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، محمد حامد، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الشركتين وقّعتا رسالة نوايا وهي لا تعد اتفاقاً أصلاً، على اعتبار أن مرحلة التفاوض بين الجانبين ستبدأ لاحقاً، إلى أن يتم إبرام الاتفاقية رسمياً في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأضاف أن رسالة النوايا وقعت من قبل شركتين، وأن حكومة بلاده ليست طرفاً فيها، كما أن الرسالة لم توقع مع طرف إسرائيلي وإنما مع الشركة الأميركية صاحبة حق الامتياز، وأنها ستبيع عائداتها من النفط.
وأشار الوزير الأردني، إلى أن شركة نوبل إنيرجي الأميركية وقعت قبل ذلك رسائل نوايا مشابهة مع شركتين في مصر، كما وقعت اتفاقيتين لبيع الغاز الطبيعي مع شركتي البوتاس والبرومين الأردنيتين، ومع السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك لاعتبار الموضوع عادياً، وأنه يأتي في سياق بيع الشركة الأميركية لعائداتها من الغاز.
وقال، إن شركة الكهرباء وجدت نفسها مضطرة على شراء الغاز من شركة نوبل انيرجي، في مسعى إلى الحد من خسائرها التي يُتوقع أن تبلغ 1.83 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، وذلك نتيجة لانقطاع الغاز المصري بشكل كامل منذ يوليو/ تموز من العام الماضي، وأصبحت تعتمد على الوقود الثقيل والديزل لتوليد الكهرباء.
وبيّن أن الحكومة، وانطلاقاً من حجم التحديات التي تواجه الأردن من ناحية الطاقة، سمحت لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز وبعض المشتقات النفطية من الخارج، لتلبية احتياجاتها اللازمة لعمليات الإنتاج الخاصة بها.
وقال الوزير إن "الكهرباء الوطنية" تواجه تحديات كبيرة نتيجة لذلك، متوقعاً ألا يتم استئناف ضخ الغاز المصري للأردن في المرحلة القريبة.
وأشار الوزي،ر إلى أن الأردن بحث استيراد الغاز من دول أخرى مثل قطر، ولكن استكمال المباحثات والتوصل إلى اتفاقيات يحتاج إلى الانتهاء من بناء ميناءي الغاز في مدينة العقبة جنوب البلاد، والمتوقع إنجازهما في العام 2017، عندها ستكون الخيارات متاحة أمام الأردن لتنويع مستورداته من الغاز.
وأوضح أن الغاز الذي ستستورده الشركة سيستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية للحد من خسائرها المتنامية.
وشركة الكهرباء مملوكة بالكامل للحكومة، وهي تسيطر على القرارات الإدارية فيها، بما في ذلك تعيين مجالس الإدارة وإدارتها التنفيذية، لكنها تعامل كشركة في القطاع الخاص، من حيث الأداء والتقييم وحسابات الربح والخسارة.
والشركة ذاتها هي التي ستقوم بتسديد قيمة الغاز من أصل إيراداتها كما هو حالياً، وفق الوزير. وأبدى رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، جمال قموه، في تصريح لـ:" العربي الجديد"، معارضة شديدة لاستيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي، حتى وإن كان من خلال الشركة الأميركية صاحبة الامتياز، لأن ذلك يعد تطبيعاً صارخاً مع الاحتلال ويجب العمل على وقفه.
وقال إنه سيقوم إلى جانب زملائه النواب بالضغط على الحكومة بشتى الوسائل، للحيلولة دون إبرام اتفاقية مع الشركة الأميركية والبحث عن مصادر أخرى للتزود بالغاز.
غير أنه يرى أن الدول العربية قصّرت تجاه الأردن، وأنها لم تقف إلى جانبه لحل مشكلة الطاقة، مضيفاً "لم نحصل على أسعار تفضيلية أو غيرها لتجاوز الظروف الراهنة".
وأشار إلى أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة لإبرام رسالة النوايا مع الشركة الأميركية صاحبة امتياز الغاز في إسرائيل حيث أن مشكلة الطاقة تتفاقم بشكل متسارع، وبلغت العام الماضي 6.4 مليارات دولار، تمثل ما نسبته 22% من الناتج المحلي الإجمالي.
واتفق رئيس لجنة مقاومة التطبيع التابعة للنقابات المهنية الأردنية، والتي تعد أكبر تجمع مهني وعمالي في البلاد، مناف مجلي، مع ما ذهب إليه رئيس لجنة الطاقة النيابية، حول أن الاتفاق الذي وقع بين الشركتين يعتبر تطبيعاً مع الاحتلال الإسرائيلي لا بد من مجابهته بمختلف الوسائل.
وقال في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن اللجنة ستتخذ كل الإجراءات التي من شأنها إفشال الاتفاقية، إضافة إلى استمرار مختلف الجهود لمقاومة التطبيع مع إسرائيل. منتقداً بشدة توقيع رسالة في هذا الوقت.
وتعطلت واردات الأردن من الغاز المصري منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، في أوائل عام 2011، ولم يحصل الأردن، منذ ذلك الحين، إلا على جزء بسيط من الكميات المتعاقد عليها، والتي تصل إلى نحو 3 مليارات متر مكعب سنوياً، مما اضطر الأردن إلى شراء المازوت المكلف، ليحل مكان الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء.
ويعتقد مراقبون أن يمد الجانبان الإسرائيلي والأردني، خط أنابيب غاز من إسرائيل إلى منطقة "سدوم" في الطرف الجنوبي للبحر الميت، وإلى نهاية وادي "يزرعيل" في الشمال، إلى الجنوب مباشرة من بحيرة طبريا، ويبعدان بضعة أميال من الحدود مع الأردن .
وتسيطر شركة "نوبل إنيرجي، ووحدتان تابعتان لمجموعة "ديليك" الإسرائيلية على حقل لوثيان، قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة، الذي تقدر احتياطياته بنحو 22 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

المساهمون