انهيار "الصخري الأميركي" في 2016

انهيار "الصخري الأميركي" في 2016

02 يناير 2016
مدن في تكساس باتت خاوية من الأعمال التجارية (Getty)
+ الخط -

رغم قرار السماح بتصدير النفط الأميركي، من المتوقع أن تستفحل أزمة شركات النفط الصخري في العام الجديد 2016، وربما تتبخر معها أحلام الإدارة الأميركية في الاستغناء عن النفط العربي وتحقيق " استقلالية" أمن الطاقة عبر الاكتفاء الذاتي. وتشير تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن إنتاج النفط الصخري سينخفض خلال العام الجاري بنسبة 12% ولكن في بعض أماكن الحفر الرئيسية سينخفض بنسبة 30%. ومن بين الآبار الكبرى والمهمة في إنتاج النفط الصخري، حقل " إيغل فورد" في ولاية تكساس. وحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن إنتاج هذا الحقل سيبدأ بالانخفاض خلال شهر يناير/ كانون الثاني الجاري بنسبة تفوق 30%، أي أن الإنتاج سينخفض حوالى 500 ألف برميل يومياً من معدل 1.7 مليون برميل يومياً إلى 1.2 مليون برميل يومياً. وتشير تقديرات إدارة الطاقة الأميركية إلى أن إجمالي إنتاج النفط الصخري في أميركا سيتدهور خلال العام الجاري من مستوياته العليا في مارس/ آذار الماضي البالغة 5.3 ملايين برميل يومياً إلى 4.67 ملايين برميل يومياً. ولكن خبراء في صناعة الطاقة يرون أن انخفاض إنتاج النفط الصخري سينخفض بمعدل أعلى من ذلك خلال العام الجاري. ويرى خبراء أن إنتاجية النفط الصخري ستنخفض بحلول العام 2025 بنسبة تتراوح بين 80 و90% . وهو ما سيعني انهيار صناعة النفط الصخري التي كانت أميركا تعول عليها كثيرا في استقلالية أمن الطاقة.
وكدليل على استفحال أزمة شركات النفط الصخري، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الصادرة مساء الخميس أن شركات الطاقة الأميركية خفضت عدد منصات الحفر النفطية لسادس أسبوع في الأسابيع السبعة الماضية في علامة على انها تنتظر ارتفاع أسعار الخام للعودة الى رؤوس الآبار. وكانت بورصة "وول ستريت"، قد أجرت مراجعة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني لإعادة تقييم شركات النفط الأميركية، بخاصة شركات النفط الصخري التي كانت تضع في حسابات أصولها احتياطات نفطية مؤكدة قابلة للاستخراج قبل عامين، ولكنها لم تعد ذات جدوى استخراجية بعد انخفاض أسعار النفط إلى حوالى 37 دولاراً للبرميل في نهاية العام ووسط توقعات انهيار الأسعار إلى 30 دولاراً خلال الشهور المقبلة.

وبالتالي، فالتوقعات تشير إلى احتمال تزايد إفلاسات شركات النفط الصخري الأميركية خلال العام الجاري وإحداث ضغوط على سوق سندات الدين الأميركي.
ورغم اتخاذ الإدارة الأميركية لقرار الكونغرس الأميركي، السماح بتصدير النفط الأميركي ، فإن هذا القرار من غير المتوقع أن يساهم في حل أزمة شركات النفط الصخري، بسبب اختفاء الفارق بين سعري خام برنت وخام غرب تكساس الذي يعد مقياساً للنفط الصخري الخفيف الذي تنتجه الشركات الأميركية من آبار النفط الصخري. وأنخفض سعر خام برنت في بورصة لندن بنهاية العام الماضي إلى ما يساوي تقريباً سعر خام غرب تكساس. وهو ما يعني أن الشركات الأميركية ستخسر في حال تصدير النفط الصخري إلى أوروبا، لأنها ستتكبد كلفة الشحن البالغة 3 دولارات من الموانئ الأميركية إلى الموانئ الأوروبية.
ومن المتوقع أن تصدر شركات النفط الأميركية بناء على قرار السماح بالتصدير، خامات النفط الصخري، وليس الخامات الثقيلة. ويعود ذلك إلى أن النفط الصخري الأميركي من نوعية الخام الخفيف الحلو، الذي يطلق عليه" سويت كرود". وهذا النوع من الخامات يقل استهلاكه في المصافي الأميركية، لأن معظمها قديم وكانت مصممة ولا تزال لاستهلاك النفط السعودي والفنزويلي والمكسيكي من نوعيات الخامات الثقيلة. وبالتالي فإن المصافي الأميركية لا تحتاجه وإنما يزيد الطلب عليه من قبل المصافي الحديثة في آسيا وأوروبا.

اقرأ أيضا: أميركا تصدر أول شحنة نفط إلى الخارج

ويتنافس النفط الأميركي بشكل مباشر مع خام برنت الخفيف، بخاصة الخامات التي تنتج في نيجيريا والجزائر، وبالتالي ستجد هذه الدول منافسة شرسة من خامات النفط الصخري المصدرة.
ويذكر أن المصافي الأميركية عادت خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي إلى استيراد النفط العربي مرة أخرى والتعاقد مع شركات عراقية وخليجية لشراء كميات من النفط، بلغت في بعض العقود أكثر من 600 ألف برميل يومياً، حسب معلومات أميركية.

وفي ذات الصدد قالت إدارة معلومات الطاقة الاميركية في تقرير شهري صدر مساء الخميس إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام أنخفض بمقدار 113 ألف برميل يومياً في أكتوبر/ تشرين الأول إلى 9.347 ملايين برميل يومياً. ووفقا لبيانات الإدارة فإن هذا هو أدنى مستوى لانتاج النفط الأميركي منذ يونيو/حزيران. وعدلت الإدارة إنتاج النفط في سبتمبر/أيلول بزيادة قدرها 71 ألف برميل يومياً إلى 9.46 ملايين برميل يومياً.
وقالت إن صادرات النفط الخام الأميركية ارتفعت إلى 500 ألف برميل يومياً في أكتوبر/تشرين الأول من 409 آلاف برميل في الشهر السابق. وتراجع إجمالي صادرات المنتجات النفطية المكررة إلى 2.692 مليون برميل يومياً من 2.829 مليون برميل في سبتمبر/أيلول. وقالت إدارة معلومات الطاقة إن إجمالي الطلب الأميركي على النفط في أكتوبر /تشرين الأول انخفض 1.7 بالمئة -أو 341 ألف برميل يوميا عن مستواه قبل عام- إلى 19.35 مليون برميل.
وكدليل على استفحال أزمة شركات النفط الصخري، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الصادرة مساء الخميس أن شركات الطاقة الأميركية خفضت عدد منصات الحفر النفطية لسادس أسبوع في الأسابيع السبعة الماضية في علامة على انها تنتظر ارتفاع أسعار الخام للعودة إلى رؤوس الآبار.
وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة إن شركات الحفر أزالت حفارين نفطيين في الأسبوع المنتهي في 31 ديسمبر /كانون الاول لينخفض إجمالي عدد الحفارات قيد التشغيل إلى 536. وبذلك الانخفاض فإن إجمالي عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل انخفض بحوالي الثلثين عن مستواه قبل عام عندما كان يبلغ حوالي 1500 حفار. ومنذ نهاية الصيف أوقفت شركات الحفر تشغيل 136 حفارا نفطياً. وأصدرت بيكر هيوز تقريرها قبل يوم من الموعد الأسبوعي المعتاد بسبب عطلة العام الجديد يوم الجمعة.
ولا تنحصر مشكلة شركات النفط الصخري فقط في انهيار أسعار النفط ولكنها تمتد إلى عمر إنتاجية الآبار ومعدلات الإنتاج. وحسب تقرير هيئة المساحة الجيولوجية في أميركا، فإن آبار النفط الصخري تعاني من مشكلة النفاد السريع مقارنة بحقول النفط التقليدي، حيث ينخفض الإنتاج في حقول النفط الصخري بنسبة تصل إلى 72% في العام الأول من بدء الإنتاج. وهذا العامل يضطر شركات النفط الصخري إلى مواصلة حفر آبار جديدة حتى تتمكن من الحفاظ على معدلات إنتاجية النفط الصخري. ولكن مع انهيار أسعار النفط وتعمق الآزمات المالية لشركات النفط الصخري لا تتوفر لدى هذه الشركات السيولة الكافية أو الحصول على تمويلات جديدة من البنوك أو أسواق السندات للاستمرار في حفر آبار جديدة.

اقرأ أيضا: التصدير يضع شركات النفط الأميركية في مأزق

المساهمون