أميركا تشن حربا ضد التمويل المجهول لـ"داعش"

أميركا تشن حربا ضد التمويل المجهول لـ"داعش"

19 سبتمبر 2014
كيري اتهم تركيا ولبنان بمساعدة داعش علي تهريب النفط(أرشيف/Getty)
+ الخط -
تشن الولايات المتحدة الأميركية حرباً لتجفيف المنابع التمويلية لداعش، خاصة النفط، الذي تقدر عائداته اليومية بنحو مليوني دولار، وسط توقعات بأن تبلغ إيرادات التنظيم هذا العام 1.5 مليار دولار، بحسب تقرير لمؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي، صدر مطلع سبتمبر/أيلول الجاري.
وبدأ جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، هذه الحرب من اجتماع عقدته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، لبحث مدى تعاون تركيا ولبنان مع جهود وقف تهريب نفط داعش.
وقال جون كيري، خلال الاجتماع، إن تنظيم الدولة الإسلامية، يستمد قوته المالية من سيطرته على بنك الموصل ومن تهريبه للنفط المستخرج من الحقول التي يسيطر عليها، عبر تركيا أو لبنان، لكنه أكد تعاون هذين البلدين مع الجهود الأميركية للقضاء على داعش.
ورأى كيري أنه "لا توجد دولة ما تقوم بدعم تنظيم داعش حالياً"، مؤكداً "خطورة التهديد الذي يمثله داعش للجميع، وضرورة هزيمة التنظيم".
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن تركيا ولبنان " تتعاونان مع جهود الولايات المتحدة بهذا الخصوص، إلا أن تركيا تعاني من الصعوبة المتمثلة في وجود 49 من مواطنيها رهائن في يد تنظيم الدولة"، مشيرا إلى "استمرار اللقاءات بين المسؤولين الأميركيين والأتراك بهذا الخصوص".
وأشار كيري إلى أن أكثر من 50 دولة تتفق مع موقف بلاده من داعش، مشيرا إلى عقد لقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الجهود الأميركية لتشكيل تحالف واسع للقضاء على هذا التنظيم.
وفي أول رد فعل على تصريحات كيري بشأن نفط داعش، أبدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رفضا مطلقا لتصريحات كيري، واصفا التلميح إلى دعم أنقرة للإرهاب بـ"الوقاحة والسفه". وقال أردوغان إن "إظهار تركيا كما لو أنها دولة تدعم الإرهاب وتغض الطرف عن الممارسات الإرهابية، ما هو إلا وقاحة وسفاهة".
وتابع قائلا: "بعض الجهات تتهم تركيا باستيراد النفط من المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش، تارة، وتقديم السلاح والخدمات الطبية تارة أخرى". وأضاف: "نحن أكدنا ونؤكّد أن هذا غير ممكن على الإطلاق".
ونفى وزير الطاقة التركي، تانر يلدز، أمس، أن تكون بلاده قد اشترت أي نفط من تنظيم "داعش".
ولم يصدر حتى ظهر أمس الخميس أي رد فعل رسمي لبناني على تصريحات جون كيري. وفي سياق متصل، أقر وزير الخزانة الأميركي، جاك لو، بأن وقف التمويل عن داعش أمر "معقد"، غير أنه شدد على أن "واشنطن تعمل مع الأسرة الدولية من أجل "قطع" التمويل الذي يحصل عليه تنظيم الدولة الإسلامية".
وقال الوزير الأميركي إنه "من المهم جدا التعاون مع شركائنا في العالم من أجل تحديد ومحاولة قطع ما يمكن من تدفق التمويل" لتنظيم الدولة الإسلامية.
غير أنه اعترف بأن هذه العملية "معقدة لأنها ليست شفافة ولا يعرف أيضا مصدر هذا المال ولا الطريقة التي يصل من خلالها"، قبل أن يضيف قائلا: "لكننا نعمل على الامر ونقوم بكل ما يمكننا القيام به من اجل الحد من التدفق المالي هذا".
وتكشف تصريحات الوزير الأميركي عن حيرة الدول الغربية بشأن التدابير المطلوب اتخاذها لتجفيف منابع تمويل تنظيم الدول الإسلامية، رغم أن تقارير إخبارية عدة اعتبرت النفط أكبر مورد مالي لهذا التنظيم بخلاف تنظيم القاعدة الذي كان يعتمد بشكل شبه حصري على الهبات.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن داعش تتخذ من المناطق الشاسعة التي تسيطر عليها فضاء واسعا لتنويع مصادر تمويلها، عبر عمليات الابتزاز والخطف، والاتجار في القطع الأثرية، إضافة إلى تهريب النفط.
ويصعب تركيز داعش على المناطق الخاضعة لسيطرتها مهمة الدول الغربية في تجفيف مصادر تمويل التنظيم، وفق إيفان يندروك، المحلل في مكتب جينز للاستشارات.
فرغم أن العقوبات التي أقرتها أكثر من 160 دولة على داعش، نجح في نهاية المطاف في الحد من قدرة القاعدة على الحصول على اموال عبر مؤسسات خيرية ومصارف، بحسب المحلل نفسه، فإن هذا الأسلوب لن يكون مجديا إزاء تنظيم الدولة الإسلامية، لأنه يعتمد في تمويله على المناطق الخاضعة له.
وقال يندروك: "إذا كان بوسع عقوبات مشددة الحد نوعا ما من تحويل الأموال إلى تنظيم الدولة الإسلامية من خارج العراق وسوريا، فإنه من الصعب للغاية تقليص مصادر التمويل داخل مناطق سيطرته من حقول نفطية وشبكات إجرامية وعمليات تهريب"، ما جعل منه التنظيم الجهادي الأكثر غنى في العالم.
وتكشف تصريحات جون كيري بشأن تهريب نفط داعش عبر تركيا أو لبنان عن توجه الإدارة الأميركية إلى محاصرة نفط التنظيم باعتباره أهم مورد مالي لأبو بكر البغدادي، الذي يسيطر على 11 حقلا نفطيا في شرق سورية وشمال العراق.
وتقوم خطة داعش لتسويق نفطه على بيعه مقابل 25 إلى 60 دولاراً للبرميل مقابل مبالغ نقدية ومنتجات مكررة، بحسب تقارير إخبارية. ويقدر خبراء عائدات نفط داعش بنحو مليوني دولار يوميا.
ورغم سيطرة التنظيم على مناطق شاسعة من سورية والعراق، فإن هاورد شاتز، خبير الاقتصاد في مركز راند كوربوريشن للأبحاث يرى، إمكانية الحد من عمليات بيع النفط إذا ما شددت تركيا والأردن إجراءات مراقبة الحدود أو تم التعرف إلى الوسطاء الذين يؤمنون عمليات التهريب".
وبالإضافة إلى النفط، يسيطر "داعش" على نحو خُمس المساحات المزروعة بالقمح في العراق وعدد كبير من صوامع تخزين القمح في مناطق "سهل نينوي" جنوب الموصل، ومزارع الأسماك بمنطقة البحيرات الموجودة في مدينة "بابل" جنوب بغداد، والاتاوات والرسوم التي يفرضها على رجال الأعمال والشركات في المناطق التي يسيطر عليها، وكلها مصادر تمويل ذاتي تدر دخلاً لا يقل عن ثلاثة ملايين دولار شهرياً، وفق متوسط التقديرات.

المساهمون