"اهدار الطعام" أحد اسباب اختلال الاقتصاد العالمي

"اهدار الطعام" أحد اسباب اختلال الاقتصاد العالمي

28 فبراير 2014
"اهدار الطعام" أحد اسباب إختلال الإقتصاد العالمي
+ الخط -


تؤكد إحصاءات التجارة العالمية أن الإنتاج العالمي للمأكولات كاف لإطعام سكان الكرة الأرضية برمّتها، وعلى الرغم من ذلك يخلد 842 مليون شخص إلى النوم كل ليلة وهم جائعون. ويكشف تقرير البنك الدولي الصادر عن شهر فبراير/ شباط من العام الجاري حول "مراقبة الغذاء العالمي" ان ما بين ربع وثلث الغذاء العالمي المنتج للاستهلاك البشري يُهدر كل عام. أي ما يوازي حوالي 4 مليارات طن من الأغذية سنوياً يتم هدرها عالمياً، ما يعمق الاختلالات الاقتصادية، ويزيد الإنفاق الحكومي على معالجة أسباب الفقر في البلدان النامية.

وبعكس ما يمكن تقديره، فإن هدر الغذاء العالمي لا يقوم به فقط المستهلكون. فإذا كان جزء كبير من الهدر يجري في مرحلة الاستهلاك (35%)، فإن الدورة الاقتصادية للمنتج الغذائي لها أيضاً مساهمات في الهدر. إذ إن 24 في المئة من الغذاء المهدور يتم خلال عملية الإنتاج. إضافة الى 24 في المئة في مرحلة التسليم والتخزين.

تفاوت الهدر بين الدول

ويلحظ تقرير البنك الدولي أنه هناك اختلافات ملحوظة بين الدول المتقدمة والنامية وبين المناطق في حجم الهدر الحاصل. عموماً، نحو 56% من إجمالي هدر الأغذية والمواد الغذائية يحدث في العالم المتقدم. أمّا النسبة المتبقية أي 44% فهي تعود للدول النامية. أما الأكثر غرابة، فهو أن آسيا وأفريقيا تستحوذان على نحو 67 في المئة من كل الغذاء الذي يُفقَد أو يُهدَر على مستوى العالم، برغم الفقر المستشري في دول هاتين القارتين.

وتهدر دول أميركا الشمالية والأوقيانوسية قرابة نصف ما تنتجه أو ما نسبته 42 في المئة. ويتبين أن أكثر من نصف الغذاء المهدور في البلدان المتقدمة يحدث خلال مرحلة الاستهلاك، وفي العادة نتيجة لقرار متعمد بالتخلص من الغذاء. في المقابل، تفقد البلدان النامية، في المتوسط، ما بين 120 و220 كيلوغراماً من الغذاء للفرد سنوياً.

أسباب الهدر ونتائجه

ويصف عدد فبراير/شباط 2014 من تقرير مراقبة أسعار الغذاء، هذه الإحصائيات بأنها "مدهشة". فهدر الغذاء يخلق مخاطر على الأمن الغذائي ويزيد من حالات الفقر. أما نتائجه الاقتصادية فهي تطاول المجتمع بأسره. إذ يعبّر هدر الغذاء عن تدني كفاءة استخدام الموارد الإنتاجية. فضلاً عن ذلك، يمثِّل فقدان الغذاء وهدره استثمارات مُبدَّدة في الزراعة، ويخلق أوجه قصور هائلة في استخدام المياه والطاقة والأسمدة والأراضي. ويؤدي إلى انخفاض دخول المزارعين (الصغار في العادة)، ويجبر في الوقت نفسه المستهلكين (الفقراء) على زيادة إنفاقهم لتأمين حاجاتهم الأساسية من الطعام.

وتشمل الأسباب الرئيسية لهدر الغذاء عدم وجود خطط زراعية متزنة، والخلل في البنية التحتية والنقل، فضلاً عن مرافق التخزين السيئة هندسياً. كذلك، يربط التقرير ما بين هدر الطعام والممارسات التجارية والعوامل الثقافية. على سبيل المثال، في البلدان المتقدمة تقوم السياسات الشرائية على زيادة العروض وتحفيز الحملات الإعلانية التي تشجع الاستهلاك عبر ممارسة ضغوط سلوكية بين المستهلكين لشراء كميات من الطعام تفوق حاجاتهم.

على مستوى الأسرة، في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، معدل هدر الغذاء في أسرة مكونة من أربعة أشخاص يصل الى 1600 دولار أميركي و1001 دولار أميركي في السنة في مرحلة الاستهلاك، والمؤشرات تقول إن حجم الهدر سيرتفع مع مرور الوقت.

بين الهدر وأسعار الغذاء

ومن ناحية التوزيع الإجتماعي للمستهلكين الذين يهدرون الغذاء، يتبين أن الفئات ذات الدخل المنخفض في تركيا وجنوب افريقيا واوستراليا تهدر من الطعام أقل من الفئات ذات الدخل المرتفع. لا بل تبين المؤشرات أن الأسر ذات الدخل المرتفع تنتج كميات أكبر من الغذاء المهدور في مقارنة مع الأسر الأفقر.

وفي مقابل الهدر الحاصل للغذاء، واصلت أسعار السلع الغذائية المتداولة عالمياً في الانخفاض بنسبة 3 في المئة بين أكتوبر/ تشرين أول 2013 ويناير/ كانون الثاني 2014. ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن امدادات محاصيل القمح والذرة والأرز ارتفعت، كما تُعتبر المخزونات العالمية أكثر قوة على خفض الأسعار.

لكن، حتى الآن، الأسعار الدولية لا تزال غير بعيدة عن الذروة التاريخية التي بلغتها. إذ تتواصل الضغوط المتصاعدة من مخاوف الطقس وزيادة الطلب، والمخاطر الهبوطية من تأثير أسعار التصدير لبرنامج مشتريات الأرز. وبالتالي لا تزال الأسعار بحاجة إلى مراقبة قبل استنتاج مصيرها المستقبلي.