الأسعار والبطالة والتقاعد هواجس المغاربة في 2015

الأسعار والبطالة والتقاعد هواجس المغاربة في 2015

28 ديسمبر 2014
تظاهرة للمزارعين المغاربة ضد قرار يعرقل صادراتهم للقارة العجوز(أرشيف/AFP)
+ الخط -

تعبر الحكومة المغربية إلى العام المقبل، بثقة استمدتها من تراجع سعر النفط والأمطار الأخيرة التي تبشّر بموسم زراعي قوي، غير أن الكثير من المخاوف تطفو على السطح حول ارتفاع الأسعار جراء المضيّ في تحرير أسعار المحروقات والقرارات التي التزمت الحكومة باتخاذها في ملف التقاعد، ما يثير حفيظة الاتحادات النقابية.

ورغم إقراره بأن النفط والأمطار يمكن أن يسعفا الحكومة كي تجتاز العام المقبل بسلام، ينبّه الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنهما عاملان لا تتحكّم فيهما الحكومة.

وبنت الحكومة توقعات موازنة العام المقبل على أساس برميل نفط بـ103 دولارات، لكنها تلقت

في الأسابيع الأخيرة خبراً سعيداً بتهاوي سعر النفط إلى مستويات تدفعها إلى تدبير الموازنة بشكل يساعدها على حصر العجز في حدود لا تتعدى 4.9% من إجمالي الناتج المحلي، علماً أن وزارة الاقتصاد والمالية سبق لها أن عبّرت عن نيتها في الاقتراض من الخارج.

لكن حين التساؤل حول إمكانية مساهمة الأمطار الأخيرة في تحقيق محصول حبوب يساعد على بلوغ معدل نمو اقتصادي يتجاور سقف 4.4% من الناتج الإجمالي المحلي البالغ 104 مليارات دولار، يشير الشيكر إلى أن ذلك غير مضمون، مؤكداً أن "الدراسات حول المناخ وموجات الجفاف التي تضرب المغرب، تفيد بأن أهم التساقطات المطرية هي تلك التي يعرفها المغرب بين أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول من كل عام، بينما يبقى الرهان الأكبر للمزارعين الذين يعتمدون في زراعة الحبوب على الأمطار التي تهطل في شهر مارس/ آذار، لأنها تكون حاسمة في تحديد مستوى محصول الحبوب الذي يتميّز بعدم الاستقرار من سنة لأخرى بسبب ضعف التوزيع الزمني للأمطار على مدى العام الزراعي".

وأضاف الشيكر أن المغرب يعوّل كذلك على القطاعات غير الزراعية من أجل بلوغ معدل النمو التي تراهن عليه الحكومة، "هذا ما يمكن أن يساعد خطة التنمية الصناعية التي رصدت لها الحكومة عبر الموازنة 3 مليارات درهم (335 مليون دولار)".

ويتطلع رجال الأعمال المغاربة إلى تحسن بيئة العمل في القطاع الخاص، بفضل قرار مصرف المغرب المركزي الأخير بخفض معدل الفائدة الرئيسي، ما يمكن أن يقنع المصارف بإقراض الشركات التي تجد صعوبات كبيرة في الحصول على السيولة اللازمة لإنجاز مشاريعها، خاصة في قطاعات نالت منها الأزمة الاقتصادية التي لم يسلم منها المغرب.

ورغم تواصل ضعف طلب الاتحاد الأوربي، الشريك الرئيسي للمغرب، يتوقع مرصد التجارة الخارجية التابع للشركة العالمية "أولر هيرمس"، المتخصصة في مجال تأمين القروض والصادرات، ارتفاع صادرات المغرب من الخدمات والسلع بنحو 3.6%، تعادل حوالي 8.4 مليارات درهم (925 مليون دولار)، مقارنة بعام 2015.

ويوضح بأن هذا التوقع يستحضر ظرفية اقتصادية عالمية مطبوعة بتعدد المخاطر التي تؤثر على المقاولات، خاصة المخاطر المرتبطة بركود طلب البلدان الناشئة.

وينتظر أن يتدخل عاملان بشكل حاسم في التأثير على تراجع عجز الميزان التجاري في العام المقبل، فهناك من جهة تراجع فاتورة مشتريات النفط بفعل تهاوي الأسعار الدولية، وهناك من جهة أخرى، انتعاش الطلب على الفوسفات ومشتقاته، في ظل سعي دول مستوردة إلى إعادة تكوين مخزونها من الفوسفات، علماً أن المغرب يعتبر أول مصدر لذلك المعدن الذي يسعى إلى تحويله لإنتاج الحامض الفوسفوي والأسمدة التي ساهمت بشكل حاسم في الحفاظ على عائدات الفوسفات في المستويات التي يتطلع إليها المغرب.

وحسب بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية في المغرب، انخفض عجز الميزان التجاري، في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الحالي، إلى 18.8 مليار دولار، مقابل 20.2 مليار ولار في الفترة نفسها من العام الماضي، متراجعاً بنسبة 6.8%.

ويرتقب أن يساهم خفض فاتورة النفط وانتعاش عائدات الفوسفات ومشتقاته وصادرات السيارات ومنح دول الخليج وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين المغاربة، في الحفاظ، في العام المقبل، على رصيد من النقد الأجنبي في المستوى الذي يتطلع إليه مصرف المغرب المركزي، الذي يراهن على أن تغطي صادرات السلع والخدمات خمسة أشهر وعشرة أيام من الواردات في العام المقبل.

لكن في الوقت الذي يتمنى مغاربة تراجع سعر النفط وتواصل التساقطات المطرية، لن يكف آخرون عن تتبّع أداء الأسعار، فمع اعتراف رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، بتأثير أسعار النفط والتساقطات المطرية على تباطؤ ارتفاع أسعار بعض السلع، إلا أنه يذكّر بالإجراءات الضريبية التي سنّتها الحكومة في قانون موازنة العام المقبل، التي تقضي بزيادة الضريبة على القيمة المضافة على العديد من السلع ذات الاستهلاك الواسع.

في الوقت ذاته يتوقع مراقبون زيادات في أسعار بعض السلع والخدمات بفعل تحرير سعر المنتجات النفطية، وهو ما ينتظر أن يتجلى على مستوى قطاع النقل بفعل تحرير سعر السولار.
وبعيداً عن الاعتبارات التي لها علاقة بقرارات الحكومة التي تفضي إلى رفع الأسعار، يدعو الخراطي إلى استحضار دور الوسطاء في النيل من القدرة الشرائية للمغاربة.

وفي ظل ارتفاع معدل البطالة إلى 9.6%، بما يتجاوز طموح الحكومة بخفضه إلى 8% في

2016، يُنتظر أن تكشف وزارة التشغيل عن خطة لتوفير فرص عمل جديدة.

غير أن مصدراً قريباً من وزارة التشغيل، فضّل عدم ذكر اسمه، أكد لـ"العربي الجديد"، أن الظروف الحالية لا تحتاج إلى خطط، بل إلى قرارات تستجيب لانتظارات العاطلين، خاصة أن الحكومة ليس أمامها إلا عام ونصف على نهاية ولايتها، علماً أن السنوات الأخيرة ترسخت فيها حقيقة مفادها أن النمو لا يفضي إلى خلق ما يكفي من فرص عمل في المغرب.

وفيما يترقب الكثيرون أن تحسم الحكومة أمرها حول إصلاح نظام التقاعد، الذي أثارت مقاربة الحكومة له غضب الاتحادات العمالية التي تطالب بالحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين، يتوقع آخرون أن تميل الحكومة إلى البحث عن توافق حول ذلك الملف مع النقابات، فيما يُنتظر أن يخفف رجال الأعمال ضغطهم من أجل سن قانون ينظم الإضراب.

وفي جميع الحالات، يتصور رئيس الاتحاد الوطني للقطاع الفلاحي، محمد هاكش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن موازين القوى الانتخابية ستكون حاسمة في تحديد طريقة تعاطي الحكومة مع العديد من الملفات الاجتماعية "الحارقة" في العام المقبل.

المساهمون